سهم نقابة الصحفيين الطائش يرتد عن الهدف ويصيب المهنة في مقتل!



بعد انتظار وترقب دام طويلا ، تمخض مجلس نقابة الصحفيين الاردنيين ، بعد ثلاثة اشهر من تسلمه سدة المسؤولية، عن قرار يتيم جاء اعتباطيا بامتياز ..

المجلس لم يفتح اي ملف ، ولم يحل اي مشكلة ، لا بل شهد صدامات وخلافات ونزاعات منذ اليوم الاول من انعقاد جلسته الاولى ..

اليوم يخرج علينا المجلس بقرار يضع فيه حدا ادنى لاجور رئيس التحرير في المواقع الالكترونية تحديدا(..) ،و يُقر مبلغ ٥٠٠ دينار ..

رئيس تحرير ، بمعنى اعلى " title " ، اهم مسمى وظيفي في مهنة الصحافة ، قيمته عند المجلس الحالي ٥٠٠ دينار ، قرار معيب ومخجل ، ويندى له جبين جميع العاملين في مهنة المتاعب، المبتلاة بمجلس نقابة يعمل خارج كل السياقات المنطقية ..

المجلس الحالي ، لم يلتقِ احد ، لم يدرس واقع حال العاملين في المهنة في مختلف وسائل الاعلام، المجلس غير مطلع على الاوضاع الاقتصادية للمؤسسات الصحفية ،المجلس لا يعرف شيئا عن المواقع الالكترونية ،المجلس يقرر بالاغلبية تبني مقترح تقدم به احد الاعضاء، دون ان يتأكد -على الاقل- من قانونية هذا المقترح ، وما اذا كان باطلا و منعدما من الناحية القانونية!!

تنسيقية المواقع الالكترونية لم تستبعد ابدا ان يجري استهدافها من قبل هذا المجلس ،وذلك بعد فشل الحكومة وهيئة الاعلام في فرض اتاوة جديدة على المواقع الالكترونية ، الحرب على الاعلام الالكتروني مستمرة ، وتأخذ اشكالا كثيرة ، والغاية منها هي تصفية الغالبية العظمى من المواقع لصالح عدد محدود ، يضاعف ذلك من فرص السيطرة عليهم وإدخالهم قسرا في بيت الطاعة الرسمية ، ويجعل منها عملية سهلة وغير مكلفة ..

المجلس يتذرع بان هذا القرار يحفظ حقوق ومصالح اعضاء الهيئة العامة ، ونحن بدورنا نوضح التالي :

١- لماذا لم يضع مجلس نقابة الصحفيين ايضا ، حد ادنى لاجور المندوب الصحفي والمصور الصحفي والمراسل الصحفي والمحرر الصحفي وراسم الكاريكاتير الصحفي والكاتب الصحفي ؟!! هل هؤلاء جميعا لا يستحقون ذات الرعاية والعناية والاهتمام من قبل اعضاء المجلس المتشدقين بحرصهم على المصلحة العامة ؟ و اذا كان الحد الادنى لاجور رئيس التحرير ٥٠٠ دينار، فماذا سيكون الحد الادنى لرواتب الزملاء الاخرين ١٥٠ دينار مثلا ؟ الى اي درك انزلنا هذا القرار ؟!! ماذا عن رؤساء التحرير الذين يتقاضون اعلى من هذا المبلغ بكثير ؟ كيف سيتأثرون بهذا التخريف يا ترى ؟ وهنا يرتد سهم النقابة الطائش عن الهدف ويصيب المهنة و رؤساء التحرير في مقتل ..

٢- ما الذي فعله هذا المجلس والمجالس السابقة للنهوض بالمهنة وتحسين اوضاع المؤسسات الصحفية المالية والعاملين فيها ؟ الجواب طبعا لا شيء ، نسأل سؤالا اخر: كم عدد الصحفيين الذين قامت النقابة بتأمين فرص عمل لهم ؟ الجواب قطعا ، لا احد ، ويبقى هنا ان نسأل: ماذا تفعل النقابة ، وجوابنا هو الجباية ولا شيء غير الجباية ..اذا كان الامر كذلك ، فلماذا يعبث المجلس بهذه الملفات الحساسة وهو لا يعرف شيئا عن هذا القطاع - المواقع الالكترونية - ، ولم يلتقِ معه على الاطلاق ، رغم مبادراتنا لطلب اللقاء باعضاء المجلس الجدد ؟!

