هناك تخوف كبير من منح البرلمان سلطته الحقيقية



كتب النائب زيد العتوم - 

في النظم الديموقراطية تكون الدولة مسائلة أمام الشعب وذلك لكي تكون الخدمات المقدمة للمواطنين على أعلى مستوى ممكن من الكفاءة. لذلك يجب أن يكون هنالك برلمان منتخب من الشعب يقوم بثلاث مهام أساسية: مراقبة أداء الحكومة، سن التشريعات، وتمثيل الشعب.

وتختلف هنا درجة قوة سلطة البرلمان من حيث تمكينها من أداء مهامها من دولة لدولة. ففي الدولة المتقدمة والديموقراطية يكون البرلمان قوي وله سلطة واسعة. وتقل تلك القوة والسلطة تباعا كلما كانت الدولة أقل تطورا وأكثر سلطوية وشمولية. ففي الدول غير الديموقراطية يتم استخدامهم البرلمان لغايات تصديق القرارات التي يتم اتخاذها من قبل الجهات صاحبة السلطةالحقيقية لغايات إضفاء الشرعية على تلك القرارات. إلا أنه واقعيا لا يكون للبرلمان سلطة حقيقية.

وبنفس الوقت فلا بد أن ندرك بأن السلطة المطلقة هي باب للفساد، وبالتالي فإنه يجب أن يكون هنالك ضوابط لتلك السلطة. وتوازن في القوة بين السلطات. فعلى سبيل المثال فإنه من الممكن أن يتم إستخدام السلطة لاستجرار منافع شخصية للنائب أو لمعارفه، وبالتالي فإنه يتوجب هنا أن يكون هنالك سلطة قضائية تراقب النائب في حال أساء استخدام السلطة لمنافع شخصية. وهذا ما يسمى التوازن بين السلطات.

وفي المحصلة فإن ضعف سلطة البرلمان في العديد من الدول النامية يؤدي إلى ضعف إيمان الشعب بالمؤسسة البرلمانية. فالشعب ذكي ويدرك تماما ما الذي يحصل، ويدرك متى يكون من انتخبه هو صاحب سلطة حقيقية أم لا. فإذا رآه عاجزا عن مراقبة الحكومة فيبدأ السخط على النواب، وتقوم فئة أخرى بمحاولة الاستفادة قدر الممكن من النائب عن طريق المنافع الشخصية التي تكون في حدود مقدرة النائب.

في الاردن معضلتنا مختلطة، فلا سلطة كافية للبرلمان وهنالك تخوف كبير من منح البرلمان مكانه وسلطته الحقيقية. العمل الجماعي مفقود في البرلمان ولا أدري ما السبب الحقيقي. أحيانا قد يكون السبب هو حالة احباط عامة، وأحيانا أخرى السبب هو عدم وجود موارد للنائب تمكنه من القيام بعمله على أكمل وجه، وكذلك فالنظام الداخلي لمجلس النواب يقيد النائب إلى حد كبير. ولكن الأهم هو غياب ثقة المجلس بنفسه بأنه صاحب قرار بالتزامن مع العمل الدؤوب من قبل بعض القوى لإضعافه. والحكومة تستشعر ضعف المجلس فتعمل على تقزيم دوره لأن أي رقابة على أعمال الحكومة تعتبره تعطيل لها. فلا تقوم الحكومة بتزويد البرلمان بالمعلومات والأدوات الكافية التي تمكنه من ممارسة عمله.

الحلول تبدأ بتمكين البرلمان من ممارسة دوره وتشجيعه على العمل الكتلوي الحقيقي. بالإضافة إلى ذلك فلا بد أن يكون هنالك تمويل كاف للبرلمان لتمكينه من ممارسة أعماله. فالنائب لا يوجد لديه طاقم مؤهل ومتمكن يساعده للاحاطة بكافة الجوانب التشريعية والرقابية وتكوين رأي بخصوصها. والأهم هو أن مجلس النواب يجب أن يؤمن بنفسه وبسلطته وبإمكانياته.

البرلمان المتمكن (أو الممكن) يؤدي إلى ديموقراطية حقيقية ومسائلة فعالة ودولة قوية وثقة شعبية بالدولة ككل. وهذا ما يجب أن يدركه صناع القرار. النظر إلى البرلمان وكأنه شر لا بد منه لا يفيد أحد وسيودي بنا للهاوية لا سمح الله.