المتقاعدون العسكريون اولا.. ومتقاعدو الضمان...؟
قد يبدو الحديث والكتابة بهموم ومعاناة المتقاعدين ومن وجهة نظر البعض انه حديث بامر مجموعة من الافراد انتهت فترة قدرتهم على العمل والعطاء ، وهم ينتظروا اجلهم الذي لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى. المتقاعدين بالاردن تختلف مواقع عملهم، فمنهم من عمل بالقطاع العام الذي تشرف عليه الدولة ، ومنهم من عمل بالاجهزة الامنية بمختلف صنوفها ، وهناك من عمل بالقطاع الخاص ايضا بمختلف قطاعاته.
تحظى الاجهزة الامنية برعاية ملكية خاصة ، حيث يصفهم جلالة الملك برفاق السلاح، كون جلالته خدم بالقوات المسلحة بعد ان انهى دراسته العسكرية بكلية ساندهيرست البريطانية، وخدمته بالقوات المسلحة لم تكن بسيطه قبل توليه الحكم اثر وفاة الملك حسين رحمه الله ، ونعلم جميعا طبيعة الخدمة العسكرية وخاصة الوحدات المقاتلة وحماية الحدود، وهناك بالاجهزة الامنية من تفرض طبيعة عملهم شكل اخر لا يرقى لمستوى المقاتلين وحماة ثغور الوطن ، فهناك الخدمات الطبية والاعمال الادارية كل ذلك ينطبق ايضا على من يخدموا بالامن العام والدرك والذين تم دمجهم مؤخرا تحت مسمى الامن العام .
ايضا القطاع الخاص فيه من الوظائف التي تتوفر فيها جميع وسائل الراحة ، وهناك اعمال دون ذلك وتصل الى العمل باجواء حارة بالصيف او باردة بالشتاء ، او امام الات تطلق غازات او افران صهر المعادن المختلفة ،او بالمناجم والكسارات باجواء مغبرة ، او ما يعرف بالمهن الخطرة وهي مصنفة ومحددة بموجب القانون .
ومن المؤسف حقا ان متقاعدي الضمان الاجتماعي لم يكونوا محل رعاية واهتمام من اي جهة كانت لتكون صوتهم الامين ، بالرغم من انهم خدموا بمؤسسات وطنية وساهموا برفد الاقتصاد الوطني ،عدا ما كانت تحققه الشركات التي عملوا فيها من ارباح ، الى ان تم انشاء الجمعية الاردنية لمتقاعدي الضمان الاجتماعي عام 2009 ، لتتولى الجمعية الدفاع عن قضايا وهموم متقاعدي الضمان الاجتماعي ، والتي على راسها التامين الصحي ،والذي تنوي المؤسسة تطبيقه اعتبارا من العام الحالي ، ويترافق مع ادخال تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي ايضا ، والتامين بشكله المقترح يلقى معارضة شديدة كونه يقتصر بتغطية العلاج داخل المستشفى فقط ، ولمتقاعدي الضمان الاجتماعي هموم كثيرة ونذكر منها ايضا ضعف رواتبهم ، حيث تشير بيانات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بتفاصيل واضحة بهذا الخصوص ، حيث هناك اعداد كثيرة رواتبهم دون مبلغ 700 دينار اذا ما اعتبرنا هذا الراتب يغطي احتياجات الاسرة المعيشية فقط .
جلالة الملك حفظه الله ورعاه يوجه الحكومات دوما بالاهتمام بالمواطنين، وكم من المرات صدرت توجيهات ملكية للحكومات المتعاقبة بتوفير حياة كريمة للجميع، وكما ذكرنا سابقا بالمكانة التي تحظى بها الاجهزة الامنية بكافة صنوفها لدى جلالة الملك حفظه الله ورعاه ، فان سرعة استجابة الحكومات لتوجيهات جلالة الملك فيما يخص الاجهزة الامنية سريعة ، ولو اردنا حصرها لعرفنا مدى الحرص الملكي على رعاية الاجهزة الامنية والقوات المسلحة والمتقاعدين من تلك الاجهزة ، وبالرغم من ما تعانيه موازنة الدولة من عجز دائم الا ان حرص الحكومات بتوفير مصادر مالية لتحسين رواتب العاملين والمتقاعدين لتحسين رواتبهم تكون سريعة وسهلة .
ونذكر هنا توجيه جلالة الملك بعد ان تم تعديل قانون الضمان الاجتماعي عام 2019 ، ان اصدر توجيهات بالعمل على تحسين الرواتب ، وقامت الحكومة وبالرغم مما كانت عليه الاوضاع بذلك الوقت بتحسين الرواتب بما فيها رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين ، ولكن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ادارت الظهر لتوجيهات جلالة الملك وتذرعت بما ينص عليه قانون الضمان الاجتماعي بالمادة رقم (89)،وتم رفع الرواتب الاساسية لعدد محدود من متقاعدي الضمان الاجتماعي ، ولم تطال الزيادة جميع متقاعدي الضمان خلافا للتوجيهات الملكية .
لا ندري ومع تقديرنا وحبنا لاجهزتنا الامنية والقوات المسلحة والدور الذي تقوم به بحماية الوطن من عبث العابثين ، الا ان متقاعدي الضمان الاجتماعي لا يمكن انكار دورهم برفد الاقتصاد الوطني بايرادات ضخمة ، الامر الذي يستدعي العمل على تحسين الرواتب التقاعدية المتدنية ، وهذا امر ملح وضروري فكما قواتنا المسلحة حماة الديار فمتقاعدي الضمان هم بناة الديار ، ولا ننسى القول المعروف يد تبني ويد تحمل السلاح.