اخرها احتجاجات كندا.. هل "يتنبأ برنامج سيمبسون بالمستقبل؟
لا يخفى على متابعي التلفزيون سلسلة "سيمبسون" الشهيرة و"التنبؤات" التي يزعم المشاهدون أن حلقاتها تستعرضها وسط ادعاءات أن القائمين على إعداد البرنامج "من المسافرين عبر الزمن".
وقد بدأ بث حلقات برنامج "عائلة سيمبسون" منذ عام 1987 كرسوم كاريكاتورية قصيرة في برنامج "تريسي أولمان"، وهو برنامج متنوع كان يبث عبر شركة "فوكس" للإذاعة.
وبعدها امتد البرنامج إلى نصف ساعة، وظهر لأول مرة كعرض خاص بمناسبة فترة الأعياد في 17 ديسمبر 1989، ثم بدأ بثه بانتظام، في يناير 1990، وفقا لموقع "بريتانيكا".
فمن هجمات 11 سبتمبر، وصولا إلى تفشي فيروس كورونا المستجد من الصين، تتواصل نظريات المؤامرة المرتبطة بالسلسلة الكرتونية.
وتداول مستخدمون عبر الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا مؤخرا منشورات زعمت أن سلسلة سيمبسون "تنبأت" بالاحتجاجات التي أقامها سائقو الشاحنات بكندا في يناير عام 2022، بسبب الأزمة الناجمة عن جائحة كوفيد.
وتشير وكالة فرانس برس إلى أن هذا ليس صحيحا، وأن الفيديو المتداول هو عبارة عن دمج لمقطعين مختلفين، وأنه تم تعديله كي يوحي بأن منتجي المسلسل تمكنوا من التنبؤ بالاحتجاجات.
ومنذ الجمعة، كانت العاصمة الكندية، أوتاوا، مسرحا لتعبئة كبيرة، أطلقها أولا سائقو شاحنات يعارضون إلزامية التطعيم لعبور الحدود بين كندا والولايات المتحدة.
لكن العديد من مؤيديهم الذين يرفضون مجمل القيود الصحية، تجمعوا في أوتاوا لدعم سائقي الشاحنات الذين جاؤوا في قوافل من جميع أنحاء البلاد.
وحظي مقطع الفيديو المعدّل لسلسلة "سيمبسون" تحت عنوان "سيمبسون يتنبأ بهروب ترودو مع وصول سائقي الشاحنات"، بآلاف المشاركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، منذ نشره في 28 يناير الماضي.
وكشفت فرانس برس أن الفيديو مكون من مقطعين، الأول يظهر الأب "هومر سيمبسون" وابنه "بارت" وهما يقودان شاحنة، لتنضم إليهما شاحنات أخرى، ولا علاقة لهما بأي احتجاجات، أما المقطع الثاني فيظهر رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، وهو يهرول خائفا من مكتبه، بعد مكالمة مع "ليزا سيمبسون" عندما طلبت منه الكشف عن "فضيحة سياسية".
وذكرت الوكالة أن الحلقتين منفصلتان ولا تمتان لبعضهما بصلة.
"عائلة سيمبسون" تسافر عبر الزمن
وهذه ليست المرة الأولى التي يرتبط فيها اسم السلسلة الشهيرة بتنبؤات مفترضة عن أحداث على أرض الواقع، ففي أغسطس عام 2021، انتشر مقطع عبر تطبيق "تيك توك" عرض حلقات لبرنامج "عائلة سيمبسون" وزعم أن منتجي البرنامج كانوا على علم بأحداث المستقبل، وتظهر المقاطع المعروضة مزيجا من لقطات للبرنامج وصورا أخرجت عن سياقها أو مقاطع أصلية (أي لم تخضع للتعديل) عرضت وكأنها تفسير "خارج عن إطار الصدفة".
وهذه المقاطع تنتشر تحت تسمية "البرمجة التنبؤية" (Predictive Programming)، وهو مصطلح عرفته جامعة أوهايو ضمن علم النفس على أنه ""النظرية القائلة إن الحكومة، أو غيرهم من المسؤولين الكبار، يستخدمون الأفلام أو الكتب الخيالية كأداة للتحكم في العقل الجماعي لجعل السكان أكثر قبولًا للأحداث المستقبلية المخطط لها".
لكن بعض "التنبؤات المزعومة" التي عرضها صاحب مقطع "تيك توك"، لا تنطبق على النظرية المذكورة أعلاه لأنها ببساطة لا تستند إلى وقائع ثابتة أو تم التلاعب بمحتواها لتعكس "حقائق مفترضة"، وهنا نورد بعضها:
انفجار بيروت
وبعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس عام 2020، تداول مستخدمون مقطع فيديو لمشاهد من المسلسل، تشبه ما حدث في العاصمة اللبنانية.
ويظهر في الفيديو "هومر"، وهو يشتري متفجرات من متجر، وفي المشهد التالي، يحدث انفجار ضخم، وتظهر سحابة كبيرة، مثل تلك التي ظهرت في بيروت.
وقال البعض أيضا إن بناية ظهرت في المشهد الكارتوني تشبه بناية أخرى، صورت في بيروت، ضمن المشاهد التي أعقبت الانفجار.
لكن تقريرا لموقع snopes.com وجد أن الفيديو تم التلاعب به، لأنه يجمع مشهدين من حلقتين مختلفتين، وذكر أن "هومر" دمر بالمتفجرات التي اشتراها غسالة أطباق وليس مدينة بأكملها، وهو ما يتناقض مع ما أوحى به الفيديو.
