أوكرانيات وروسيات في لبنان.. هل تدوم الصداقة مع استمرار الحرب؟
كثيرون من الشعب الروسي أظهروا موقفهم الداعم للأوكرانيين والرافض للحرب ولقرارات الرئيس فلاديمير بوتين، مشيرين إلى أنهم لا يمكن أن يقفوا مع الحرب ضد أوكرانيا التي يعتبرونها "جارة"، ولهم فيها أقرباء وزملاء.
وبادر كثير من المشاهير من الطرفين إلى استنكار ما يحدث في أوكرانيا، كما أعرب عدد كبير من الأشخاص في كل أنحاء العالم عن غضبهم تجاه ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي.
والسؤال هل تستمر الصداقة بين شخصين من البلدين المتحاربين؟ الجزيرة نت تقدم بعض الشهادات لنساء من أصول روسية وأوكرانية متزوجات من لبنانيين ويعشن في لبنان، رافضات لمبدأ الحرب، ولم يتوقعن أن تحدث، أسئلة كثيرة تدور في أذهانهن عن عبثية الحرب، لماذا هذه الحرب؟ ولأجل ماذا تزهق كل هذه الأرواح؟! فماذا عن علاقاتهن الآن وفي المستقبل؟
** رئيسية**
النساء الأوكرانيات يطالبن العالم بالتضامن مع بلدهن ورفض ونبذ الحرب الروسية عليها (الأوروبية)
رجفة القلب وحقائب النزوح
لم تتوقع غالينا طه أنها ستعيش لحظة الحرب الحقيقية وأنها ستشم رائحة الموت، حيث غادرت الأراضي اللبنانية مع زوجها منذ شهرين، في إجازة لدى ابنها البكر المقيم في مدينة أوديسا بأوكرانيا، ولم تتوقع أنها ستعيش أجواء الحرب وتسمع صفارات الإنذار، وتشعر برجفة القلب وتشاهد حقائب النزوح.
تقول بحسرة للجزيرة نت عبر الواتساب "كيف يمكن أن يختار بوتين هذه الحرب الشنيعة التي ستؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح ومعاناة بشرية، هذه الحملة العسكرية الروسية التي تشبه حملات القياصرة في القرن الـ19، إنه ثمن باهظ على الأوكرانيين وحدهم دون سواهم، لكن هذا الشعب سيقاوم ويحافظ على هويته واستقلاليته فهذا حقه الطبيعي".
وتضيف "نحن كشعبين متماسكين، فأنا لديّ عدد كبير من الصديقات الروسيات الرافضات لمبدأ الحرب ولكل الأعمال العسكرية، وهن غاضبات بشدة لما يجري، ويتفاعلن عبر منصات التواصل الاجتماعي بالتضامن مع الشعب الأوكراني وبالإعلان عن ضرورة التوقف عن الحرب، لذلك ستبقى علاقتنا متينة كشعبين روسي وأوكراني".
قلبي مع أوكرانيا
وتقول مارينا زاخاروفا للجزيرة "أنا روسية، واليوم أشعر بالخجل من دولتي ومن أفعال حكومتي التي لم أخترها. لقد بدؤوا حربا، ولم يفعل ذلك الشعب الروسي. قلبي مع أوكرانيا. ولديّ صديقات أوكرانيات وأنا متضامنة معهن ودعوت صديقتي المقربة جدا لي وهي تعيش في كييف للمجيء إلى لبنان، وللأسف هي تعاني من مرض السرطان والآن تعاني من ويلات الحرب ولكنها تتعايش مع ذلك بصبر وحتى بابتسامة، كم أحترم شجاعتها وقوتها على الاحتمال، وأتمنى أن تبقى بأحسن حال وبعافية وسلام، فأنا قلقة جدا عليها".
وتختتم بقولها "لقد نشأت في روسيا، وروسيا هي وطني، لكنني أعبر عن دعمي في هذه الأيام لأوكرانيا، وهي موطن أقربائي وأصدقائي".
لودميلا كورينايا
لودميلا كورينايا أوكرانية الأصل وتحمل الجنسية الروسية متزوجة من لبناني ومقيمة في لبنان (الجزيرة)
استعادة المجد
أما السيدة لودميلا كورينايا فهي مقتنعة بما يحدث حاليا على الرغم أن كل صديقاتها الأوكرانيات يخالفن رأيها ويشعرن بالحزن لما أبدته من موقف واضح وصريح، لكنها لم تهتم، ولم تكترث حتى لو خسرت صداقتهن، فهي لن تغير رأيها، ولديها صديقتان أيضا من أصول روسية وأوكرانية تتفقان معها في هذا الرأي، بحسب حديثها للجزيرة نت.
