استقالته شغلت الشارع السوداني.. فمن هو حمدوك؟



أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ليل الأحد/الاثنين، استقالته من منصبه، بعد أشهر صعبة ومريرة مرت على البلاد وعليه أيضا.

فعقب أيام من الشائعات والأخبار المتضاربة حول استقالته، اتخذ الاقتصادي المرموق خطوته التي انتظرها باكرا جزء كبير من قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية له، والتي وجهت إليه انتقادات جمة منذ توقيعه الاتفاق السياسي مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 21 نوفمبر 2021 مثبتا الشراكة السياسية في حكم البلاد انتقاليا مع المكون العسكري، بعد سلسلة الإجراءات الاستثنائية وفرض حالة الطوارئ يوم 25 أكتوبر الماضي.

 

رجل اقتصاد
عمل حمدوك الذي درس الاقتصاد بجامعتي الخرطوم ومانشستر، قبل أن يصبح رئيسا للوزراء في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا والبنك الإفريقي للتنمية ومستشارا خاصا لبنك التجارة والتنمية في إثيوبيا.

إلا أن بلاده نادته بعد الثورة، فاختاره مجلس السيادة وهو هيئة حاكمة تشكلت من المدنيين والعسكريين للإشراف على الانتقال الديمقراطي بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، رئيسا للحكومة في أغسطس 2019، ليؤكد إثر توليه منصبه أن من أولوياته حل الأزمة الاقتصادية العميقة وعبء الدين العام الخانق ونشر السلام في ربوع البلاد بعد حروب أهلية طويلة.
 

لذا هم سريعا إلى بدء محادثات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لبحث إعادة هيكلة ديون السودان.

قائمة الإرهاب
كما بدأ محادثات مع الولايات المتحدة لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو التوصيف الذي كان سببا في عزل البلاد عن النظام المالي العالمي منذ 1993، فخرج من تلك القائمة عام 2020.

وخلال الفترة التي رأس فيها الحكومة، قبل صندوق النقد إدراج بلاده ضمن مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون بناء على التزام الخرطوم بإصلاحات على صعيد الاقتصاد الكلي.

فأدى ذلك إلى تأهل السودان أخيرا للإعفاء من ديون والحصول على أموال جديدة.

أبرز الإصلاحات
ولعل من أبرز الاصلاحات الاقتصادية الرئيسية التي عمل حمدوك على تنفيذها رفع الدعم عن الوقود الذي كان يكلف الدولة عدة مليارات من الدولارات سنويا، وتخفيض قيمة العملة السودانية وتعويمها.

إلى ذلك، سعى إلى فرض سيطرة الحكومة على الشركات المملوكة لقوى الأمن.

إلا أنه قبل أسابيع قليلة من إجراءات 25 أكتوبر التي حلت بموجبها القوات العسكرية الحكومة، اعترف حمدوك بالصعوبات الناجمة عن الإصلاحات لكنه أبدى أمله أن يظهر أثرها الإيجابي بسرعة. وقال إن الشعب السوداني دفع ثمنا غاليا للإصلاحات وإنه لابد من تحقيق تطلعاته.
 
اتفاق مع البرهان
كما قدم مع تزايد التوتر بين الجيش والمدنيين في الإدارة المشتركة خلال سبتمبر، خارطة طريق للخروج من الأزمة، موضحا أنه ليس محايدا أو وسيطا في النزاع بل إن موقفه الواضح والثابت هو الانحياز الكامل للانتقال الديمقراطي المدني.

فحقق له موقفه هذا تأييدا شعبيا. وخلال المظاهرات احتجاجا على الانقلاب رفع المتظاهرون صور حمدوك وعلقوا لافتات عليها صوره.

لكن بعد توقيع اتفاق للعودة رئيسا للوزراء في نوفمبر الماضي، و"حقنا للدماء" كما قال حينها، شكلت خطوة عارضها كثير من المحتجين والشخصيات السياسية التي أيدته في السابق، وأفقدته إلى حد بعيد حاضنته السياسية المدنية.

ومع تعثر التوصل لاتفاق مع كافة القوى السياسية في البلاد، وتشكيل حكومة جديدة مدنية، رفع حمدوك على ما يبدو أصابعه العشرة، معلنا الاستقالة!