٣- الممارسات الخاطئة لا يجوز ان تكون مبررا لارتكاب  المزيد من الاخطاء  ، فاذا كانت اجور بعض الزملاء رؤساء التحرير متدنية ، فهذا لا يعني ابدا اننا امام ظاهرة تستدعي ان نضرب انفسنا بنصل حاد ،يعيدنا للوصايات والاجتهادات التي دمرت كل شيء..

٤- ما هو تأثير هذا القرار على المواقع الالكترونية ؟ طبعا ، صاحب المقترح ، اجاب على هذا السؤال بقوله :” نحن نمثل اعضاء الهيئة العامة من الصحفيين فقط ، و غير معنيين بالناشرين او بغيرهم "، وهذا كلام في غاية الخطورة ، فاذا كانت هذه الروحية الانتقامية هي التي تحرك اعضاء المجلس فنحن امام كارثة حقيقية .. مصلحة الصحفيين هي من مصلحة المؤسسات التي يعملون بها ، واذا كانت هذه المؤسسات تعاني فان الصحفيين هناك سيعانون ايضا ، وهذا ينطبق على جميع المؤسسات والمهن .. نحن نتحدث عن قرار سيدفع الزملاء في المواقع الاخبارية للشعور بالغبن والاستهداف ، لا لشيء انما لان هناك ثمة حساسية من عمليات التدخل والاملاء .

الجميع يعرف ان المؤسسات تعاني وتئن تحت وطأة الضائقة المالية التي تحاصر وسائل الاعلام بكل اشكالها، وهذا يتسبب حتما في تراجع معدلات الدخل واحيانا تأخر في صرف الرواتب لاشهر طويلة ،صحيح ان هناك تشوهات، ولكن بقاء هذه المؤسسات وديمومتها افضل بكثير من تصفيتها ومحاصرتها وخسارتها بشكل نهائي .. كان يفترض ان يكون الحل توفيقيا ، ان تمارس النقابة دورها دون استعراض و تباكي مزيف على مصلحة الاعضاء، وغالبيتهم يعانون من البطالة والبطالة المقنعة .. ماذا لو قام مجلس نقابتنا الموقر بحل ما يواجه و يعترض المواقع الاخبارية الالكترونية من معيقات وتحديات ، الا يتجاوب اصحاب هذه المواقع مع المجلس و يقررون فورا تحسين دخول اعضاء الهيئة العامة من الصحفيين العاملين في هذه المؤسسات؟

٥- كم عدد اعضاء الهيئة العامة الذين تقدموا بشكوى متعلقة بانخفاض معدلات اجورهم في المواقع الالكترونية ؟ هل يقبل اي من اولئك الذين اضطروا للقبول بهذه "الملاليم” ان تدفعهم النقابة لترك وظائفهم ،لان "برستيج” الصحفي لا يسمح ؟!! اليس الاحرى بالنقابة ان توفر لهم فرص عمل كريمة ولائقة تحفظ مكانتهم وكرامتهم ، قبل ان تلجأ الى هذا التدخل الفج الذي لن يكون لصالح احد .. ماذا لو اغلقت هذه المؤسسات ابوابها ، ما هو مصير رؤساء تحريرها ، هل ستتبنى النقابة توفير فرص عمل لهؤلاء مثلا ؟! نريد ان نعرف ما اذا كان هناك "خطة استجابة” لهذه الجزئية تحديدا ؟!!

٦- القرار له بعد متعلق بالحريات،لان وضع حدود دنيا و سقوف عليا ، يشكل قيدا جديدا ، و محددا قد يدفع الكثيرين للخروج من المهنة ، وهذا يتقاطع مع رؤية واهداف الحكومة بشكل مريب ..


٧- خبراء قانونيون اكدوا بان هذا القرار منعدم قانونيا ، ولا يجوز ان تصدر قرارات عن المجلس لا تستند الى صلاحيات محددة في قانون نقابة الصحفيين ، قانون العمل هو مرجعية الجميع ، ما لم ينص قانون نقابة الصحفيين او قانون المطبوعات والنشر -وهما قانونان خاصان- بغير ذلك ..

جميعنا معنيون بتحسين اوضاع العاملين في هذه المهنة النبيلة والسامية ، ولكن هذا الانحطاط المهني الذي نعيش ، تتحمل النقابة مسؤوليته ، و كان الاحرى بها ان تفكر بكيفية النهوض بالمهنة و ضمان ديمومة واستمرارية المؤسسات الصحفية ، بدل ان تشارك عن قصد في انهائها وتصفيتها .. اي عقل هذا الذي يدير المشهد .. ارحمونا من اجتهاداتكم الكارثية على الاقل ..