اقتصاديون لـ الاردن24: الموازنة غير مبشرة وستزيد مصاعب المواطنين



مالك عبيدات - أجمع خبراء اقتصاديون على أن مشروع قانون الموازنة لسنة 2022، والذي أقرّه مجلس النواب الاثنين، لن يُحدث تغييرا، سواء بالنمو الاقتصادي أو في حلّ مشكلتي الفقر والبطالة، مؤكدين أن مشروع الموازنة تقليدي ولم يخرج عن إطار تسيير الأعمال.

وقال الخبراء لـ الاردن24 إن الحكومات المتعاقبة منذ (15) عاما أدخلتنا في المصيدة، والتي تتمثل بالاكتفاء بجمع الضرائب وصرف الرواتب، نظرا لعدم وجود أي رؤية اقتصادية أو تفكير خارج الصندوق من قبل الحكومات المتعاقبة.

وأضاف الخبراء إن الموازنات أصبحت انعكاسا لتحالف رأس المال مع السلطة، وبما يُحافظ على المكتسبات من الوضع القائم، ولذلك لن يُحدث أي تغيير في الاقتصاد الوطني، وسنبقى ندور في نفس الدوامة، نظرا لعدم وجود خطة اقتصادية واضحة من قبل الحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي.

الكتوت: الموازنة لا تبشر بامكانية تحقيق أي نمو حقيقي

وقال الخبير الاقتصادي العريق، الدكتور فهمي الكتوت، إن الموازنة لا تبشّر بإمكانية تحقيق أي نموّ حقيقي خلال العام الحالي، إلا بالحدود الدنيا، وأقل من النسب التي يتم الحديث عنها، مؤكدا أن الموازنة تقليدية رغم كلّ ما قيل عنها، ولن تحدث أي تطور نوعي.

وأضاف الكتوت لـ الاردن24: إن الحديث عن زيادة النفقات الرأسمالية يخلو من المصداقية، وأعتقد أن هذا الرقم الذي ارتفع إلى مليار ونصف سيظهر في نهاية العام في الحسابات النهائية، مشيرا إلى أن الحكومات الحالية والسابقة كانت قد رفعت النفقات الراسمالية وعادت في نهاية العام للتخلي عن هذه الزيادة، وقد شهدنا في نهاية العام الماضي 2021 تخفيض نحو 300 مليون دينار من النفقات الرأسمالية "ما يؤكد عدم مصداقية الحكومة في هذا الجانب".

وقال الكتوت إن الوصول إلى نمو حقيقي في الاقتصاد للخروج من أزمته العميقة يستلزم اتخاذ اجراءات واسعة جدا لا تنحصر ببعض الأرقام المتواضعة التي جرى الحديث عنها.

وتابع الكتوت: نحن بحاجة لاعادة هيكلة السياسات الضريبية وتخفيض ضريبة المبيعات ووقفها على مدخلات الانتاج وتخفيض كلفة الطاقة، لأن ارتفاعها يؤثر على النمو الاقتصادي، خاصة أنها مادة ارتكازية تدخل في كل جوانب الاقتصاد، لذا يجب اعادة النظر في أسعار الطاقة المرتفعة جدا.

وأضاف: "الجميع يتحدث عن وجود أزمة في كلف الطاقة، وجميع المؤسسات والمواطنون يدفعون كلفا عالية بسبب الخلل في هذا الملف، لافتا إلى أن العالم يسير بشكل سريع نحو الطاقة البديلة التي لا تكلف قرشا ونصف للكيلو واط وليس (8) قروش، وهناك فروقات شاسعة جدا بين الكلف الحالية والكلف التي يمكن الوصول إليها في تطوير قطاع الطاقة، وهناك شركات قدمت للأردن عروضا بهذه الأسعار ولكنها رُفضت لأسباب مجهولة.

وختم الكتوت حديثه بالقول: نحن بحاجة إلى نمو مرتفع، ولا يمكن لمعدل نمو (2-3%) أن يخلق فرص عمل ويخفف من نسبة البطالة، مشيرا إلى أن نسبة 5% فما فوق قد تؤدي إلى توفير فرص عمل في القطاعات الحيوية، وكذلك خفض الضرائب والرسوم على مدخلات الانتاج وتخفيض نسبة الفائدة على التمويل من قبل البنوك سيكون ايجابيا، لكن هذا يحتاج إلى تدخل البنك المركزي كما كان عام 1990.

