مواطن يهرب وحكومة تلاحقه!



إستعمل الأردنيون منذ خمسينات القرن الماضي" الكانون ، المنقل " بحطبه ومخلفات الزيتون ( الجفت ) لمواجهة برد الشتاء ، ثم انتقلوا لصوبات الحطب والكاز " أم البواري " ، بميزة تدفئتها مساحة أوسع من الكانون ، والتي طورّتها الصناعة المحلية لتناسب دخولهم وثقافتهم الخالية من التباهي . 

استمر ذلك حتى أواسط السبعينات ، عندما تزامن ارتفاع المداخيل مع نهضة عمرانية خاصة وعامة ، أدخلت التدفئة المركزية على بيوت الأردنيين ، كمظهر راحة اقتصادية واجتماعية ، استمر حتى بدأت برامج التصحيح الإقتصادي بسياسات رفع الدعم ..، فرفعت الحكومات أسعار المحروقات بقفزات سريعة ، أثقلت كاهل المواطن وأجبرته على البحث عن بدائل ، فانتقل للمدافئ والمكيفات الكهربائية ، التي تخدمه صيفا شتاءا ، صاحبها هجرة مجتمعية للتدفئة المركزية .

 لكن مع سوء إدارة قطاع الطاقة ، عادت الحكومات ورفعت أسعار الكهرباء مبررة ذلك للحدّ من عجز الخزينة العامة والمديونية ، ما أجبر المواطن من جديد على هجر المكيفات الكهربائية ، وإعادة البحث ليجدها في مدافئ الغاز ، التي طور القطاع الخاص صناعتها ، وأصبحنا نراها في المنازل الصغيرة والكبيرة وصواوين المناسبات ، مع تطوير أنظمة تدفئة مركزية على الغاز ، بسلاسل تزويدها وتركيبها وصيانتها ، وحتى " مدفأة الحطب Fire place " ، في منازل الموسرين ، تحولت للغاز بدلا من الحطب . 

من هنا نرى كيف طور المواطن نمطه الإستهلاكي في تدفئة منزله تجنبا لسياسات الطاقة الحكومية ، التي استمرت تطارده ، لتتحول غالبية المواطنين لاستعمال مدافئ الكاز والغاز . 

مع استمرار تخبط سياسات الطاقة قد تجبر الحكومة المواطن على العودة " لكانون ومنقل " الخمسينات من جديد .