ولودميلا كورينايا (في السبعينيات من عمرها) أوكرانية الأصل وتحمل الجنسية الروسية متزوجة من لبناني ومقيمة في لبنان، وهي من مؤيدي سياسة الرئيس فلاديمير بوتين، ولها رأيها الخاص في هذا الموضوع، فهي تعتبر أن التقدم الروسي خطوة مهمة للوقوف في وجه "الهيمنة الأميركية الجيوسياسية".
وتضيف "كانت أوكرانيا جزءا من الاتحاد السوفياتي قبل أن ينهار في نهاية الحرب الباردة عام 1991، ما أدى إلى استنزاف روسيا شعبا وموارد واقتصادا، وقلل من مكانتها كقوة عظمى. واليوم، يسعى الرئيس فلاديمير بوتين لاستعادة بعض هذا المجد، وما خسرته دولته خلال الحرب الباردة، فالروس والأوكرانيون يمثلون شعبا واحدا".
3السيدة سفيتلانا شاهين تقول نحن شعب لا نريد الحرب، نريد السلام، الحب، ان نعيش وان نسافر ونضحك ونستجم، سئمنا حربهم- (جزيرة نت)_
سفيتلانا شاهين نحن شعب لا نريد الحرب، نريد السلام وأن نعيش ونسافر ونضحك.. سئمنا حربهم (الجزيرة)
لا نريد الحرب
سفيتلانا شاهين أوكرانية الأصل مقيمة حاليا في كييف بأوكرانيا ومطلقة من لبناني، تتحدث بغضب شديد، وتقول للجزيرة نت عبر الهاتف "إننا كشعب لا نريد الحرب، نريد السلام، الحب، وأن نعيش وأن نسافر ونضحك ونستجم، سئمنا حربهم، لكننا سنبذل جهدنا للدفاع عن أرضنا، عن حريتنا".
ولفتت سفيتلانا إلى "وجود بعض التحركات الثقافية في روسيا، والتي تعبر عن رفض الغزو والحرب، وإلى إطلاق حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع المواطنين للتعبير عن سبب معارضتهم للحرب، ولكن بكل أسف يتم اضطهادهم باستمرار".
وأضافت أنها وجدت "التضامن والمساندة والتفاعل على صفحتها الرسمية على فيسبوك من قبل أصدقائها الروس الرافضين لمبدأ الحرب، والداعمين لها ولموطنها".
وتضيف "بالمقابل، تفاجأت، بأشخاص مقربين جدا منها قاموا بتأييد مواقف بوتين العسكرية وأظهروا مواقفهم المعارضة لأوكرانيا وتحالفها مع الناتو، وبأن روسيا لديها الحق في الهجوم المباشر، مما دعاني إلى حذفهم من حسابي الشخصي وإلغائهم من حياتي، فوجودهم لم يعد يهمني ولا أعتزم الاحتفاظ بهذا النوع من الأصدقاء".
وتكمل حديثها بأن لديها صديقة روسية الأصل مقربة جدا منها وهي تعيش في دبي ودعتها للسفر إلى دبي للمكوث معها، إلى حين انتهاء هذه الأزمة وهي تقف معها في هذه المحنة.
قلبي على أوكرانيا
وتحدثت إيلينا زوروا أوكرانية الأصل (في الثلاثينيات) بغضب بسبب قيام بعض اللبنانيين، برمي بضع نكات أو محاولات تنكيت، ملؤها الذكورية والشوفانية، تقلل من شأن المرأة عامة والأوكرانيات خاصة. ولكن، تم الرد عليهم من خلال جانب آخر من اللبنانيين الذين استنكروا هذه الطريقة التي قللت من احترام المرأة الأوكرانية، كما تقول.
وتؤكد إيلينا أن المرأة الأوكرانية لها كرامة وعزة، وأن أوجه الشبه بين قضيتها وبين القضيتين اللبنانية والفلسطينية كثيرة، فالروس يعمدون إلى احتلال دولة وأراض ليست لهم، فيما الشعب الأوكراني برجاله ونسائه يطالب العالم بالتضامن معه ورفض ونبذ هذا الاحتلال.
وتابعت بأن قلبها على أوكرانيا بلدها الحبيب وعلى شعبها، وأنها تصلي لأجلهم. كما أنها تحاول عدم الدخول في سجال مع أي من صديقاتها الروسيات الأصل خاصة اللواتي يحاولن إبداء رأيهن المؤيد لسياسة بوتين، فهذا الأمر الذي لا يمكن أن تقبله بأي شكل من الأشكال وتأسف لأنها استاءت كثيرا واتخذت قرارا بالمقاطعة وإنهاء بعض هذه الصداقات، فهذه المسألة لا تحتاج إلى تفكير، بحسبها.
المصدر : الجزيرة