محامو معتقلي هبة النقب أمام "حرب استنزاف".. والقضاة متورطون



يخوض نحو 15 محاميًا بالنقب الفلسطيني المحتل معركة قضائية "استنزافية" ضد نيابة الاحتلال الإسرائيلي وشرطته لمحاولة إطلاق أكبر عدد من معتقلي الاحتجاجات المستمرة في النقب، لكن هؤلاء اكتشفوا مؤخرًا أنهم يحاربون أداة أخرى بيد الجهتين هي قضاة محاكم الاحتلال.

ولليوم العاشر، تشن قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة في صفوف أهالي النقب منذ بدء الاحتجاجات ضد الهجمة التي يتعرض لها سكانه من هدم وتجريف واستيطان.

وتحاول قوات الاحتلال من خلال حملة الاعتقالات التي شنتها في اليوم الأول للهبة وما تبعه، الحيلولة دون توسعها في محاولة للسيطرة عليها.

وزاد عدد المعتقلين في النقب عن 180، في إحصائيات غير رسمية بسبب استمرار حملة الاعتقالات، في وقت أن العدد لا يشمل من تم إطلاق سراحهم بشروط عديدة كالإبعاد والحبس المنزلي.

حرب استنزاف

إلا أن محامين يؤكدون أنهم "أمام حرب استنزاف في محاكم الاحتلال قد لا يستطيعون الاستمرار فيها، إذا ما استمر الضغط عليهم".

وتفاجأ المحامون بتعنت محكمة الاحتلال في النظر بطلبات الإفراج عن معتقلين، وفي نفس الوقت النظر بعدد قليل من ملفات آخرين مقارنة بملفات العشرات المتواجدين في المعتقلات.

ويقول المحامي شحدة بن بري في حديث لوكالة "صفا": "إن مجموعة من المحامين المتطوعين ما بين 10 إلى 15 محاميًا ينتظرون قرارات من نيابة الاحتلال في عشرات الملفات منذ بدء حملة الاعتقالات".

ويضيف "نحن أمام خيارين إما أن تحتكم النيابة والشرطة للعقل وتطلق سراح المعتقلين، أو تقوم بتمديد اعتقالهم أو تقديم لوائح اتهام ضدهم، والثاني هو ما يحدث بمعظم الملفات حتى الأن".

ويصف ما يجري بالمحاكم بـ"حرب استنزاف بين نيابة الاحتلال وشرطته من جهة ونحن كمحامين من جهة أخرى، فهم يقومون باستنزاف أي قرار بالإفراج عن معتقل ويستأنفون ضده، ونحن نستأنف ضد قرارهم وهكذا".

ويتعرض المحامون "لضغط كبير جدًا نتيجة لممارسات نيابة الاحتلال وشرطته، كما أن هناك ضغطا كبيرا على قاعات المحاكم بسبب العدد الكبير للمعتقلين المعروضين".

وبحسب بن بري "فإن محاكم الاحتلال طلبت دعمًا من قضاة بعدة مدن أخرى وحضروا من عسقلان وأسدود وغيرها للبت في عدة قضايا بشأن معتقلي النقب".

اصطدام بـ"تحيز القضاة"

وأمام هذا الضغط يقول بن بري "إن المحامين يحاولون البحث عن مخارج لإطلاق سراح معتقلين حتى لو بقيود أو بإبعاد نظرًا لكثرة العدد، عبر البحث عن ثغرات في التحقيق معهم أو انتهاك حقوق المعتقل ومخالفة نيابة الاحتلال وشرطته لبنود القانون".

لكن المحامين يصطدمون بحاجز آخر يمنع إنجاز ملفات المعتقلين وإطلاق سراحهم، وهو القضاة أنفسهم في المحاكم.

ويقول بن بري: "اكتشفنا أن هؤلاء القضاة مشبعون بالحقد والعنصرية تجاه الفلسطينيين وتجاه عرب النقب تحديدًا، وهذا هو الأهم للخروج من الأزمة الحالية، أن نسأل إلى أين يتجه هؤلاء القضاة".

ويؤكد أن ما يجري بالمحاكم هو بتعليمات من القيادة العليا لشرطة الاحتلال ومن ورائها القيادة العليا السياسية الإسرائيلية.

محاكم كالمعتقلات

من جانبه، يقول المحامي مروان أبو فريح "إن ما يحدث بحق المعتقلين في المحاكم هو نفسه ما يحدث لهم في مراكز شرطة الاحتلال".

ويؤكد، في حديث لوكالة "صفا"، أن تمديد اعتقال العشرات من المعتقلين يتم بعيدًا عن أي سند أو رؤية قانونية، مشيرًا إلى أن التمديد يستهدف أطفالًا تقل أعمارهم عن 14 و18 عامًا.

ويلفت إلى وجود مماطلة في إحضار المعتقلين يوميًا أمام المحاكم، بالإضافة إلى أن القضاة يستخدمون ذات الأسلوب في كل جلسة ويتعاملون بمحضر ثابت ضد الجميع، دون أي تعامل قانوني.

وأمام هذه الحرب الاستنزافية يؤكد أن المحامين يتدارسون سبل التعامل مع هذا الواقع، في ظل استنزاف وقتهم وجهدهم وجلب المزيد من المعتقلين يوميًا.

ويقول بري: "في النهاية نحن كمحامين لدينا مكاتبنا وأوقاتنا وزبائننا، واستعنا مؤخرًا بمحامين يعملون في وزارة القضاء، لأن وجودهم أفضل من عدمه، لكننا أمام أزمة وسندرس ما سنتخذ من خطوات لمواجهة هذا الاستنزاف ولحماية المعتقلين".