26 عامًا على استشهاد مهندس القسام الأول يحيى عياش



توافق اليوم الذكرى السنوية الـ26 لاستشهاد القائد في كتائب الشهيد عز الدين القسام يحيى عياش.

واحتل عياش مكاناً بارزًا وأصبح ظاهرةً ورمزًا من رموز القضية الفلسطينية وتاريخها الحديث لما بذله من جهود هائلة وما أحدثه من نقلة نوعية في صفوف المقاومة.

ولد يحيى عبد اللطيف عياش في 6 مارس 1966 لأسرة فلسطينية بسيطة، زرعت في نفسه الإيمان والشجاعة، حفظ القرآن الكريم مبكرًا، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في قرية رافات، قرب مدينة سلفيت، شمالي الضفة الغربية.

وتخرج عياش عام 1991 من جامعة بيرزيت من قسم دراسة الهندسة الكهربائية بتفوق، وحاول بعد تخرجه السفر إلى الأردن لإتمام دراسته العليا، ورفض الاحتلال طلبه، وعلق على ذلك "يعكوف بيرس” رئيس المخابرات حينها قائلاً: "لو كنا نعلم أن المهندس سيفعل ما فعل لأعطيناه تصريحًا بالإضافة إلى مليون دولار”.

وتزوج ابنة خالته، ورزق منها طفله الأول براء وكان حينها مطاردا، وقبل استشهاده بيومين فقط، رزق بابنه الثاني عبد اللطيف تيمنا باسم والده.

وقد انضم المهندس عياش مبكرًا للحركة الإسلامية في فلسطين حتى أعلن تأسيس حركة حماس، وبدأ مشواره الجهادي عندما اكتشف الاحتلال الإسرائيلي سيارةً مفخخة في منطقة رامات أفعال في "تل آبيب” المحتلة، وأشار بالاتهام إليه كأحد مدبري العملية، ومنذ ذلك الوقت أصبح مطلوبًا للاحتلال.

وبعد مجزرة المسجد الإبراهيمي الشّريف في الخليل عام 1994 عزم المهندس على التخطيط لتنفيذ عمليات استشهادية في قلب الاحتلال، وكان أولها عملية العفولة التي قام بها المجاهد رائد زكارنة، وأودت بحياة ما لا يقل عن ثمانية إسرائيليين وجرح العشرات، ثم عملية الخضيرة التي نفذها عمار عمارنة، وقتل فيها سبعة إسرائيليين وجرح العشرات.

وتولى يحيى عياش قيادة الجناح العسكري في كتائب الشهيد عز الدين القسام في الضفة وقطاع غزة، وقام بالتخطيط المباشر والمشاركة أحيانًا بعمليات عسكرية، أسر جنود، سيارات ملغومة، عبوات ناسفة، عمليات استشهادية.

وتركز نشاط القائد في مجال تركيب العبوات الناسفة من مواد أولية بسيطة ومواد متاحة ومتوفرة بكل سهولة في الأراضي الفلسطينية، ويعدُّ أول من أدخل إلى ساحة الصراع سلاح (الاستشهادي)، ذلك السلاح الذي شكل أعقد المشاكل الأمنية التي واجهتها المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية منذ قيام كيان الاحتلال على أرض فلسطين.

وتنقل عياش بين الضفة وغزة، وحاول أن ينشئ جهازًا عسكريًّا قويًّا تتحقق فيه اللامركزية، بحيث لا يرتبط العمل العسكري بشخص واحد يتوقف باستشهاده أو اعتقاله، كما عمل على إنشاء خلايا عسكرية متفرقة وغير معروفة لبعضها البعض.

وجعلت سلسلة العمليات الاستشهادية التي آلمت الاحتلال، من عياش أخطر المطاردين للاحتلال والمطلوب الأول له، وسخر مئات العملاء لاغتياله.

وعُرِفَ الشهيد بخفة حركته وسرعة بديهته وخبرته العسكرية التي أذهلت قادة الاحتلال العسكرِية، وصفوه بكثير من الألقاب "الثعلب، العبقري، الرجل ذا الألف وجه، الأستاذ، المهندس، العقل المدبر، العبقري، الفذ، صقر الكتائب..” فقد كانوا معجبين إعجابًا شديدًا بعدوهم الأول، كما كانوا يصفونه.

وبلغ الهوس الإسرائيلي ذروته حين قال رئيس وزراء الاحتلال حينها "رابين”: "أخشى أن يكون جالسًا بيننا في الكنيست”.

وبعد مسيرة ممتلئة بالجهاد والمقَاومة الموجعة للاحتلال الإسرائيلي، اغتيل القائد في 5 يناير عام 1996، في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وذلك باستخدام عبوة ناسفة زرعت في هاتف نقال كان يستخدمه أحيانًا، ليمضي المهندس يحيى عياش، بعدما أَدى الأَمانة، ليخرج في جنازته نحو نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة وحده.

صوت بعد 25 عامًا

وفي تسجيل صوتي يكشف لأول مرة منذ قرابة 25 عامًا، كشف الإعلام الإسرائيلي في 24 نوفمبر ٢٠١٩ النقاب عن تسجيل صوتي للمكالمة الهاتفية التي دارت بين الشهيد ووالده خلال اللحظات الأخيرة التي كانت سببا في استشهاده بواسطة هاتف نقال.

واجتاحت حينها الكثير من المشاعر الممزوجة بالفخر بهذا التسجيل الصوتي الذي ظهر فيه صوت الشهيد القائد عياش التي لطالما سمعوا عنه وعن بطولاته، وكان مما كتبه نجله الأول براء: "اليوم، ولأول مرّة، سمعت صوت والدي”.