اقتصاديون لـ الاردن24: موازنة 2022 تقليدية، والتشوّه الهيكلي مازال حاضرا
مالك عبيدات - أجمع خبراء ومحللون اقتصاديون على أن مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2022، والذي قدمته حكومة الدكتور بشر الخصاونة وتبحثه اللجنة المالية في مجلس النواب هذه الأيام، لا يحمل أي مؤشرات جديدة للنمو الاقتصادي، كما أن الهيكل العام للموازنة لم يتغير عنه في السنوات السابقة، وكأن الأمر يقوم على "تعبئة أرقام، وتوقعات جزء كبير منها غير واقعي وغير حقيقي".
وقال الخبراء لـ الاردن24 إن موازنة العام الحالي لا تختلف عن موازنة الأعوام السابقة، ولا تحمل أي جديد بالنسبة لتحفيز النمو وخفض العجز، لافتين إلى وجود مبالغة في تقديرات الايرادات والنمو، كما أنها لا تحمل أي خطوة باتجاه الاصلاح الاقتصادي، سيما وأن النفقات الرأسمالية ستكون لمشاريع قائمة ولا يوجد ضمانات بالالتزام بها من قبل الحكومة.
وأشاروا إلى أن ايرادات ضريبة المبيعات وصلت إلى 78% من اجمالي الايرادات الضريبية، وهي تُجبى من الأغنياء والفقراء معا، وهذا أمر غير محمود ولا مسبوق، نظرا لكون هذه الضريبة مجحفة ويجب أن تكون ايرادات ضريبة الدخل هي الأعلى.
التل: التشوّه الهيكلي مازال حاضرا
وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية، الدكتور رعد التل، إن الموازنة مازالت تعاني تشوّها هيكليّا، فالإيرادات العامة تغطي فقط ما يقارب 84 % من إجمالي النفقات، والأخطر من ذلك الإيرادات المحلية التي تغطي ما نسبته 88.5 % من النفقات الجارية (التشغيلية)، والأصل أن تكون هذه النسبة 100%، بحيث تغطي الإيرادات المحلية كلّ النفقات التشيغلية كحد أدنى.
وأضاف التل لـ الاردن24: بالنسبة لمشاريع الموازنة، فقد تم تخصيص ما يقارب 3% فقط من إجمالي الإنفاق، وهي قيمة منخفضة لا يمكن أن تحفّز النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن الجانب السلبي دائماً هو ارتفاع قيمة الدين العام، حيث أن العجز في الموازنة هو أصل الدين، وبالتالي سيؤدي هذا العجز لارتفاع جديد في أرقام المديونية التي تقدر قيمتها بحوالي 38.82 مليار دينار، تشكل ما نسبته 113% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبيّن التل أن أرقام الموازنة تشير إلى ارتفاع إجمالي النفقات بنسبة 18% عن العام السابق (2021)، وبما يقارب 798 مليونا، لتبلغ النفقات المقدرة للعام 2022 حوالي 10.66 مليار، وقد توزّعت هذه الزيادة في الإنفاق على النفقات الجارية 9.11 مليار، بزيادة مقدارها 3.7 % (367 مليونا)، وزيادة في النفقات الرأسمالية 1.55 مليار بزيادة مقدارها 44 %.
وعبّر التلّ عن أمله في عدم مساس النفقات الرأسمالية كما جرى في العام الماضي، حيث انخفضت نسبة الإنفاق الرأسمالي عما كان مقدرا في موازنة ذلك العام بما يقارب 17%، مؤكدا أهمية هذا الإنفاق في زيادة مراكمة رأس المال وزيادة الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة.
الكتوت: موازنة تقليدية
ومن جانبه، قال الكاتب والمحلل الاقتصادي، فهمي الكتوت، إن موازنة 2022 تقليدية ولا تختلف عنها في السنوات السابقة، بالرغم من الادعاء بزيادة النفقات الرأسمالية، مشيرا إلى أن الحكومة في العام الماضي قالت إنها زادت النفقات الرأسمالية، لكن ادعاءها كان غير دقيق، فيما شدد على أهمية عنصر المصداقية في شؤون الموازنة.
وأضاف الكتوت لـ الاردن24 إن باقي بنود مشروع قانون الموازنة تسير بنفس الاتجاه، وسيكون من شأنها تعميق الأزمة الاقتصادية والمالية، ما يستلزم مراجعة السياسات المالية واعادة هيكلة الاقتصاد، مشيرا إلى أهمية وجود خطة تحفيز للاقتصاد تكون حقيقية وتلتزم بها الحكومة، على أن تتضمن خفض ضريبة المبيعات على مدخلات الانتاج لتخفيف الاعباء على المنتجين واعادة تنافسية الصناعة الوطنية.
ولفت الكتوت إلى أهمية اعادة النظر بتنظيم سوق العمل، فلا يُعقل أن يكون هناك 2 مليون عامل وافد، يقابلهم 2 مليون عاطل عن العمل من المواطنين، وايجاد برامج تأهيل لسوق العمل، واعادة توزيع العبء الضريبي لتحفيز النمو الاقتصادي، فلا يعقل أن تكون 75 من ايرادات الخزينة من الضريبة، 77% منها ضريبة مبيعات يدفعها الغني والفقير، وبشكل تسبب بخلل في الهيكل الاقتصادي، ويجب أن تكون الضريبة هرمية من الأعلى دخلا إلى الأدنى دخلا.
الشياب: من اسوأ الموازنات
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي سليمان الشياب إن موازانة 2022 من أسوء الموازانات خلال السنوات الأخيرة، ولا تحمل أي مؤشرات ايجابية، مشيرا إلى أن الحكومات جميعا تسير على نفس النهج، من خلال التمادي بالاقتراض بشكل سيرفع المديونية إلى 39 مليار دينار، أي أنها ستصل إلى نسبة 115% من الناتج المحلي الاجمالي.
وأضاف الشياب لـ الاردن24 إن مشروع قانون الموازنة الحالي لن يولّد أي فرص عمل، ولن يحدث أي نمو كما أعلنت الحكومة، نظرا لعدم رصد مبالغ كافية بالنفقات الرأسمالية، مؤكدا أن ما أعلنته الحكومة هو تسديد لالتزامات، كما أن عجز الموازنة سيواصل الارتفاع بسبب التوسع بالنفقات وعدم وجود أي نمو حقيقي.
وبيّن الشياب أن هناك خللا هيكليا بالايرادات الضريبية، كما أن هناك خللا في تحصيل ضريبة الدخل وعدم متابعة المتهربين ضريبيا.