وادي الجوز المقدسي ومشروع الهايتك الاسرائيلي
لقد بات لدى العديد من دول العالم وحتى العالم العربي بكل اسف،أن يصبحو ويمسوا يوميا على انتهاكات إسرائيلية، والادهى والامر من ذلك انهم ادمنوا على تلك الصور والانتهاكات بحيث اصبحوا يشاهدون كل ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلية بحق المدينة المقدسة من انتهاكات جائرة وظالمة وكانه أمرا عاديا، أو أصبح اعتياديا. صحيح أنه امرا غير مقبول من جهة بعضهم ولكن لسوء الحظ ليس لديهم اي وسيلة متاحة لاجبار او اقناع دولة الاحتلال عن وقف كل تلك التصرفات، بعد أن شوهد تعنتها من جهة وتحديها لكل المنظمات الدولية التي تحاول رفض تلك الانتهاكات..وسبب آخر متاتي من وقوف الولايات المتحدة الامريكية لجانب دولة الاحتلال من جهة، وانشغال العالم بقضايا اخرى خاصة بعد الربيع العربي وما اعترى العالم من تغيرات جوهرية حيال موازين القوى..
لقد اصبح السكوت عما تقوم به دولة الاحتلال امرا غير محتمل والسبب في ذلك انه اصبح بمثابة سياسة ممنهجة تتمثل باقترافه سلسلة انتهاكات ضد احياء المدينة المقدسة وسكانها وارزاقها وأراضيها باستهداف الاحياء بشكل متتالي ومقصود وممنهج بمحاولة تفريغها من سكانها من جهة والسيطرة على أراضيها بهدف احداث تغيير هوياتي جغرافي لتلك الأحياء، بذرائع وحجج مختلفة وهذا ما حدث في الشيخ جراح قبل مدة قليلة، واليوم نحو حي وادي الجوز، وبشكل يومي ومتكرر نحو ساحات وباحات المسجد الاقصى بزيارات دينية تمارس فيها كل الطقوس على أعين العرب و المسلمين جميعا، دون تمكن احدهم من تحريك ساكن سوى تحركات المقادسة أنفسهم بتعبيرهم عن رفض كل ذلك، وبعض المواقف الأردنية الرافضة لتلك الانتهاكات لكن دون احداث اي تغيير وتبدل في تلك السياسة الإسرائيلية إلا القليل منها.
يبدو واضحا لدى الجميع وجود مخططات واستراتيجيات إسرائيلية لخلق وايجاد سلسلة انتهاكات. فكما بدوا بانتهاك واثار ضجة عارمة يبيتونه قليلا ثم يعاودوا لممارسة سياساتهم. الانتهاك الإسرائيلي الحالي الذي تعمل على تنفيذه واثارته موجه نحو منطقة وحي وادي الجوز المقدسي. و يعد وادي الجوز حيا مقدسيا يقع في الجانب الشرقي للمدينة المقدسة ويتكون من عدد من الأحياء الثانوية. وقد سمي وادي الجوز او حي الجوز بهذا الاسم نسبة لشجر الجوز في الحي الذي اشتهر به منذ زمن. انتقل لهذا الحي العديد من العائلات الفلسطينية سواء بشكل دائم او مؤقت. ونظرا لوجود مساحات مفتوحة وواسعة في الحي فقد انتقل اليه العديد من العائلات خاصة بعد النكبة سواء من اللاجئين ومن المهاجرين الريفيين. وقد تاسس في هذا الحي منطقة صناعية منذ زمن بعيد بعد أن تم نقلها من شارع نابلس بالمدينة المقدسه لذلك الحي. إلا ان هذا الحي شهد توسعا كبيرا في بداية الثمانينيات عندما بدأ العديد من أصحاب الكراجات وتصليح السيارات بافتتاح محال لهم هناك لتدني قيمة الابجارات فيها.
إن الحديث عن تهويد هذا الحي المقدسي، قديم ويعود لعام ٢٠٢٠ حيث وافقت لجنة التخطيط المحلية في بلدية الاحتلال الاسرائيلي بالمدينة المقدسة على ما يسمى بخطة تطوير وادي الجوز في القدس الشرقية. وبموجب هذا المشروع سيتم اخلاء ٢٠٠ مبنى صناعي مملوك لفلسطينيبن وسيتم هدمه. وتعلل دولة الاحتلال الإسرائيلي الغرض من المشروع بهدف تعظيم امكانيات المنطقة للتوظيف والسياحة. وترتيب الإسكان وتطوير المنطقة وطرقها. بحيث يتم تحويل منطقة الجوز لمنطقة توظيف متقدمة بحيث تصبح منطقة صناعية تقنية، يضاف لذلك بناء ٩٠٠ غرفة فندقية. ويسعى الإسرائيليون جاهدين لاقناع اصحاب الاراضي بالمشروع على انه مشروع سيقام على ٢٠٠ الف متر مربع وسيخدم عدد كبير من الشبان الفلسطينيين قرابة ال ١٠ الاف مقدسي مختص. في مجال التقنيات . حيث يعد هذا المشروع برايهم الاضخم في القدس والذي يطلقون عليه "مشروع الهايتك ذو التقنية العالية HIgh Technology)..
اما موقف وردة فعل الفلسطينيين أو المقادسة حيال هذا المشروع (وادي الجوز ) فهو في نظرهم لا يتعدى كونه كذبة يهودية وتضليل وهو استكمالا لمشروع التهويد الذي تقوم به دولة الاحتلال، وما مسالة الترويج لتوظيف الفلسطينيين الا تضليل، اذ لن يخدم المشروع احد سوى دولة الاحتلال. والاسوء في الأمر ما تقدمه وتتعلل به دولة الاحتلال من حجج وذرائع مختلفة تخلقها، فتارة تتذرع بأن المحال (ومعظمها كراجات وحرف صناعية ) تعمل بشكل مخالف منذ زمن، واخرى ترى انها تعمل دون ترخيص وتطالبهم بالاخلاء. والحقيقة الدامغة أن اصحاب هذه المحال متواجدون منذ عام ١٩٥٨م ومعظمهم يملك رخص منذ وقوع القدس تحت الحكم الأردني، ولاحقا من دولة الاحتلال. وبالمناسبة جميعهم يقومون بدفع صرائب لبلدية القدس الواقعة تحت الاحتلال منذ مدة طويلة، فما دام ان وضعهم غير قانوني لماذا السكوت عنهم طوال هذه المدة،؟ ولماذا كانوا ياخذون منهم ضرائب،؟ الا ان الحقيقة غير ذلك، وهي ان المشروع جزء من مخطط مرسوم لتهويد المدينة ومضايقة ساكنيها بشتى السبل للضغط عليهم لترك مساكنهم ومتاجرهم بهدف تهويدي استيطاني بحث، وربما لبناء مستعمرات لخدمة اليهود واهدافهم.
السؤال الذي يجب طرحه، اما ان الاوان لوجود موقف عربي واسلامي موحد واكثر جدية نحو هذه المدينة المقدسة وتلك الانتهاكات المستمرة يوميا ضد احياء المدينة وسكانها المقادسة بهدف تهجير هم، وتغيير معالم مدينتهم العربية الاسلامية او اضعافهم اقتصاديا و افقادهم لوظائفهم وممارسة كل وسائل التمييز العنصري والتغيير الممنهج لمعالم تلك المدينة بكافة وجوهها وجوانبها كجزء من سياسة اسرائيلية تهويدية طويلة الأمد..