نصيحة الملك حسين لشاه ايران



في كتابه " المتطلبات الدستورية والقانونية لإصلاح حقيقي " يروي الأستاذ الدكتور محمد الحموري القصة التالية :

حضر إلى مكتبي بشأن قانوني أحد الأشخاص، الذي كان مقربا من الملك حسين عليه رحمة الله. وفي حديثي مع ضيف المكتب حول الشأن العام قال الرجل :

" كنت مع المرحوم الملك حسين، في آخر زيارة له إلى شاه إيران. وعرض الملك في اجتماعه مع الشاه، ما يتناهى إلى علمه عن الأحوال في إيران، وعن أثر خطابات آية الله الخميني، التي تصل تسجيلاتها إلى الشعب الإيراني، ناصحا بأن يقوم الشاه بزيارة آيات الله في قم، لسماعهم والوصول إلى تسوية معهم، مؤكدًا له أنه على استعداد أن يصحبه إليهم، لما بينه وبينهم من صلة قربى ورحم كأبناء عمومة له ".

وما أن انتهى الملك من حديثه، هز الشاه رأسه مبتسما وقال : " لا داعي لأن أعطي ساكني قم أكبر من حجمهم، فأنا أعرف جيدا حجمهم ومحدودية أثرهم، ولن يستطيعوا فعل ما يؤذي، ثم من هو هذا الخميني الذي تتناقل بعض الأخبار، أنه يمكن أن يحرك شعبي ضدي وهو في باريس ؟ إطمئن يا جلالة الملك، فأجهزة الدولة قادرة عليهم إن تمادوا ".

وزاد ضيف مكتبي، حاول الملك بأدب جم تحريك عناد الشاه، إلا أنه لم يستطع. وعندما غادرنا قال رحمة الله عليه أمامي : " ليس هناك حاكم يسلك طريق تحدي شعبه أو يتجاهله، يمكن أن يستمر بالحكم، فقد وصل الشاه آخر الطريق، وأمره مسألة وقت ". انتهى .

* * *
التعليق : رحم الله الملك حسين، الذي حاول أن ينصح صديقه الحاكم المستبد شاه إيران، ولكنه لم يستجب للنصيحة المخلصة، فركب رأسه وخاصم شعبه، ثم رأيناه معلقا بطائرته في السماء يو م 16 يناير 1979، بعد أن ضاقت به الدنيا، باحثا عن مستقر يؤيه على وجه الأرض.

نصيحة الملك حسين، في عدم تحدي الحاكم لشعبه، لم تكن موجهة لشاه إيران فحسب، بل كانت موجهة لكل حاكم مستبد في مختلف أنحاء العالم، داعيا لتصالحه مع شعبه وعدم مناصبته العداء. وبعكس ذلك . . ستكتب له نهاية مأساوية أمام شعبه، مهما بلغ من القوة والجبروت، ومهما كانت قدرات أجهزته الأمنية من تسلط وزج للناس في السجون والمعتقلات.

وللحقيقة، فإن هذ النصيحة العامة، من رجل حكيم مثل الحسين، الذي قاد بلاده وسط الأنواء والعواصف الخطيرة، لما يزيد عن 47 عامًا، تشكل عبرة وموعظة لكل معتبر من حكام هذا الزمان، الذي لا يرى ولا يسمع ولا يستجيب لأصوات شعبه المكلوم . . !