الصبيحي يوضح اسباب عدم قانونية احالة موظفين بالزراعة على التقاعد المبكر
- أوضح الإعلامي والقانوني - خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي أسباب عدم قانونية قرار وزارة الزراعة بإحالة عدد من موظفيها على التقاعد المبكر يوم امس.
وقال الصبيحي في إدراج له عبر الفيسبوك الأربعاء، إن الكتاب الصادر الذي يحمل الرقم (15368/125) والمؤرخ في 25/1/2022 تنسيباً من لجنة الموارد البشرية في الوزارة إلى وزير الزراعة بالموافقة على إحالة عدد من الموظفين على تقاعد الضمان المبكر، والذي صادق الوزير على ما جاء في تنسيب اللجنة ، يعتبر باطلا لعدة اسباب قانونية يمكن تفصيلها بما يلي :
أولاً: استند الكتاب ومضمونه قرار لجنة الموارد البشرية في الوزارة لأحكام المادة (173) من نظام الخدمة المدنية وتتضمن هذه المادة أربع فقرات (أ، ب، ج، د) وهي تحت عنوان (إنهاء خدمة الموظف الخاضع للضمان الاجتماعي)، ولم يُشر الكتاب إلى الفقرة المعنية في هذا الجانب وهي الفقرة (ب) من المادة (173) التي تنص حرفياً على ما يلي: (يجوز للمرجع المختص بالتعيين إنهاء خدمة الموظف الخاضع لقانون الضمان الاجتماعي بناءً على طلبه أو دون طلبه إذا استكمل شروط الحصول على التقاعد المبكر وفقاً لأحكامه وبناءً على تنسيب اللجنة)، لذا فإن مجال صلاحيات اللجنة في هذه المسألة ينحصر بإنهاء خدمة الموظف فقط لا غير وليس إحالته على التقاعد المبكر كما جاء في كتاب الوزارة وتنسيب لجنة الموارد البشرية فيها (واللجنة المقصودة هي اللجنة التي جاء تعريفها في "المادة 2" من نظام الخدمة المدنية بأنها لجنة الموارد البشرية في الدائرة/الوزارة المشكّلة بمقتضى أحكام هذا النظام.
ثانياً: إن الحق بطلب التقاعد المبكر هو حق شخصي محصور بالمؤمّن عليه/الموظف فقط لا غير، وهذا واضح تماماً في نص الفقرة (أ) من المادة (64) من قانون الضمان الاجتماعي التي تنص على ما يلي: ( على المؤسسة "مؤسسة الضمان" بناءً على طلب المؤمّن عليه تخصيص راتب تقاعد مبكر له إذا انتهت خدمته لأي سبب كان... إلى آخر الفقرة)، وبالتالي فإن للمؤمّن عليه نفسه وليس لأحد غيره الحق بإحالة نفسه على التقاعد المبكر إذا انتهت خدمته وبصرف النظر عن سبب انتهاء الخدمة، وهو يحيل نفسه على هذا النوع من التقاعد بناءً على طلب يتقدم به شخصياً إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تُخصّص له راتب التقاعد المبكر إذا كان مستكملاً لشروط استحقاقه.
ثالثا: لا يمكن أن يؤخذ النص القانوني كما في ورد في الفقرة (ب) من المادة (173) من نظام الخدمة المدنية على إطلاقه، وإلا كان سبباً في التعسف في استعمال السلطة، ومن هنا فإن الضرورة ومقتضيات العدالة تحتّم أن يكون لدى صاحب القرار بإنهاء خدمة الموظف المستكمل لشروط التقاعد المبكر دون أن يكون هذا الموظف قد طلب إنهاء خدمته أو تقدم باستقالته رغبةً بإحالة نفسه على التقاعد المبكر، وأن يكون لدى صاحب القرار مسوّغات لاتخاذ قراره، أو أن تكون لديه أسس واضحة وعادلة وشفّافة ولا مجال فيها للخطأ أو للمزاجية أو إساءة استعمال السلطة الممنوحة له في هذا الجانب.
