استراتيجيات إدارية أردنية

 تمارِس الإدراة الأردنية عددًا من الاستراتيجيات التي قادتنا إلى التبلّد واللامبالاة أوالرجوع إلى الخلف، وعدم الاهتمام بالإنجاز والتطوير، ومن أبرز هذه الاستراتيجيات وأكثرها انتشارًا:
1-استراتيجية التسكين: وهي المحافظة على الوضع الراهن بحُجّة أن أي تغيير سيحدث أزمات. فالإدارة تخشى ما يخلقه التغيير من إرباكات ولسان حالها:
دَعَ ِالمكارمَ لا ترحلْ لبُغيتِها واقعُدْ فإنّك أنت الطاعمُ الكاسي
فالإدارة لا تمتلك مكارمَ، أي رؤية. ولذلك، تجلس في مكانها وليس لها مستقبل ترحل إليه. فمهنة المدير التهدئة والتسكين وقلة الحركة على أساس " كثير النط قليل الصيد"!!
2-استراتيجية التدوير وإعادة التدوير، وهي المحافظة على الأشخاص نفسهم والأفكار نفسها، والأدوات نفسها. ولذلك، يبقى العمل يدور معهم برتابتهم نفسها، ولسان حالهم يقول: " اللي بتعرفه أحسن من اللي ما بتعرفه"!! وهكذا، فإذا دوّرنا الأشخاص نفسهم، بالأدوات نفسها، فكيف تتوقع منهم جديدا ؟! المجالس نفسها بالأدوات نفسها، فكيف تنتظرون تقدُّمًا في أدائها؟! ونحن بذلك أشبه بالمعلم الذي يرسّب الطالب في صفّه متأملا أن يتحسن في العام القادم! وتكون النتيجة أنه يزداد سوءًا.
3-استراتيجية التنفيع، وهي أردنية 100%، فالإدارات مغانمُ توزَّع بعدالة على المناطق والفئات أو العشائر (أحيانا)، فالوزير الذي يمثّل أقاربه مجبورٌ على خدمتهم، والنائب يسعى إلى خدمة أبناء منطقته! قد نفهم هذا، ولكن كيف نفهم الشّللية والعصبوية والفئوية التي ما أن يستلم أحدُ العصابة إدارة ًما، حتى تكون عصابته كلّها في مجالس الإدارة والوزارات، وحتى السواقين والحراس... إلخ. وكأنه قام بانقلاب ناجح مع شلّته، ومن المؤسف أنها أكثر الاستراتيجيات شيوعًا!!
4-استراتيجية الانحناء، وهي التراجع أمام الرياح والنقد، حتى تمرّ العاصفة. فالإدارة تصمت ولا تتحرك ولسان حالها:
الفضيحة يومان أو ثلاثة ثم يسكت الناس!! فلا تستغرب أن الرأي العام لا يعرف مَن هو الوزير أو رئيس الجامعة أو أمين المجلس أو مسؤول المناهج أو المحافظ. ولذلك، تعمد إلى الصمت لتكون مبنية للمجهول، أو تكلّف نائب فاعل ليظهر ممثلا عنها.

5- استراتيجية الولاء والانتماء، وهي تغيير قواعد العدالة والمساواة وتغليب الولاء وتغييب الكفاية. ولذلك، تحيط الإدارة نفسها بفريق المنافقين والمصفّقين على طريقة:
بالروح بالدم نفديك يا فُلان!!
6-استراتيجيات الشراء، بما في ذلك شراء الأشخاص والمعارضين أو شراء الوقت " التسويف والمماطلة والتأجيل " أو شراء الوهم وبيعه بسعر أعلى " خطط مشروعات وهمية ضخمة... إلخ"!!
فكل إدارة تعِدُ و تُغري، ثم تغادر- إن غادرت - دون فعل شيء!!
هذه الاستراتيجيات لا تعمل منفردة، بل في تناسق تام، فالقرابة قوية بين استراتيجيات الولاء والتنفيع والتسكين والتدوير والانحناء وشراء الوقت. فإداراتنا خِرّيجة معهد واحد طالما كانت فلسفته:
نعلّمك كيف تكون مديرا غير منتج، ولكنك قادر على الاستمرار، ونؤمّن لك من يدوّرك، ويعيد لك الحياة رغم فشلك!!
ويسأل المواطن: مَن هو مجلس إدارة هذا المعهد! ومَن هم كبار أساتذته؟ وكيف يلتحق المتعلمون به ؟!ّ!.
إن إصلاح الإدارة يتطلّب إصلاح الثقافة الإدارية والثقافة الاجتماعية أوّلًا وقبل كلّ شيء، فلا إصلاحَ دون نقطة البَدءِ هذه!!.