مجلس النواب والنظام الداخلي
إن ما شاهدناه في جلسة مجلس النواب الأولى لمناقشة التعديلات الدستورية والتي كانت الجلسة الاخيرة من العام المنصرم ،ازعجنا كمواطنين ومتابعين للمشهد السياسي ما جرى ،حيث اتضح بأن غالبية النواب -ولا استثني أحدا- لم يلتزموا بالنظام الداخلي ولم يكن هناك تقبل للرأي والرأي الاخر كما كان يجب ،ولكن البعض يرى بأن هذا الاشتباك يعد ايجابياً للتعبير عن الاختلاف في وجهات النظر فيما بين اعضاء السلطة التشريعية بالغرفة الأولى منها مجلس النواب، وطبعاً المقصود هنا بالاشتباك الايجابي وليس الاشتباك الرياضي بالأيدي والبوكسات.
يتضح بأن هذا الأكشن اصبح ترند في أغلب مجالسنا النيابية الى أن وصل لكل دورة بعمر مجلس النواب، لاشك بأن هناك اكشن يحدث في بعض برلمانات العالم مثل ما حدث في تركيا و اوكرانيا و حتى تايون ،ولكن هذه الاحداث لا تكون بشكل دائم ويكون سببها الدفاع عن وجهه نظر أو قانون من خلال لون التيار سياسي أو خلافه ،وليس كما يحدث لدينا تبدأ المناوشات وحتى اللكمات دون معرفة السبب ومن مع من ولماذا بالأصل بدأت.
تبين لنا جميعا بأن اعمدة التوازن في المجلس والشخصيات القادرة على ضبط المشهد كما كان نوعاً ما في المجالس السابقة غير متوفرة وان كان هناك عدد بسيط جداً فهي غير قادرة على فرض الالتزام بالنظام الداخلي والتنسيق ،بالإضافة الى أن الكتل النيابية كما اتحدث دائما هلامية لا قوة لها ويتضح ذلك من خلال عدم قدرتها على ضبط اعضائها ونرى ذلك في عدم الانسجام الفكري فيما بينهم ،حيث يتبين بأن الغاية منها فقط التشرف بمقابلة جلالة الملك .
إن من أهم أسباب هذه المشاهد والنتائج ،أنه لا يوجد شكل سياسي بعدد ألوان محدد في مجالسنا النيابة مؤدلجة ومحزبة، وانما هي ألوان ناتجة عن خلفيات بعدد أعضاء المجلس ،لان القوانين التي تفرز النواب كالقانون الاخير والذي سمي بقانون الحشوات ،لم يستطع ان يؤصل بحد أقصى اكثر من مرشحين أثنين من كتلة واحدة للمجلس مما يعني ويؤكد بأن تشكيلة المجلس السياسية فردية أي أن كل نائب يعمل ويحدد موقفه وقراراته وتصويته حسب رأيه الشخصي، أو حسب ظروف أخرى .
يجب على المجلس التاسع عشر ،اعادة ترتيب أوراقه وخاصة اننا بمحيط مشتعل وأحداث اقليمية نحن لسنا بعيدين عنها مما يوجب علينا تمتين جبهتنا الداخلية من كافة السلطات والمؤسسات وأولها مجلس النواب ،والعمل على حماية بعض التعديلات الدستورية ،المتعلقة بالقانون الأهم الناظم للعملية السياسية وهو قانون الانتخاب حتى نصل في المستقبل القريب لمجلس سياسي يلبي الطموحات.