انتشرت صورة ظهرت في مسلسل سيبمسون للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو يضع يده على كرة زجاجية برفقة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وهو ما حصل بالفعل خلال لقاء في مؤتمر لمكافحة الإهاب استضافته مدينة الرياض.
وادعت منشورات أن المسلسل استعرض بالتفصيل هذه الصورة في حلقة نشرت عام 2002، أي قبل انعقاد الاجتماع عام 2017، لكن في الواقع نشرت الحلقة بعنوان "125 Days: Donald Trump makes one last try to patch things up with Comey" بعد أيام من زيارة ترامب.
كوفيد- 19 والدبابير القاتلة
انتشر مقطع قديم يعود لعام 1993 لـ "عائلة سيمبسون" بشكل واسع في عام 2020 تحديدا، وزعم ناشروه أن البرنامج الكرتوني توقع قدوم فيروس كورونا المستجد.
خلال الحلقة التي حملت عنوان "Marge In Chains" ينتشر فيروس يسمى "Osaka Flu" في مدينة سبرينغفيلد، بعد أن يقوم السكان بطلبات شراء لأجهزة عصر الفواكه من اليابان.
قبل أن يتم تعبئة أجهزة العصر، يقوم أحد العاملين المصابين بالإنفلونزا بالعطس داخل عبوات الأجهزة وبعدها يتم إرسالها إلى الولايات المتحدة.
ينتشر الفيروس بعدها في المدينة ويصاب الناس بالذعر، ليقوموا بمحاولة سرقة شاحنة يعتقدون أن فيها علاجا للفيروس، ولكن بدلا من ذلك يظهر أنها تحمل صندوقا مكتوب عليه "دبابير قاتلة" تنتشر بعدها على شكل سرب.
تم رصد الدبور الآسيوي القاتل لأول مرة في ولاية واشنطن الأميركية، عام 2020، واعتبره الخبراء الأكبر في العالم ويلقبه البعض بـ "الدبور القاتل" كونه أصبح يثير قلق مربي النحل.
لكن المقطع الأصلي للعاملين في المصنع لا يتطرق إلى فيروس كورونا، وتم تعديل عبارة "Apocalypse Meow" التي تظهر قرب مذيع الأخبار في الحلقة، لتظهر عبارة "CORONA VIRUS".
وصف بيل أوكلي ، أحد مؤلفي حلقة عام 1993، الادعاء لرويترز بأنه "تهويل"، حيث استندت الحلقة إلى أحداث أخرى حدثت بالفعل.
وقال: "لا أتذكر على وجه التحديد الفيروسات التي ظهرت في الأخبار خلال العقد السابق لكتابتها، ولكن ربما كان هناك القليل منها". مضيفا: "القصة كلفنا بها صانعو العرض، مايك ريس وآل جان، ونصحونا بقراءة كتاب "الطاعون" لألبير كامو، وهو ما يقوم عليه الفصل الأول بأكمله.
"أود أن أقول بشكل عام عندما يقول الناس أن عائلة سمبسون قد تنبأت بشيء ما، فهذا لأننا نسخر من أحداث الحياة وقعت بالفعل منذ سنوات سابقة، ولأن التاريخ يستمر في تكرارها، يبدو وكأننا نتوقع حدوثها".
وفي حلقة بعنوان "Bart to the Future"، بثت عام 2000، تظهر ليزا سيمسون كأول امرأة تتسلم منصب رئاسة الولايات المتحدة، ورغم أنه لا يتم ذكر اسم أول نائبة للرئيس الأميركي، كامالا هاريس، إلا أن زي ليزا ولباس كامالا هاريس البنفسجي، في مراسم تسلم الرئيس الأميركي، جو بايدن، مهامه، في 21 يناير عام 2021 يبدوان متطابقين.
وهذا دفع بعشاق نظريات المؤامرة إلى التكهن بأن المسلسل تنبأ بالمستقبل، لكن هناك تفسيرا لما يحصل.
وذكرت رويترز أن النساء اللواتي تقلدن مناصب رفيعة ارتدين درجات مختلفة من اللون البنفسجي خلال مراسم التنصيب الرئاسي في السنوات السابقة، مثل وزيرة الخارجية السابقة، هلاري كلينتون، والسيدة الأولى السابقة، ميشال أوباما.
ويرمز اللون البنفسجي إلى الحركة النسائية التي تمكنت من الحصول على حق الاقتراع للمرأة الأميركية في العشرينيات، كما يرى البعض أن اللون يرمز إلى الوحدة بين الولايات الزرق (الديمقراطية) والحمراء (الجمهورية)، وفقا لرويترز.
هجمات 11 سبتمبر
وبالطبع، لا يمكن التطرق إلى توقعات "سيمبسون" المفترضة من دون أن نذكر الحلقة التي زعم المتابعون أنها تشير إلى التنبؤ بهجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
وفي الحلقة بعنوان "The City of New York vs. Homer Simpson"، يحمل بارت مجلة أمام شقيقته، ليزا، يظهر في غلافها صورة لبرجي مركز التجارة العالمي وبجانبها رقم "$9"، ليبدو وكأن الصورة تظهر تاريخ "11 - 9".
وفي مقابلة مع "نيويورك أوبزيرفر"، عام 2010، تطرق أوكلي، الذي كان حينها المنتج التنفيذي للبرنامج، إلى المصادفة "الغريبة".
وقال: "لقد اخترنا سعر المجلة لأننا رأينا أنه رخيص بشكل يدعو للسخرية"، مضيفا "أعترف بالفعل أنه أمر غريب، لأن رقم 9 دولارات يظهر في الحلقة الوحيدة بأي سلسلة بثت على الإطلاق، وكانت مبنية على فكاهات تخص مركز التجارة العالمي".
الحرة