اطباء الإقامة .. آلام وآمال ترسم صورة مستقبلنا الصحي




يواجه القطاع الصحي جملة من التحديات ، في ظل إهمال رسمي وتهميش اوصله الى حافة الانهيار ، وكشفت جائحة كوفيد ١٩ هشاشة هذا القطاع وضعفه وعدم قدرته على مواجهة التحديات والغرق في لجة بحر من الازمات المتتالية .

ولعل من ابرز التحديات التي تواجه القطاع الصحي تلك المتعلقة بالكوادر البشرية ، وفي مقدمتها نقص الكوادر الصحية عموما والطبية على وجه الخصوص وتحديدا النقص الحاد في اطباء الاختصاص ولا سيما في اختصاصات القلب والدماغ والأعصاب وغيرهما من الاختصاصات الحيوية ، وتلويح الاطباء الشباب بالهجرة تحت وطأة الظروف الصعبة التي يرزحون تحت نيرها .

وتبرز اشكالية النقص الحاد في اطباء الاختصاص بشكل واضح وجلي في وزارة الصحة التي تفتقد الى عديد من الاختصاصات ونقصها الحاد ، فلجأت الى شراء الخدمات لتعويض النقص وسده، وتحول ذلك الى نهج راسخ لتنفيع نفر من الأخصائيين المقربين من الوزير وحاشيته ، وقد ثبت بالوجه الشرعي القاطع الفشل الذريع لشراء الخدمات الذي اخرج بقدرة قادر عن الأهداف والغايات التي يفترض انه جاء لتحقيقها .

وللحقيقة ، فقد أدرك بعض وزراء الصحة عبثية شراء الخدمات وان ذلك ليس إلا حلا آنيا مؤقتا ووهميا لسد النقص في اطباء الاختصاص ، وترسخت لديهم القناعة بأن الحل الجذري الحقيقي والاستراتيجي يتمثل ببناء قدرات الوزارة الذاتية على صعيد توفير الاختصاصات الطبية التي تحتاجها ، وأن الطريق الامثل لذلك فتح اختصاصات جديدة حيوية والتوسع في عدد الاطباء للالتحاق في برامج الإقامة في التخصصات المختلفة ، ولا سيما التي تحتاجها الوزارة بشكل ملح ، وقوبل ذلك بقوى شد عكسي تعمل الضعاف الوزارة وتدمير اي مشروع لنهضتها من كبواتها.

واجزم أن أحد اهم الحلول لازمة وزارة الصحة وهي بحق العمود الفقري للقطاع الصحي ، يتمثل في الالتفات الى قضية اطباء الإقامة في التخصصات المختلفة ، فهؤلاء هم أملها في الخروج من مأزقها ، فهل هي مدركة لواقع حال هؤلاء الاطباء ؟؟ وهل تعلم بمعاناتهم وهموهم ام انها "غايبة فيله " ؟؟.

في قضية اطباء الإقامة يتساءل نقيب الاطباء الأسبق الدكتور أحمد العرموطي في منشور على صفحته الخاصة ( فيس بوك ) من المقصر أهي نقابة الاطباء بمجالسها المتعاقبة أم وزارة الصحة أم هو المجلس الطبي .

وتبرز في قضية اطباء الإقامة في التخصصات المختلفة جملة من " الانتهاكات " التي يتعرض لها هؤلاء الاطباء ، من أبرزها: طول ساعات العمل، إذ تجاوز في بعض الأحيان الـ100 ساعة في الأسبوع كذلك ضغط العمل والمناوبات التي تصل إلى 38 ساعة متواصلة، إضافة إلى عدم حصولهم على عطلة أسبوعية أو إجازات الأعياد والإجازات الرسمية أو إجازات الأمومة للطبيبات المقيمات، إلّا نادراً، وفق تقارير منشورة .

وتتعدد برامج الإقامة التي تطرحها بعض المستشفيات في القطاعين العام والخاص أو في الخدمات الطبية إذ تقدم بعض المؤسسات الطبية الخاصة برامج الإقامة إما دون أجر أو بأجر قد لا يجاوز الحد الأدنى للاجور ، ناهيك أن بعض المستشفيات تشترط على الطبيب أن يدفع رسوماً سنوية مقابل تدريبه تراوح بين الـ1200 والـ3000 دينار، على اعتبار أنه متدربا وليس طبيبا.

وخلاصة القول : اطباء الإقامة في التخصصات المختلفة يشكلون أمل القطاع الصحي في الخروج من ابرز أزماته، ويعكسون في نهاية الأمر صورته المستقبلية ، ولهم عند حصولهم على الاختصاص الدور الأهم في تقدم القطاع الصحي ورفع سوية الخدمة التي يقدمها للناس وتحسين جودتها .

وعليه ، يستحق هؤلاء الاطباء ان يحظوا بالاهتمام ، وان تلتفت جميع الجهات المعنية الى قضيتهم وتلبي مطالبهم وهي عادلة ، وبخلاف ذلك سيقتلهم اليأس والاحباط فيدفع القطاع الصحي ثمن ذلك غاليا ،ولن يجد في المستقبل القريب من يخدم مرضاه ويرعاهم ، وبتجاهل قضيتهم وتهميشها نعبد طريق هجرتهم!! .

قضية اطباء الإقامة جوهرية ، يجب عدم اغفالها والتغاضي عنها ، وبحثها بالسرعة القصوى أولوية، وإيجاد الحلول لما يواجهونه من تحديات ضرورة ملحة تستدعي التعجيل وعدم الوقوع في فخ التأجيل القاتل .

وفي السياق اتفق تماما مع دعوة الدكتور العرموطي لوضع قضية اطباء الإقامة في التخصصات المختلفة على طاولة البحث والحوار بمشاركة جميع الأطراف المعنية ، لإيجاد الحلول الناجعة لقضيتهم ، فمن يعلق الجرس وزارة الصحة أم لجنة إدارة نقابة الاطباء أم المجلس الطبي ؟؟.