مآسٍ حبست أنفاس العالم.. رصد قصصاً تحاكي حادثة ريان
حادثة الطفل المغربي ريان ليست هي المرة الأولى التي تحبس أنفاس العالم، فقد أعادت إلى الأذهان قصصاً مشابهة وحوادث هزت وجدان البشرية بأسرها. "العربية.نت" تروي فصول تلك الملاحم التي أرهقت ذهن العالم وأرقت الضمير الإنساني لسنوات عديدة.
وبعد أن عاش المغرب، مساء أمس السبت، صدمة كبيرة بعد انتشال جثة الطفل ريان (5 سنوات)، الذي سقط في بئر عمقها أكثر من 30 متراً شمالي البلاد قبل خمسة أيام، وبعد محاولة شهدت جهودا كبيرة لإنقاذه، وأثار نبأ وفاته صدمة كبيرة لدى روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما من العرب، الذين ظلوا على مدى أيام يتابعون عن كثب سير العملية آملين في نجاته.
والبداية من مصر، حيث صارع الشاب أكثم سليمان الموت تحت الأنقاض نتيجة زلزال ضرب مصر في 12 أكتوبر 1992، أدى إلى مقتل أكثر من 1000 شخص، ليخرج أكثم بعد أن أمضى 82 ساعة مدفوناً تحت الأنقاض مع أمه وزوجته وابنته، ليتحدث أكثم بلسانه من على أحد أسرّة المستشفى: "شعرت بالرعب كأني في قَبر، ظلام دامس وأتربة ولا صوت إلا أنين المصابين وصمت الموتى".
وقال: "كنا على مائدة الغداء أنا وزوجتي "تنسيانا" وأمي وابنتي "سميرة"، وتقريبا انتهينا من الطعام وهممت بالذهاب لأحضر زجاجة المياه الغازية لابنتي التي طلبتها مني، وفجأة سمعنا صوت طرقعة شديدة وهرولنا نختبئ تحت منضدة الطعام، ثم وجدنا أنفسنا نسقط كأننا في بئر عميقة. كنت أسمع أصوات الصراخ للجيران وأمي وزوجتي تصرخان واندفعنا جميعا تحت الأنقاض".
وتابع أكثم قائلاً: "كانت أمي أول من صمتت وأسلمت روحها ثم ابنتي وبعدها زوجتي. حاولت أن أشجعهن للتماسك فقمت بتمزيق جزء من ملابسي، وكنت أتبول على القماش وأعيد شرب البول، لكن أمي وزوجتي رفضتا أن تفعلا مثلي. ابنتي ظلت تطلب مني كوب المياه الغازية حتى فاضت روحها، كنت أنظر إليهن ولا أملك أن أفعل أي شيء".
عاشت الجزائر عام 2018، فصول مأساة حزينة، حيث سقط شاب ثلاثيني يُدعى عيّاش في بئر قديمة عمقها 100 متر وقطرها 35 سنتيمترا. وظل عياش محاصرًا في تلك البئر مدة أربعة أيام، قضى أول يوم منها دون أن يفطن أحد إلى سقوطه حتى سمع طفل صراخه.
وعلى غرار عملية إنقاذ الطفل المغربي ريان، شرع العاملون في الدفاع المدني الجزائري في الحفر حول البئر حتى الوصول إلى المكان العالق فيه عياش الذي لم يستطع العيش في مكانه أكثر من 4 أيام، بينما استمرت أعمال الحفر 9 أيام حتى وصلت إلى جثة الهدف. وألهبت قصة عياش ضمير الشارع الجزائري وشكلت صدمة كبيرة.
ومن الوطن العربي إلى العالم، قصص كثيرة بطعم المعاناة نفسها إلا أن غالبيتها تحمل نهايات سعيدة، ففي تايلاند، تابع العالم بأنفاس مقطوعة، عملية إنقاذ 12 طفلاً هم فريق كرة قدم حوصروا في كهف رفقة مدربهم.
