الحرب العالمية الثالثة بعيدة
العالم بعد الحرب العالمية الثانية تغيرت فيه موازين القوى، فدول تراجعت ودول كألمانيا التي انهزمت بالحرب وحتى المملكة المتحدة وفرنسا لم تعد كالسابق، ودول اخرى تقدمت وتصدرت المشهد العالمي فالولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفيتي أصبحتا القوتين العالميتين الاكثر حضورا بالمشهد الدولي وبدأت بينهم الاستفزازات وصراع القوى من خلال حرب باردة معلنة بقيت في حالة شد وجزر حتى انهيار الاتحاد السوفيتي العام 1991.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تصدرت المشهد الولايات المتحدة الاميركية واصبحت القطب الأوحد ومن يتحكم بالعالم وأصبح العالم أسير العولمة التي بدأت فعلاً بنشرها، فأضحت اميركا المسيطرة عالميا على المشهد دون شريك أو رديف أو حتى خصم، استمرت هذه الحالة حتى بداية القرن الجديد فبعد أن قام الرئيس يلتسن باختيار بوتين خليفة له في عام 2000 قاد الضابط في (كي جي بي) روسيا بطريقة قادرة على إعادة امجادها كما يصفه البعض فسيطر على مواقع صنع القرار وعمل جنباً الى جنب مع الدولة العميقة مما جعل روسيا تعود لتلعب دورا اقليميا ودوليا من جديد وأن تواجهه السيطرة الاميركية وهذا ما يحدث حالياً.
وحتى تاريخ كتابة هذا المقال يصف البعض بأن الأيام المقبلة ستكون حاسمة عالميا فمن الممكن أن يحدث تصادم ينتج حرباً، العالم أجمع بغنى عنها وحرب من الممكن أن توصف بأنها عالمية ثالثة وذلك بسبب الخلاف حول أوكرانيا والتي تحاول الانضمام لحلف شمال الاطلسي (الناتو) والذي لا ترغب روسيا بذلك كون أوكرانيا دولة جغرافيتها كبيرة ومتاخمة لحدودها مما يهدد الامن الاستراتيجي والقومي لها، اما دول حلف شمال الاطلسي تدفع بقوة من أجل دخول أوكرانيا الحلف لما له من نقاط ايجابية سياسياً وعسكرياً وحتى اقتصادياً بالمستقبل وتعمل على حمايتها من أي عدوان روسي.
لاشك بأن حلف شمال الاطلسي أخطأ بالتوقيت وتأخر كثيراً بمحاولة ضم أوكرانيا فكان يستطيع أن يضمها للحلف بالفترة التي كانت تعاني فيها روسيا من ضعف وعدم توازن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بعد عام 1991 وحتى عام 2010، التي انضمت خلالها دول كانت ضمن الاتحاد السوفيتي سابقاً، والتي بدأت روسيا من بعد ذلك التاريخ تعود للواجهة من جديد بعد عدة احداث سياسية دولية.
وبالعودة للتدخل العسكري المباشر من قبل اميركا وحلف شمال الاطلسي، أجزم أنه لن يحدث وسوف يبقى هذا الجانب يحاول الضغط سياسياً واقتصادياً على الجانب الروسي وأن عدم التدخل العسكري لا يعني أن اميركا أو دول حلف شمال الاطلسي أضعف في هذه المواجهة بل على العكس خوفاً من حرب عالمية تشعل الارض، فروسيا ولا ننسى حلفاءها الاقل قدرة من الجانب الآخر وهم الصين وايران وبعض دول اميركا اللاتينية، لن تحاول استفزاز الجانب الاقوى، مع ان الدلائل تشير الى أن من الممكن أن تقوم روسيا بعملية غزو لأوكرانيا ولكن بطريقة غزلية ناعمة والايام سوف توضحها لنا.
الحرب العالمية تعني صراع لن ينتهي قبل تدمير العالم ،وفي هذه المقالة لن اخوض في موازين القوى من الناحية الجيوسياسية والجغرافية والحلفاء لكل جانب، ولكن لو استعرضنا القوة العسكرية لمعسكرين يمثلون الجانبين فإن هذه الحرب لن تنتهي إلا بتدمير اجزاء كبيرة من العالم اذا لم يكن العالم كله، وهذا لن يحدث كون أن هناك قوى عالمية تتحكم بالمشهد لن تقبل أن يحدث مثل هكذا كارثة للبشرية في الوقت الراهن علماً أن الحروب تطورت وتغيرت ولا تعتمد بشكل واضح على العمليات العسكرية كما كانت في الوقت السابق.
فالولايات المتحدة الاميركية تملك أقوى ترسانة عسكرية بالعالم ويعد جيشها الجيش الاقوى بالإضافة للقوة الفضائية المساندة له، أما روسيا فإنها تعد أيضاً دولة عسكرية تملك ترسانة لا يستهان بها مما يعني أن الصراع لن يكون بسيطا، اما على صعيد القوة النووية التي تعد العامل الفاصل في ميزان القوى بين الدول يُعتقد أن روسيا تمتلك العدد الأكثر من الأسلحة النووية في يومنا هذا، بـ6370 سلاح نووي، والولايات المتحدة ليست متخلفة عنها بكثير، حيث تملك ما يقارب بـ6210 سلاح نووي علماً أن هذه الارقام ليست دقيقه مائة بالمائة.
العالم يترقب واميركا وحلفاءها وبعض دول العالم نبهوا رعاياهم بضرورة مغادرة أوكرانيا بسبب التقارير الاستخباراتية التي تفيد بقرب اجتياح روسيا لها، فلنترقب ماذا يسفر عن هذا التصعيد، والذي أكرر بأنه لن يصل لمرتبة المواجهة العسكرية ما بين القوى الكبرى