مرضى اضطراب ما بعد الصدمة.. باب أمل جديد

تمكن فريق من الباحثين في جامعة سازرن كاليفورنيا من تصوير أدمغة أسماك الزرد الحية لإظهار كيفية معالجة الدماغ للذكريات وتخزينها في دراسة رائدة يمكن أن توفر الأمل في علاجات جديدة لاضطراب ما بعد الصدمة PTSD، حسبما نشرت "ديلي ميل" البريطانية.

بمساعدة مجهر مصمم خصيصًا، تمكن الباحثون من تسجيل كيف أضاءت خلايا دماغ السمكة - التي تكون شفافة في مرحلة الشباب، بملايين من الألوان والإضاءات، أثناء التجربة، وتوصل الباحثون إلى نتائج مغايرة لاعتقاد سائد منذ أربع عقود مضت في مجال علم الأعصاب.

 خريطة للتغيرات بالمخ

قادت الدراسة، التي رسمت خريطة التغيرات في الدماغ، إلى اكتشاف مفاجئ هو أن عملية صنع الذكريات تبدو أنها تتم من خلال إنشاء نقاط تشابك عصبية جديدة، أي وصلات بين الخلايا العصبية، أو جعلها تختفي تمامًا، على العكس مما كنت تنطوي عليه النظرية، الشائع قبولها على نطاق واسع، بأن التعلم والذكريات يقويان الصلات أو التشابك بين الخلايا العصبية.

واستخدمت الدراسة أسماك الزرد لأن أدمغتها مشابهة للمخ البشري، على المستويين الجيني والخلوي، علاوة على أن الأسماك الصغيرة شفافة - مما يسمح بإلقاء نظرة دون الحاجة إلى إدخال أي تغيير على أدمغتها الحية.

من جهته، قال الباحث كارل كيلسمان في بيان صحفي: "على مدار الأربعين عامًا الماضية، كانت الحكمة الشائعة هي أنك تتعلم من خلال تغيير قوة نقاط الاشتباك العصبي ولكن ما تم التوصل إليه هو عكس تلك الحالة".

تغيير درامي

بينما أضاف الباحث الرئيسي بروفيسور دون أرنولد، أستاذ في جامعة سازرن كاليفورنيا: تم تحقيق " أفضل نتيجة ممكنة، لأنه أمكن رؤية هذا التغيير الدرامي في عدد نقاط الاشتباك العصبي - بعضها يختفي، وبعضها يتشكل، و[الذي ظهر] في جزء متميز للغاية من الدماغ. كان [الاعتقاد السائد] هو أن المشابك العصبية تغير قوتها. لكن كانت المفاجأة هي رؤية ظاهرة الدفع والجذب، ولم يكن هناك تغييرًا في نقاط قوة نقاط الاشتباك العصبي".

من خلال السماح للعلماء بتتبع التغييرات في الصلات بين الخلايا العصبية وتسميتها، يمكن أن تساعد التجربة في إظهار كيفي تتشكل الذكريات في مخ الإنسان ولماذا تكون أنواع معينة من الذكريات أقوى من غيرها، فيما يعتقد الباحثون أنه يمكن أن يقدم طفرة في علاجات جديدة لمتلازمة اضطراب ما بعد الصدمة PTSD وأمراض التنكس العصبي.

في اللوزة وليس الحُصين

وتبين أن الذكريات السلبية تبدو وكأنها تتشكل في جزء مختلف من الدماغ عن معظم الذكريات الأخرى في اللوزة، المسؤولة عن الاستجابات العاطفية مثل القتال أو الهروب.

وأوضح بروفيسور أرنولد: "لقد كان يُعتقد أن تكوين الذاكرة يتضمن بشكل أساسي إعادة تشكيل الاتصالات المشبكية الحالية بينما في هذه الدراسة، اكتشفنا أنه يتم تشكيل وإزالة نقاط الاشتباك العصبي، في حين لم يظهر إلا مجرد تغييرات صغيرة وعشوائية في القوة التشابكية [لشبكات الخلايا العصبية] الموجودة".

ويمكن أن يرجع السبب إلى تركيز هذه الدراسة على الذكريات الترابطية، والتي هي أقوى بكثير من الذكريات الأخرى، وتتشكل في مكان مختلف في الدماغ، [تحديدًا في] اللوزة، مقابل الحُصين بالنسبة لمعظم الذكريات الأخرى. وربما يكون [لهذا الاكتشاف] في يوم من الأيام صلة باضطراب ما بعد الصدمة ، والذي يُعتقد أنه يحدث من خلال تكوين الذكريات الترابطية.

مجهر مبهر

باستخدام مجهر متقدم جديد، تم اختراعه في جامعة سازرن كاليفورنيا، تمكن الباحثون على مدار ست سنوات من دراسة أدمغة الأسماك ومقارنة نقاط الاشتباك العصبي والتغيرات التشابكية للخلايا العصبية، مما قادهم إلى تحقيق "اختراق في مجال علم الأعصاب''.
أضاف الباحث المشارك البروفيسور سكوت فريزر إنه "تم تصميم المجهر [المُستخدم في الدراسة] لحل تحدي التصوير واستخراج المعرفة التي يحتاج العلماء الوصول إليها".

ليزر وفلورسنت وخوارزميات

قام فريزر وأرنولد وكيسلمان بتدريب أسماك الزرد على ربط سخونة ضوء ليزر الأشعة تحت الحمراء، الذي يتم تسليطه على رؤوسها، بالإحساس المزعج. وتحاول الأسماك، التي تم تغيير الحمض النووي الخاص بها بحيث يمكن تمييز نقاط الاشتباك العصبي ببروتين الفلوريسنت الذي يتوهج عند اضاءة الأشعة بالليزر، تجنب الليزر عن طريق السباحة بعيدًا، وتقوم الأسماك التي تتذكر الرابطة بنفض ذيولها عندما يتم تشغيل الضوء حتى بدون الليزر.

بعد خمس ساعات من التعرض الأولي لليزر، قام الباحثون بقياس التغيرات الدراماتيكية في تشابك الخلايا العصبية لمخ الأسماك والوظائف العصبية. وتم تحليل النتائج بمساعدة خوارزميات جديدة تم تطويرها لمراقبة الأنماط المتشابكة المتغيرة.