الاردن بين نخب قديمة استهلكت والحاجة الى نخب جديدة قادرة على البناء

 

 كثيرة هي الاحداث التي مرت ولا زالت تمر بها الاردن خلال العقود الثلاثة الماضية، وهي تحاول ان تجتاز عنق الزجاجة لتتمكن من المضي قدما باتجاه مستتقبل اكثر حداثة واكثر توازنا على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

منذ توقيع اتفاقية وادي عربة والبلاد تدارمباشرة او من وراء الكواليس من قبل الاشخاص الذين شاركوا في عملية الوصول الى تلك الاتفاقية مع الكيان الصهيوني وقد ادى كل ذلك الى ادخال البلاد عنوة في زاوية ضيقة تصعب معها المناورة السياسية المستقلة، أدت فيما بعد الى سلسلة من التراجعات على كافة الاصعدة ودخلت البلاد في مراحل عمل عبثية تحت عناوين الخصخصة والاقتصادي اللبرالي الخدمي التابع بشكل كامل لاقتصاديات اقل ما يقال عنها انها اقتصاديات غير صديقة ومن غير الممكن التعويل عليها، رافق ذلك تفرد لون سياسي فكري محدد - اللبراليون الجدد- في قيادة دفة الامور في الدولة والهيمنة على عملية اتخاذ القرار الاستراتيجي فيها.

هذه المقدمة ضرورية للوصول الى الفكرة التي احاول ان يتضمنها هذا المقال وهي فكرة ان النخبة السياسية التي ساهمت بالاخطاء في الماضي وقادت اخطاؤها الى الهدم لن يكون بامكانها ان تساهم في عملية البناء والاصلاح، وان الطبقة السياسية التي اخطأت في خيارات البلد الاستراتيجية وقادت الى الوضع الحالي الصعب يجب ان لا تجرب مجددا، فكما ان للهدم نخبه وادواته فان للبناء كذلك نخبه وادواته.

وحتى نتوقف عن تجريب المجرب وتوقع نتائج مختلفة، فان المطلوب لانجاح عملية الاصلاح وضبط مساراتها نخب جديدة شابه شريطة ان تكون نخب وطنية، تمتلك قيما نابعة من ثقافة المجتمع وتقاليده الراسخة والناجحة التي تزواج بين متطلبات الحداثة ومتطلبات الموروث الاجتماعي الوطني وذلك لخلق حالة التوازن التي تعتبر ضرورية للاصلاح الحقيقي الناجح.

اما الاستمرار في التجريب تجربة غير ناجحة بعد تجارب اخرى سابقة غير ناجحة فلن يقود الى اصلاح حقيقي يضع الدولة على مسار يسمح بالانتقال الى مجتمع منتج، مجتمع يتمتع بالمساواة وباعلى درجات المحافظة على حقوق الانمسان، مجتمع تنتفي فيه عوامل الخوف من المجهول واستبدال ذلك بمجتمع حديث يتم فيه تداول السلطة والثروة بصورة عادلة من خلال عملية ديمقراطية تحظى بالاجماع الوطني.

الى ان يتم ذلك، فكل ما يجري ليس الا مضيعة للوقت وتبديدا للثروات الوطنية دون جدوى.