"الثلاثاء الحمراء".. هكذا تم اغتيال أقمار نابلس الثلاثة
كان يمكن ليوم الثلاثاء أن يمر كسابقه لولا أصوات زخات كثيفة من الرصاص دوت بالمنطقة الغربية بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة في وقت لم يعتده أهالي المدينة.
ففي ثوانٍ معدودة، خسرت نابلس ثلاثة مقاومين من أبنائها في وضح النهار، بعد أن أرّقوا أذرع الاحتلال الاستخبارية والعسكرية والأمنية.
أدهم مبروكة ولقبه "الشيشاني"، ومحمد الدخيل، وأشرف مبسلط، ثلاثة مقاومين في العشرينات من أعمارهم من أبناء البلدة القديمة بنابلس، يطاردهم الاحتلال منذ مدة، وسخّر كل إمكاناته الاستخبارية للوصول إليهم وقتلهم.
قوة إسرائيلية خاصة تسللت بمركبة نقل عمومي مدنية ومركبة ثانية وصلت إلى حي المخفية بالجهة الجنوبية الغربية بالمدينة، واعترضت مركبة كان يستقلها المطاردون الثلاثة، وأمطرتها بوابل من الرصاص بما يكفي لقتل كل من بداخلها.
سكان المنازل والبنايات المجاورة الذين هرعوا إلى النوافذ والشرفات رصدوا وحشية عملية الاغتيال، وكيف تسببت كثافة الرصاص بتطاير الغبار بمحيط المركبة المستهدفة.
ولم تستغرق العملية بضع دقائق، إذ استولت القوة الخاصة على سلاح المقاومين وتأكدت من استشهادهم، ثم انسحبت بنفس المركبات إلى خارج المدينة.
إعدام ميداني
في هذه الأثناء، أصابت الصدمة كل من وصل إلى الموقع عقب انسحاب القوة الخاصة، فقد كانت جثامين الشهداء مغطاة بالدماء وقد مزقها الرصاص، ووجد الناس صعوبة بتحديد هوية أحدهم بعد أن هشم الرصاص رأسه.
عملية إعدام ميداني هو الوصف الدقيق لهذه الجريمة التي نفذت بنفس أسلوب جرائم الاغتيال الجماعي للمقاومين بالضفة في أوج انتفاضة الأقصى.
وأعادت الجريمة إلى الأذهان جرائم مشابهة نفذها الاحتلال، أبرزها عملية اغتيال قائد كتائب القسام بالضفة الشيخ يوسف السركجي وثلاثة من قادة الكتائب، والتي حلت ذكراها العشرين قبل أيام.
لكن الجديد في هذه العملية الخاصة هو عدم استخدام آليات عسكرية كما جرت العادة في مثل هذه العمليات.
ففي مثل هذه العمليات، يكون دخول الوحدات الخاصة أولا بمركبات مدنية تحمل لوحات تسجيل فلسطينية، وبعد شروعهم بعملية الاغتيال أو الاعتقال، تقتحم آليات عسكرية المنطقة لمساندة القوة الخاصة وتوفير الغطاء لها للانسحاب.
حرية عمل
ويعكس ذلك -كما يرى مراقبون- مستوى الأمان وحرية الحركة التي تتمتع بها قوات الاحتلال خلال نشاطها في مدن وقرى الضفة بفضل التنسيق الأمني.
إذ تزيد المسافة بين موقع العملية وأقرب مداخل نابلس عن 3 كيلومترات، وبهذا احتاجت القوة الخاصة للسير في شوارع المدينة بوقت ذروة الظهيرة دون أن يعترضها أحد.
كما تعكس الطريقة الوحشية لعملية الاغتيال رغبة الاحتلال في محاولة "كيّ الوعي"، وردع مقاومين آخرين في نابلس وغيرها من مدن الضفة عن السير على درب هؤلاء الشهداء.
وما يعزز ذلك، تقارير نشرها الإعلام العبري في الآونة الأخيرة تحدثت عن قلق يساور المستوى الأمني في "إسرائيل" من تنامي قدرات المقاومة بالضفة وخطر ذلك على أمن المستوطنين.
لكن وعلى خلاف ما أراد الاحتلال، فقد عبرت هتافات المشيعين الغاضبين عن التفافهم حول أجنحة المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها كتائب القسام وقائدها العام محمد الضيف.