جبل المكبر.. بين كابوس الهدم وغول الاستيطان والشوارع الالتفافية

يتهدد كابوس الهدم والتطهير العرقي خلال أشهر قليلة، نحو 150 منزلًا ومنشأة في بلدة جبل المكبر جنوب شرقي القدس المحتلة، وفقًا لقانون "كمينتس" الإسرائيلي، ولصالح توسعة "الشارع الأمريكي" الاستيطاني الذي التهم مئات الدونمات من أراضي البلدة.
ووضع قانون "كمينتس" المصادق عليه أواخر عام 2017 "تعديل رقم 116 لقانون التنظيم والبناء"، شروطًا تعجيزية أمام تمديد أوامر هدم المنازل غير المرخصة في القدس.
ووفقًا للقانون الخطير، فإن مدينة القدس قد تشهد خلال الأيام والأشهر المقبلة أرقامًا قياسية للهدم، قد تصل إلى 250 منزلًا ومنشأة، نصفها تقريبًا في جبل المكبر.
وجبل المكبر قريةً مقدسية صغيرة تبلغ مساحتها 5021 دونمًا، تقع فوق تلة مرتفعة تطل على بلدة سلوان والبلدة القديمة، قسمها الاحتلال، وأخرج جزء منها وهو حي الشيخ سعد من القدس، وضمه إلى الضفة الغربية، وكذلك السواحرة الشرقية من حدود السواحرة، وقسمها إلى 3 مناطق، وهي السواحرة الغربية والشرقية والشيخ سعد.
وتتفاقم معاناة سكانها يومًا بعد يوم، بسبب إخطارات الهدم ووقف البناء، ناهيك عن إقامة المشاريع الاستيطانية والشوارع الالتفافية والفنادق والمراكز التجارية وغيرها، بهدف التضييق وتشديد الخناق عليهم لدفعهم للهجرة.
ترقب وخوف
ويعيش أهالي جبل المكبر حالة من الترقب والخوف الشديدين، خشيةً من هدم منازلهم بأي لحظة، وطردهم بالعراء، داعين في الوقت نفسه للتضامن معهم ومناصرتهم لأجل منع مجازر الهدم والتشريد التي ترتكبها بلدية الاحتلال بحقهم.
ويقول الأهالي: إن "هدم بيوتنا قتل لنا ومحو لوجودنا، وسنبقى ولن نرحل، فالقدس تركت وحدها، وإن لم نتحرك نحن فلا بيت ولا وجود"، مؤكدين أنهم سيدافعون عن أنفسهم.
ويؤكدون أن مئات المنازل في القدس مهددة بالهدم خلال شهور قليلة، غالبيتها في جبل المكبر، مشددين على أن الجهود والحلول القانونية لتفادي مجازر الهدم ستكون عاجزة تمامًا.
ويطالب الأهالي بوقف سياسة هدم البيوت، والتطهير العرقي في القدس، موجهين رسالة للاحتلال، قائلين: "إرادة المقدسيين صلبة، وأهدافكم سياسية عنصرية، لكن بيوتنا حياتنا، فلا تقتلونا".
مجازر هدم
عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس الكاتب راسم عبيدات يقول لوكالة "صفا" إن هناك سياسة إسرائيلية ممنهجة لهدم منازل المقدسيين في مدينة القدس عامةً، وجبل المكبر خاصة، سواء تحت طائلة ما يسمى قانون "كمينتس" أو الهدم الإداري، أو عمليات الهدم بدون ترخيص.
ويضيف "نحن أمام مجازر حجر ستنفذها بلدية الاحتلال في جبل المكبر خلال الأيام المقبلة، بهدف الطرد والتهجير والتطهير العرقي في المدينة المقدسة، لتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي لصالح المستوطنين.
وتعتبر جبل المكبر من أكثر البلدات المقدسية تضررًا من سياسة الهدم، فهناك نحو 150 منزلًا مصنفًا بالهدم السريع لوقوعه في طريق ما يسمى بـ "الشارع الأمريكي"، ضمن التوسعات التي تجري لهذا الشارع.
يذكر أن "الشارع الأمريكي" يبدأ أقصى جنوب شرق القدس قرب بيت ساحور ومستوطنة "هار حوما"، مرورًا ببلدتي صور باهر وجبل المكبر، ثم عن طريق نفق يبدأ من بلدة سلوان أسفل جبل الزيتون ليخرج عند حاجز الزعيم العسكري.
وبحسب عبيدات، فإن سلطات الاحتلال التهمت مئات الدونمات من أراضي البلدة، لصالح إقامة الشارع الاستيطاني، ما أدى لعمليات هدم المنازل.
ويوضح أن احتجاجات أهالي جبل المكبر أمام مبنى بلدية الاحتلال تأتي ضد سياسة هدم منازلهم، ولوقف مجازر الحجر، خاصة في ظل عدم وجود أي حاضنة سياسية ومرجعية فلسطينية.
ويتهدد أكثر من 20 ألف منزل مقدسي خطر الهدم وطرد السكان، تحت ذريعة عدم الترخيص. وفقًا للكاتب عبيدات
ويمنح قانون "كمينتس" صلاحيات واسعة لتنفيذ عمليات الهدم في القدس، فأقصى عملية تمديد قد تكون متاحة للمواطن لمدة عام، ومن ثم تُنفذ بلدية الاحتلال ووزارة الداخلية عملية الهدم، ولا تمنح أي صلاحية لتمديد الهدم مجددًا، وبالتالي تسريع عملية هدم المنازل، وعدم إعطاء المحاكم فرصة لاستمرار التمديد.
خطوات المواجهة
ويحذر عبيدات من خطورة هذا القانون على المقدسيين ومنازلهم، مؤكدًا أن ذلك يحتاج لأن يُسخر القانون الدولي والحقوقي والإنساني، والسفارات والقنصليات الدولية لوقف عمليات الهدم في القدس، وفرض عقوبات على "إسرائيل"، باعتبار ذلك يرتق إلى جريمة حرب.
ويوضح أن سلطات الاحتلال تهدف من وراء هدم المنازل، لاستكمال تنفيذ مشاريعها الاستيطانية والتهويدية في المدينة، من أجل خدمة المستوطنين والمستوطنات، وتحويل القرى والبلدات المقدسية إلى جزر متناثرة في محيط إسرائيلي واحد.
وعن الآليات والخطوات اللازمة لمواجهة سياسة الهدم، يؤكد المحلل السياسي أن ذلك يحتاج على المستوى السياسي إلى إرادة سياسية وملاحقة الاحتلال على ما يجري، باعتباره يشكل خرقًا للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية، ولابد من التوجه للمحاكم الدولية لرفع قضايا ضد الاحتلال.
وأما على المستوى الشعبي، فيجب التصدي والتحرك بشكل واسع، بحيث لا يقتصر على منطقة دون أخرى، ويبقى الرهان على الحالة الشعبية في مواجهة مشاريع ومخططات الأسرلة والتهويد بالقدس.
ويشدد عبيدات على ضرورة وضع استراتيجية فلسطينية واضحة للتعاطي مع مجازر الحجر التي تُرتكب في المدينة المقدسة.
صفا