العالم ينفض الوباء.. وعلماء يبشرون بلقاح شامل ضد عائلة كورونا
فيما بدأت دول كثيرة حول العالم في التخلي عن الاجراءات الاحترازية والقيود التي فرضتها الجائحة على العالم لأكثر من سنتين، توصل فريق بحثي من "معهد سكريبس للأبحاث" بأميركا إلى موقع ضعيف يوجد في البروتين الفيروسي الرئيسي لفيروس كورونا، وهو بروتين الأشواك أو ما يعرف بـ"بروتين سبايك" spike، الذي يمنح الفيروس شكله التاجي الشهير.
وكشفوا، في دراسة نشرت مؤخراً بدورية "ياسنس ترانسليشن ميدسين" Science Translation Medicine، أن استهداف هذا الموقع يمكن أن يساعد في تصميم لقاحات واسعة المفعول وعلاجات بالأجسام المضادة قادرة على وقف أوبئة فيروس كورونا في المستقبل.
وقد أودى وباء كوفيد رسميا بوفاة أكثر من 5,813,329 شخصا في أنحاء العالم منذ نهاية ديسمبر 2019.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن العدد الإجمالي للوفيات قد يكون أعلى بمرّتين إلى ثلاث، آخذة في الاعتبار العدد الزائد للوفيات بسبب كوفيد-19 بصورة مباشرة وغير مباشرة.
وكان العلماء قد عزلوا سابقاً جسماً مضاداً من أحد الناجين من كوفيد-19، ووجدوا أن هذا الجسم المضاد يمكنه تحييد ليس فقط فيروس كورونا المستجد، ولكن أيضاً العديد من أفراد عائلة فيروسات كورونا المعروفة باسم فيروسات "بيتا"، بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط".
وفي العمل الجديد، قاموا بتعيين النطاق الذري للموقع، الذي يرتبط به الجسم المضاد على بروتين "سبايك"، الخاص بفيروس كورونا المستجد، وأظهروا أن نفس النطاق موجود في فيروسات عائلة كورونا المعروفة الأخرى، وأثبتوا باستخدام نماذج حيوانية أن الجسم المضاد يحمي من فيروسات هذه العائلة.
ويقول رايس أندرابي، من قسم علم المناعة والأحياء الدقيقة في "معهد سكريبس للأبحاث"، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد: "نأمل أن يساعدنا تحديد هذا النطاق الذري في تطوير لقاحات وعلاجات بالأجسام المضادة تعمل ضد جميع فيروسات عائلة بيتا التاجية، بما في ذلك فيروسات كورونا التي قد تنتقل من الحيوانات إلى البشر في المستقبل".
وظهرت فيروسات كورونا "بيتا"، مؤخراً، كتهديدات رئيسية ومستمرة للصحة العامة، وتشمل هذه الفيروسات التاجية فيروس "سارس"، الذي قتل نحو 800 شخص معظمهم في آسيا، و"ميرس" الذي أودى بحياة نحو 900 شخص معظمهم في الشرق الأوسط، وكورونا المستجد الذي قتل حتى الآن أكثر من 5 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم في جائحة كوفيد-19.
ويتسبب نوعان آخران من فيروسات كورونا "بيتا"، وهما "HKU1" و"OC43"، في نزلات البرد الشائعة فقط، ولكن يُشتبه في أنهما تسببا في أوبئة قاتلة منذ قرون، عندما قفزا لأول مرة من الحيوانات إلى البشر. ويعتقد الباحثون على نطاق واسع أن أوبئة فيروس كورونا المستقبلية التي تنتقل من حيوان إلى إنسان أمر لا مفر منه.
وحفّز هذا الاحتمال الجهود نحو تطوير لقاح "بيتا" للفيروسات التاجية أو العلاج بالأجسام المضادة، واتخذ باحثو "سكريبس" خطوة أولية في هذا الاتجاه في عام 2020، عندما حددوا جسماً مضاداً في عينة دم من أحد الناجين من فيروس كورونا المستجد، يمكنه تحييد كل من "سارس" وكورونا المستجد.
وفي الدراسة الجديدة، استخدم الفريق علم البلورات بالأشعة السينية وتقنيات أخرى لرسم خريطة دقيقة لموقع ارتباط الجسم المضاد على بروتين "سبايك"، وأظهروا أن نفس الموقع موجود في معظم فيروسات "بيتا" التاجية الأخرى، ما يساعد على تفسير التأثير الواسع للجسم المضاد على هذه الفيروسات.
ويقول دينيس بيرتون، الباحث الرئيسي بالدراسة: "يقع الموقع على جذع بروتين سبايك الفيروسي، وهو جزء من الآلية التي يستخدمها الفيروس للاندماج مع أغشية الخلايا في مضيفه البشري أو الحيواني بعد أن يرتبط الفيروس في البداية بمستقبل على سطح الخلية، ويسمح الاندماج للمادة الوراثية الفيروسية بالدخول والاستيلاء على الخلايا المضيفة، ويوضح الدور الحاسم لهذه الآلية سبب وجود الموقع باستمرار عبر فيروسات بيتا التاجية".
وعلى النقيض من ذلك، يتحور موقع ارتباط المستقبلات في الجزء العلوي من البروتين الشائك الفيروسي بسرعة نسبياً، وبالتالي يميل إلى التباين بشكل كبير من فيروس "بيتا" إلى آخر، ما يجعله هدفاً ضعيفاً للقاحات فيروس "بيتا" أو علاجات الأجسام المضادة.
ويتابع الباحثون الآن الجهود للعثور على أجسام مضادة أخرى، وربما أكثر فاعلية على نطاق واسع، في بحثهم عن الأجسام المضادة واللقاحات المثلى ضد فيروسات كورونا.