حقوق عمالية في مهب الريح .. اين دولة القانون والمؤسسات ؟!
تتغنى الجهات الرسمية على الدوام بأن الاردن دولة القانون والمؤسسات ، وفي الحقيقة وعلى ارض الواقع والممارسة العملية ، يخترق القانون وتنتهك المؤسسات ، وتطلق قوى الفساد المستفحل ايديها الملوثة بتعب الناس
وتعبث في القانون وتمدد ارجلها باسترخاء على مساحة المؤسسات ، ولا تخشى في الظلم لومة لائم .
ويخترق القانون ، وتنتهك المؤسسات على مرأى الحكومة وسمعها ، ولا تحرك ساكنا ، فهي على ما يبدو ، لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم ، وكأن ما يحدث في البلد من اختراقات للقانون وانتهاكات للمؤسسات لا يعنيها ولا شأن لها به ، وهي التي تسن القوانين ويفترض انها تحمي وتصون تطبيقها ، وكذلك تدير مؤسسات الدولة وترعى شؤونها.
وعديدة قصص اختراق القانون وانتهاك المؤسسات ، لكن لنأخذ نموذجا حيا طازجا ، يتعلق بفئة مسحوقة من ابناء الوطن ، هم عمال شركات الخدمات المتعاقدة مع وزارة الصحة .
شكا هؤلاء العمال في حديث خاص ل جو ٢٤ من " عدم التزام اصحاب الشركات التي يعملون لديها بالحد الادنى للاجور " ، في الوقت الذي أقرت اللجنة الثلاثية لشؤون العمل ، التي تضم ممثلين عن الحكومة وأصحاب العمل والعمال رفع الحد الأدنى للأجور من 220 – 260 دينار على يطبق اعتباراً من تاريخ 2021/1/1.
والى يومنا، ومع دخول القرار حيز التنفيذ عامه الثاني الا ان العمال لم يحصلوا على حقهم القانوني برفع الأجور، إذ تتنصل الشركات التي تشغلهم من دفع المستحقات ، وتلقي الكورة في مرمى وزارة الصحة ، وتقول : " أن الوزارة هي التي لم تلتزم " .
وبدورها تلقي الوزارة على لسان مدير ادارة الخدمات والتزويد المهندسة سعاد يوسف باللائمة على الحكومة وتقول :" ان القضية لازالت عالقة بين الشركات والحكومة نظرا لعدم وجود موافقة على ملحق للعطاء من قبلها " ، واظنها نسيت ان الوزارة جزء لا يتجزأ من الحكومة !! .
والغريب ،أنه في الوقت الذي تدير فيه الشركة ظهرها لحقوق العمال القانونية ، فإنها تتمادى على دور المؤسسات الرسمية التي يفترض أنها الضامنة لهذه الحقوق ، فحين التجأ العمال الى وزارة العمل للشكوى ،وهذا حق كفله القانون "قامت الشركة بتهديدهم بالفصل وعدم دفع رواتبهم بالموعد المحدد اذا لم يتم سحب الشكوى " فيا حسرتي ما اشدها عليكم ايها العمال !! .
وهذه ليست المرة الأولى التي يوضع فيها عمال شركات الخدمات المتعاقدة مع وزارة الصحة بين مطرقة هاذين الطرفين وسندانهما ، فهناك قضايا مماثلة وقعت في سنوات سابقة على خلفية رفع الحد الأدنى الأجور وتبادلت الوزارة والشركات قذف الكرات كل منهما الى ملعب الآخر ، وسيقت انذاك ذات المبررات ، ومنها ان " العطاء طرح قبل رفع الحد الادنى للاجور ولا يزال سارى منذ عامين " .
ومطرقة الحكومة وسندات الشركة لا يرحمان وعلى حجر الرحى يطحن العمال ويوزع دم حقوقهم بين حكومة لا تستجيب وشركة تدير ظهرها لشرعية مطالبة العمال ، ويتوهون في غياهب النسيان ، ولا بواكي لهم !!.
وفي التمادي الغريب على القانون والمؤسسات وتحت عين الحكومة وسمعها وتحت مظلاتها، وفي وضح النهار تقوم الشركة بخصم مخصصات الضمان الاجتماعي على ان الراتب 260 دينارا وبالحقيقية ان الراتب لا زال 220 دينارا ، وفقا لشكوى العمال ، وإذا كان ذلك حقيقيا، فتلك جريمة ، ويحق السؤال اين دولة القانون والمؤسسات ؟!.
مطلوب اليوم ان تتدخل الحكومة ، وتصدر عاجلا ملحقا للاتفاقية مع شركة الخدمات ، تدفع بموجبه للعمال فرق الحد الأدنى للاجور وهو ٤٠ دينارا ، إلى أن تنتهي مدة العطاء ، وتبرم اتفاقيات جديدة على ضوء الحد الأدنى للاجور وهو ٢٦٠ دينارا ، وهذا هو الحل العملي الذي تم خلال الازمات السابقة المماثلة بين العمال والحكومة وشركات الخدمات .