رابعاً: إن عدم تسبيب قرار إنهاء الخدمة أو عدم الاستناد إلى أسس واضحة وعادلة وشفّافة، حتى وإن لم ينص عليها نظام الخدمة المدنية، يدخل في باب التعسف في استعمال السلطة، وهو ما عانى منه الكثير من موظفي القطاع العام الذين فوجئوا بقرارات إنهاء خدماتهم فقط لكونهم كانوا مستكملين لشروط التقاعد المبكر، دون أن تتوفر لديهم أي رغبة بالتقاعد المبكر، لا سيما وأن الكثيرين لا توجد في ملفاتهم الوظيفية عقوبات إدارية من أي مستوى، وربما كان أداء بعضهم ممتازاً، فكيف تم إنهاء خدماتهم دون غيرهم.
خامساً: وفي كل الأحوال كان يجب أن يصدر القرار والتنسيب به مستنداً إلى الفقرة (ب) من المادة (173) من نظام الخدمة المدنية بالشكل التالي: (إنهاء خدمة كل من الموظفين التالية أسماؤهم لاستكمالهم شروط التقاعد المبكر وفقاً لأحكام قانون الضمان الاجتماعي، وعلى مَن يرغب منهم بالحصول على راتب التقاعد المبكر أن يقدم طلباً بذلك إلى المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لكي تُخصّص له هذا الراتب)، لأن موضوع إحالتهم على التقاعد المبكر متروك للموظف نفسه وشأن يخصه دون غيره وله الحق بطلبه أو تأجيله، مشيرا الى انه قد راجعه سابقاً بعض من هؤلاء الموظفين الذين أنهيت خدماتهم من وزاراتهم لذات السبب وكانوا قد استكملوا شروط الحصول على راتب التقاعد المبكر لكنهم لم يقدموا طلباً لمؤسسة الضمان لتخصيص هذا الراتب بل التحقوا بأعمال ووظائف في القطاع الخاص، وبعضهم قدّم طلباً لمؤسسة الضمان للانتساب الاختياري من أجل زيادة مدة اشتراكاته بالضمان، والاستمرار إلى عمر أكبر للتقليل من نسبة تخفيض راتبه، لأن كل راتب تقاعدي مبكر يُخصّصه الضمان يتم تخفيضه بحسب سن المؤمن عليه وكلما زاد السن قلّت نسبة التخفيض.
سادساً: اطلعت سابقاً على حالات لموظفين حكوميين تم انهاء خدماتهم بنفس الطريقة، وراجعوني بعد شهرين أو ثلاثة من تاريخ إنهاء خدماتهم ظنّاً منهم أن مؤسسة الضمان قد خصّصت لهم رواتب تقاعدية مبكرة من تاريخ انتهاء خدماتهم بناءً على كتاب الجهة الحكومية التي أصدرت كتاباً مغلوطاً من الناحية القانونية بإحالتهم على التقاعد المبكر كما هو كتاب وزارة الزراعة المشار إليه، لكنهم فوجئوا بأن المؤسسة لم تخصص لهم هذا الراتب التقاعدي وأن عليهم أن يقدّموا طلباً شخصياً بأنفسهم للحصول على راتب المبكر الذي يخصص لهم اعتباراً من بداية الشهر الذي يقدمون فيه طلبهم، وليس بأثر رجعي، وقد تضرر بعض الموظفين وخسروا رواتب تقاعدية عن عدد من الأشهر بسبب الكتب التي صدرت بإحالتهم وتأخرهم عن مراجعة الضمان وتقديم طلب الحصول على راتب التقاعد المبكر ظناً منهم أن كتاب جهات عملهم بإحالتهم على التقاعد المبكر كاف ويضمن حقهم براتب التقاعد دون طلب منهم.
وختم الصبيحي ايضاحاته القانونية في هذا الجانب، متمنيا أن يكون ما ذكره جليا لجميع الجهات الرسمية والعامة، وألا يتكرّر خطأ وزارة الزراعة ولجنة مواردها البشرية على الرغم من أنها تضم مسؤول وحدة الشؤون القانونية، ومندوب ديوان الخدمة المدنية، ومندوب وحدة الرقابة الداخلية، والذين يُفترض أنهم على دراية كافية وكاملة بالتشريعات التي تخص عمل اللجنة وقراراتها.