وكان الفريق يتفقد الكهف عندما انهمرت عليه مياه الفيضانات وسدّت مخارجه ليُحبس الفريق في المكان 17 يوما. وقد شارك في عملية الإنقاذ 90 غواصًا، بينهم 40 من تايلاند، والباقي من دول أخرى.
وفي تشيلي، بشهر أكتوبر من عام 2010، نجحت عملية إنقاذ واسعة لـ33 من عمال مناجم ظلوا عالقين 69 يوما تحت الأرض في منجم سان خوسيه الذي انهار عليهم. وكان وزير المناجم التشيلي آنذاك قد قال بعد 7 أيام من حدوث الانهيار: "إن فرص العثور على العمال أحياء ضئيلة جدا".
لكن تحت ضغط الأهالي الذين اعتصموا في المكان غداة حدوث الانهيار، واصل رجال الإنقاذ جهودهم حتى تمكن مسبار من التقاط رسالة كتبت على ورقة تحمل عبارة أصبحت شهيرة "نحن بخير جميعنا الـ33 في الملجأ" تحت الأرض. وجرت عملية الإنقاذ باستخدام كبسولة معدنية أنزلت إلى المنجم عبر بئر حفرت خلال 33 يوما، لإخراج العمال العالقين واحدا بعد الآخر. وكان صعود الكبسولة يستغرق 15 دقيقة، بيد أنه مع تحضير كل رحلة يتطلب الأمر نحو ساعة لصعود كل عامل إلى سطح الأرض.
وفي إندونيسيا، بيونيو 2020 تحديداً في جزيرة بالي الإندونيسية، سقط شاب بريطاني يُدعى جاكوب روبرتس، في بئر أثناء فراره من كلب كان يطارده. وكان عمق البئر هذه المرة يبلغ 4 أمتار، وقد انكسرت ساق روبرتس لدى سقوطه فيها فلم يستطع مبارحتها مدة 6 أيام كاملة، وقد استعان الشاب ذو الـ29 ربيعا بقليل من الماء كان في قاع البئر للبقاء على قيد الحياة.
وساق القدر إحدى المواشي لترعى حشائش على مقربة من البئر وكان صاحبها يبحث عنها، وهنا جعل روبرتس يصيح مستغيثا حتى سمعه المزارع وتم إنقاذه. واستعان القائمون على عملية إنقاذ روبرتس برافعة لانتشاله من البئر قبل نقله إلى المستشفى.
إنقاذ طفل من كهف في مرتفعات اسكتلندا
وفي يوليو 2018، تمكن فريق إنقاذ في مرتفعات اسكتلندا من انتشال طفل يبلغ من العمر تسع سنوات كان قد أصيب في أحد الكهوف المطلّة على بحيرة أثناء رحلة استكشافية.
واستعان فريق الإنقاذ في مهمتهم التي صعبّتها وعورة المكان وضيق مساحته، بمروحية تابعة لخفر السواحل.
4 عمّال صينيون حوصروا 36 يوماً تحت الأرض
وفي يناير من عام 2016 عثرت السلطات في إقليم شانغدونغ شرقي الصين على 4 أحياء فقط من بين 17 من العمال بأحد المناجم، كانوا قد حوصروا 36 يوما تحت الأرض. وكان انهيار في المنجم قد حاصر العمال.
وقد انتحر رئيس مجلس إدارة الشركة المالكة للمنجم بعد الحادث بأيام. وشارك في عملية الإنقاذ أكثر من 400 شخص.
وفي الصين أيضا وتحديدا في مدينة باوتو الشمالية، وفي شهر مايو 2016 تمكّنت السلطات من إنقاذ طفل كان قد سقط في حفرة ضيقة عمقها ستة أمتار.
وقد تدلى أحد عُمال الإنقاذ برأسه داخل الحفرة بينما أمسك زملاؤه بقدمه حتى جلب الطفل بيديه قبل أن يسحبهما هؤلاء الزملاء ويرسَل الطفل إلى المستشفى للعلاج. ولم تستغرق عملية الإنقاذ هذه سوى 15 ثانية.العربية نت