المقاسم والتطبيقات والحكومة الإلكترونية في الأردن.. على سبيل فهم عدم الفهم



اتصل بي صديق قضى عمرا في خدمة الوطن ضمن مجاله واختصاصه، قال لي : هل سمعت بالمقاسم العمومية في الأردن، أجبته بنعم ومنها أذكر أن بلدية كبرى لديها 85 موظف عامل مقسم لمقسم معطل بالأساس. يتقاضون سحتا رواتب شهرية منذ سنوات وهم في بيوتهم، وهو ذات الحال مع بلدية أخرى لديها 12 موظفة مكتبة لمكتبة غير موجودة ، وهو ذات الحال في كثير من بلدياتنا التي استخدمت ذات غفلة كمأوى ومخزن للتنفيعات والتعيينات الوهمية. ضحك وقال: اليوم مررت بتجربة الاتصال على أكثر من مقسم لدائرة حكومية، لم أتمكن مع تكرار المحاولات من أن أستمع لصوت أحد العاملين على تلك المقاسم، وتابع قائلا هل أدلك على عنوان لتكتب فيه وعنه، قلت له بلى. قال : كشف راتب تقاعد لا تستطيع الحصول عليه إلكترونيا، وشكوى لا تستطيع متابعتها مع أية دائرة كانت. واسترسل في ذكر ما جرى معه والذي يبكي ويضحك كما شدت فيروز صاحبة المتناقضات في أغانيها، يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا.

تطبيقات إلكترونية لا حصر لها ازدادت وتفشت مع جائحة كورونا عندما بدأنا بتطبيق أمان، وتطبيق مونتي وتطبيق صحتك، تطبيق حقك تعرف، أردننا جنة للسياحة الداخلية ، عزوتنا للخارجية، بخدمتك، خطوطنا للنقل للسائحين، معكم للبلديات، وصولا إلى تطبيق سند. والآن آخر ما تفتقت عنه ذكاءات الحكومة الإلكترونية وهو تطبيق دعم فاتورة الكهرباء تحت التجربة.

تقول وزارة الإقتصاد الرقمي والريادة أن عدد الخدمات الإلكترونية الحكومية بلغت 413 خدمة بعد إضافة خدمتين جديدتين مؤخرا، في الوقت الذي تستعد فيه الوزارة لإعداد خطة تحول رقمي شاملة سيجري من خلالها وضع أولويات الخدمات الحكومية الإلكترونية. والخدمات موزعة على عدة مؤسسات حكومية منها: ( أمانة عمّان الكبرى، دائرة الأراضي والمساحة، دائرة الجمارك، الأحوال المدنية، المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وزارة العدل، دائرة ترخيص السواقين والمركبات، وزارة التنمية الاجتماعية، وزارة الإدارة المحلية، هيئة الاستثمار، وزارة الطاقة والثروة المعدنية، ديوان الخدمة المدنية، صندوق المعونة الوطنية، ووزارة السياحة). وتشمل أيضا ( دائرة المخابرات العامة، دائرة قاضي القضاة، وزارة الداخلية، دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، وزارة الصناعة، دائرة مراقبة الشركات، وزارة العمل، مؤسسة التدريب المهني، مجلس التمريض الأردني، ووزارة التربية والتعليم). مشروع الحكومة الإلكترونية بدأ عام 2001، فيما حلّ الأردن في المرتبة 117 في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية لعام 2020، في تقرير أصدرته الأمم المتحدة، متراجعا بذلك 19 مرتبة مقارنة مع الترتيب السابق الذي صدر العام 2018. وعربيا، احتل الأردن المرتبة العاشرة، بعد كل من الإمارات، البحرين، السعودية، الكويت، عُمان، قطر، تونس، المغرب، مصر.

أي أن كل الجهود الحكومية الإلكترونية ، ومع ذلك نتراجع 19 مرتبة عالميا. كأننا نحرث في بحر.

اليوم وصلني تطبيق دعم الكهرباء ، ما أن دخلت على التطبيق حتى أوجعني قلبي من المطلوب، فلا بد من دفتر العائلة والهوية وفاتورة كهرباء وغيرها لغايات التسجيل على المنصة أو الموقع أو التطبيق.

أما منصة بخدمتكم فهذه حدث ولا حرج ، فالشكوى تصير مصدرا للشكوى من الشكوى، لأن أقصى ما يمكن الحصول عليه هو إحالة صاحب الشكوى لقراءة الرد من الجهة المشتكى عليها، وهو رد لا يغني من فقر ولا يشفي غليل ولا يسمن من جوع.

منذ قرون ونحن نتحدث عن الإصلاح الإداري ونتحدث عن الأتمتة وعن التعامل الإلكتروني وعن المنصات والتنطبيقات الإلكترونية. وما زلنا في المرتبة 117 على مستوى العالم. لتتخيلوا من هي الدول التي تسبقنا منها.

دولة تدخل المئوية الثانية لكنها بفضل الحكومات فقد وصلت بنا الحال إلى انتظار منحة من جهة دولية من أجل القيام بحملة تنظيف شوارع وأزقة مدينة، كما حدث في بلدية مأدبا.