الشكوى الاعتذارية والمخرج الوطني الحقيقي
نشكو فرادى من ألم الواقع , ونتألم ونتحسر ونتأفف , وقد نحطم أنفسنا من الداخل ,وقد نخرج باليأس والإحباط والاستسلام .
حتى اذا اجتمعنا بمبادرة من أحد المتألمين , أو بالمصادفة ,أوعلى هامش مناسبة اجتماعية,انتقلنا فقط من الشكوى الى التّشاكي الجماعي , ويكون أبرزنا من يوغل بالتشخيص وذكر الجديد والأعظم في الفساد والاستبداد الطافي على السطح , والأخطر في الحاضر والمستقبل بقصص لانهاية لها والاستغراق بوصف حقول المصائب المدمّرة , ويضيف الحاضرون المزيد من الشتائم والتهم التي لا تنتهي , وربما يشعر الجميع أنه قد اسقط التبعة عن نفسه ومن وافقه من الحاضرين المتألمين وربما يختمون بحق لا يراد به باطل ,انما هو التواكل بعينه والهروب من المسؤولية بقولهم :ــ قال تعالى ( ليس لها من دون الله كاشفة)
أو بالقول الانهزامي ’’ ما فيش فايدة،، أو : دَعُوا الخلق للخالق لو شاء لغيّر الحال , أويَصُبّ أحدهم جام غضبه على المجتمع فيقول’’هذا مجتمع فاسد لا يستحق العمل والتضحية
ويَنفَضّ السّامر الى مناسبة أخرى على لا شيء أو على حديث مكرور .
وفي أحسن الأحوال و في ظل التدهور المستمر وانكشاف المزيد من المصائب تتعالى هذه المناجاة ويمكن ان تفضي الى لقاءات متكررة ولكنها محدودة,
و لا يفلح الجميع للوصول الى حالة مؤثرة تتمكن من تحقيق المراد أو إنقاذ البلاد والعباد من معاناتها المئوية .
وانْ اقترح البعض مشروعا استراتيجيا متكاملا للانطلاق جُوبِه بالاعتراضات وتقديم الموانع والعوائق والتحديات المستحيلة , وقدّمت بين يدي المشروع طروحات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار بين المثالية المُحلّقة التي لا يمكن الوصول اليها وبين الواقعيّة القاعدة المُقعِدة المعطلة عن أي انجاز
ولا تدري ان لم يكن مؤدى طرح الفريقين /دون قصد / الاستسلام والقعود أو الإرجاء في أحسن تفسير, فهل ينتظر الحل من التالية:ـــ
1.انتظار المهدي المسلم أو المسيحي !!المُخلّص بقوة السماء التي لا تُمطر ذهبا ولا فضة ولا حريّة ولا عدلا ولا كرامة؟,
2.أم انتظار العالم الخارجي الذي قرر بقاءنا ممزقين ضعفاء لتسهيل هيمنته على امتنا والتمكين للعدو الصهيوني منذ قرن ونيّف من سايكس بيكو وبلفور الى ترامب واتباعه وما بينهم؟
3.أمْ من الداخل المتقوقع على نفسه من كثرة الآلام والخيبات والمعاناة والتربية الشاذة؟
4.أم هو انتظار التغيير من المُستبد المتسلط المتحكم المستأثر بالوطن ومقدرات الشعب المتحكم بهما منفردا ,مع تغييب الشعب رأيًا و قرارًا وشراكةً في الوطن ؟
اذًا ما المخرج وأين الطريق لإنقاذ الوطن والشعب ومستقبله , ولا بد من البحث عن آليـــــــة جديدة تخرجنا مما نحن فيه , مع أننا لسنا بحاجة لإعادة اختراع العجلة وانّما نحتاج لمجموعة وطنية متجردة صادقة جادة مستفيدة من التجارب المحلية والعربية والعالمية ,سليمة من الأنا القاتلة والذاتوية المُحطّمة , والفردية المفتّتة , والتطرف والغلو في كلا الاتجاهين المرفوضين عقلا ومنطقا وتجربة وواقعا , تكون نواةً لعمل وطني بهذه المواصفات يقنع كتلة وطنية كبيرة وازنة ومؤثرة قادرة على الحصول على مشروعيةٍ شعبية واسعة , تُطوّر وسا ئلها بتشاركية حقيقية دون ابوية واستذة او فئة أو حزب أوشخصية .
لا أشير الى أوهام أو أمانيّ وأُمنيات , ولا أُحيلُ الى مجهول أو أُحجيات وألغازٍ , انّما لتجارب بشرية سابقة ناجحة , وافكارٍ ناضجة واقعية قانونية قابلة للتطبيق إنْ وجدت طلائعَ مثابرة جادة رجالا ونساء شيبًا وشبانًا مهما كان عددها أولا,
هذا هو الطريق للسالكين فهل من مجيبٍ لنداء الضمير والوطن والمنطق ,ومن مؤكدٍ للاستجابة ممّن أعلم منهم صدق التوجه والاستعداد والعمل ,متناسين خلافاتهم وخلفياتهم السّابقة لنلتقي في حلف فضول وطني نظيف للعمل , من الذين عناهم الشاعر العربي طرفة بن العبد بقوله :
إذا القومُ قَالوا مَنْ فَتىً خِلتُ أنّني عُنيتُ فَلم أكسلْ ولم أتبلّدِ