خاص - يلمس المتابع لجلسات مناقشة التعديلات الدستورية في مجلس النواب غياب المنطق عن تلك الجلسات، فبالرغم من الانقسام الواضح في المجتمع الأردني حول التعديلات، ووسط المعارضة الواسعة لتلك التعديلات في الشارع الأردني، إلا أن اقرار التعديلات يجري بشبه اجماع الحاضرين من أعضاء مجلس النواب.

وأثارت مواقف بعض النواب تساؤلات عديدة حول أسباب اختلاف السلوك التصويتي لبعض النواب مع جوهر مداخلاتهم خلال النقاش النيابي.

في جلسة النواب، الاثنين، بدا مستغربا تقديم المحامي رائد سميرات مخالفتين على الأقل على مواد الدستور المعدلة، ثمّ تصويته بالموافقة على قرار اللجنة الذي سبق أن قدّم مخالفة عليه وأصرّ على بيانها أمام المجلس!

سميرات لم يذهب نحو تبرير موقفه وبيان سبب اختلاف تصويته بشكل مقنع.

النائب أحمد الخلايلة قدّم مداخلة ساخنة لدى مناقشة تعديلات المادة (40) من الدستور والمتعلقة بتوسيع صلاحيات الملك، فانتقد الحديث عن اصلاح سياسي، ونحن نخرج المؤسسة الدينية والعسكرية والديوان الملكي والأمن الداخلي والخارجية من ولاية السلطة التنفيذية، وقال: "إما أن يكون الحكم نيابيا أو فلنبق كما نحن وبلاش اصلاح سياسي، فالتوسع زاد كثيرا، فإما أن يكون الاصلاح السياسي صحيحا أو فلنبقَ على وضعنا الحالي. كلنا مع أنّ الملك يُعين، لكن بلاش ندسترها".

وكان مستغربا أن الخلايلة "وافق" على التعديل كما ورد من اللجنة..

في جلسة الأحد، ولدى مناقشة التعديل الذي أضيف فيه مصطلح "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني، ظهرت حالات أشار فيها نواب إلى كون التعديل من باب المجاملة وأنها لن تؤثر وليس هناك ما يستدعي وجودها، إلا أنهم وافقوا عليها، بينما بدا آخرون أنهم ضدّ الاضافة لكنهم صوتوا بالموافقة عليها.

النائب سليمان أبو يحيى أكد في مداخلته أنه "لا يجوز المساس بالدستور والعبث به إلا عند الضرورة وبأسباب موجبة مقنعة، كما أن جميع دساتير العالم تسعى لتقليص موادها، ونرى أن دستورنا يتوسع كلّ عام".

كما انتقد أبو يحيى استدلال البعض بآيات من القرآن الكريم لتعزيز وجهة نظرهم، قائلا: "القرآن لمّا وجّه خطابا عاما استخدم "يا أيها الناس"، فهو أشمل، وهذا يُقاس على الدستور ويجب أن يخاطب الجميع وليس فئة من الناس". إلا أن أبو يحيى وافق على التعديل الوارد من اللجنة القانونية.

وبينما رأى النائب ضرار الحراسيس أن التعديلات كبيرة وكانت تستدعي من الحكومة طرحها للاستفتاء الشعبي، ذهب النائب نفسه للتصويت بالموافقة عليها وليس المخالفة أو الامتناع.

النائب محمد الهلالات أكد أننا في غنى عن اضافة "الأردنيات"، لكنه أيضا صوّت بالموافقة عليها..

ومن غرائب النواب في التصويت على التعديلات الدستورية، قول رئيس مجلس النواب لدى اعلان نتيجة التصويت على إحدى المواد وبيان عدد المخالفين: "المخالف مازحا واحد"، وذلك بعد أن كان النائب زهير السعيديين صوّت بمخالفة قرار اللجنة القانونية بالغاء اعتبار الملك رئيسا لمجلس الأمن الوطني.