البشير: الموازنة ستزيد مصاعب المواطنين

من جانبه، أكد الخبير والمحلل الاقتصادي، محمد البشير، أن الموازنة لن تُحدث تغييرا، مؤكدا أنها مشابهة للموازنات السابقة، وهي جامدة ولا تتضمن غير بندين فقط؛ الرواتب التي تمثل 60% من حجمها وخدمة فوائد الدين التي تمثل 18% منها.

وأضاف البشير لـ الاردن24 إن هذا الجمود لا يتواءم مع الحديث عن زيادة رواتب القطاع العام لمن تقل رواتبهم عن 300 دينار، متسائلا: "ماذا تبقى للمشتريات الحكومية والقوات المسلحة والاجهزة الامنية؟ أعتقد ان الوضع سيكون صعبا جدا دون معالجة مسألة الانكماش الاقتصادي".

وأكد البشير أن الموازنة الحالية لن تُحدث نموا مقارنة مع عدد السكان، والحلّ يكمن في انعاش الاقتصاد من خلال زيادة الناتج المحلي الاجمالي، وذلك بدعم قطاعات الصناعة والزراعة، وهذا لن يتم إلا بتخفيض كلف الانتاج وتخفيض ضريبة المبيعات والعودة لقانون ضريبة الدخل، متابعا: "دون هذه المعالجة ستبقى كرة المديونية تكبر، وعجز الموازنة يرتفع، وبالتالي تزيد المديونية نتيجة اللجوء للاقتراض أكثر، وبالتالي رفع كلفة القروض وعجز الميزان التجاري، ما سيرفع في النهاية نسب الفقر والبطالة".

وقال البشير: "خلافا لكل التصريحات الحكومية أو النيابية، هناك تناقض مع القواعد المالية العامة التي تقول إنها هي المؤثر الحقيقي في انعاش الاقتصاد في القطاعات الثلاث، كونها خطة الحكومة لسنة كاملة"، متسائلا: "كيف نستطيع أن نجعل من الانعاش الاقتصادي هو العنوان في معالجة المؤشرات الاقتصادية (المؤشرات الاقتصادية في أزمة كيف نستطيع أن نعالج هذه الأزمة)؟ بهذا المعنى استطيع القول ان الموازنة ستزيد من كلفة الاقتصاد ومصاعب المواطنين".

زوانة: موازنة تسيير أعمال

وأيّد الخبير الاقتصادي، زيان زوانة، زميليه الكتوت والبشير بالقول إن الحكومات المتعاقبة "أدخلتنا في المصيدة"، وقد أصبحت ميزانياتها عبارة عن تسيير أعمال؛ تعتمد على جمع الضرائب لدفع الرواتب، وأي زيادة في الرواتب سيقابلها رفع للضرائب.

وأضاف زوانة لـ الاردن24: بعكس ما تحدث عنه وزير المالية في خطاب الرد على النواب أثناء مناقشة الموازنة، الموازنة ليست مختلفة، بل إنها جامدة، حيث هناك 5 مليار لدفع الرواتب والالتزامات الحكومية، ومليار و300 مليون رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين، ومليار و450 مليون خدمة الدين، و600 مليون نفقات تشغيلية ماء وكهرباء وأجور وغيرها، ولا يتبقى من الموازنة سوى 18% للموازنة الرأسمالية.

ورأى زوانة أنه كانت هناك فرصة وحيدة للخروج من المصيدة التي وقعت الحكومات بها إبان تولي عبدالله النسور رئاسة الحكومة، وتحديدا عندما قامت دول الخليج بتحويل المنحة الخليجية البالغة (3.5) مليار، وذلك من خلال اقامة ودعم المشاريع الحقيقية المنتجة في قطاع الطاقة وغيرها، بدلا من تبديدها كما حصل وضاعت دون أن تُحدث أثرا.

ولفت زوانة إلى أن الخروج من هذه المصيدة وإحداث تغيير بالوضع القائم يحتاج إلى حكومات مختلفة لديها برنامج وخطة اقتصادية فيها ملامح واضحة، وأعتقد أنه لا يمكن لمن أدخلنا في هذه المصيدة أن يخرجنا منها.