هل من تفاؤل متوقع عن نهاية قريبة للحرب الاوكرانية؟..


كتب احمد عبدالباسط الرجوب - 

هل من تفاؤل متوقع عن نهاية قريبة للحرب الاوكرانية؟.. هل تحولت الحرب الى امريكية مع ثنائي روسي صيني؟

لم يعد هناك تفاؤل في الحديث عن نهاية قريبة للحرب الأوكرانية لدى أي من أطرافها أو المهتمين بتداعياتها، وقد تحوّلت الى حرب أميركية مع ثنائي روسي صيني ، لإعادة الفرص لإنعاش مشروع الهيمنة الأميركية على العالم الذي بدأ يتهاوى مع صعود بما يسمى بمحور المقاومة الرباعي (روسيا ،الصين،ايران وكوريا الشمالية) والدول المستترة التي تريد التخلص من الهيمنة الامريكية التسلطية الابتزازية وتركيع الدول،.. لقد كان الانسحاب الامريكي المفاجئ والمذل من أفغانستان ليظهر حجم التراجع في الوضعية الدولية لواشنطن انطلاقاً من أوروبا خصوصاً، حيث انطلقت التساؤلات عن جدوى الرهان على الحماية الأميركية، فجاءت الحرب لتصعّد من فرص السيطرة الأميركية على القرار الأوروبي تحت عنوان توفير الحماية بوجه " الخطر الروسي "، وسط احتفالية أميركية بتدمير ما بني من علاقات تعاون روسية أوروبية، ودعوات روسية انتظار مفاعيل الانتحار الأوروبي بالعداء لروسيا، خصوصاً في ملفات الطاقة..

وهنا لا بد من الاشارة إلى أن العقوبات المفروضة على موسكو لن تفلح، خاصة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يدرك مدى حجم العقوبات واستعد لها منذ أشهر وسنوات، فبوتين يعتمد على الجبهة الداخلية الشعبية الروسية، التى ترى أن أوكرانيا جزء من روسيا باعتبار أنها العاصمة القديمة (كييف قبل موسكو) وهم يدافعون عن أرضهم، وأن الرئيس الأوكراني زيلينسكي تابع للغرب ، وفي هذا السياق ارى بان أوكرانيا قد أخطأت عندما انحازت للغرب، وكان يجب أن تكون محايدة أو حلقة وصل بين الشرق والغرب، ونؤكد بأن استمرار الأزمة سيزيد من انقسام العالم، والتنافس بين الشرق والغرب على الساحة الأوكرانية، يُعقد الأمور، ويُطيل أمد الحرب..

الحرب التي سترسم خرائط أوروبا انطلاقاً من أوكرانيا، سترسم خرائط العالم انطلاقاً من أوروبا، ولذلك تستعدّ روسيا لحرب طويلة، وتجهد لتجنيب الداخل الروسي تداعيات قاسية للعقوبات الأميركية والأوروبية، وتعزّز تعاونها مع شريكيها الاستراتيجيين في المواجهة مع الحملة الأميركية، الصيني والإيراني، وتتقدم عسكرياً ببطء، على إيقاع نضج المسار السياسي الذي لا يزال بارداً، وتقدم سقفاً للمسار السياسي يعكس الصورة التي تراها روسيا لأوكرانيا في خريطة أوروبا الجديدة، وهي صورة مثال الحياد النمساوي، بما يُحرج أوروبا التي لا تستطيع القول إنه نموذج مهين لتبرر رفضه، ويبرر بالمقابل لموسكو مصداقية ما تصفه بالمخاوف من تحوّل أوكرانيا إلى قاعدة تهديد للأمن القومي الروسي، كما قال الرئيس بوتين في مناسبات عديدة عن أسباب هذه الحرب..
يوماً بعد يوم سيتوقف الأوروبيون عن السؤال من بدأ الحرب وسيسألون مَن يستطيع إنهاءها وبأية كلفة، وسيتوقفون عن مناقشة مع مَن يقفون، بل مَن يحميهم إذا قرروا معاداة روسيا ما دام الأميركي قد هرب من الجبهة واكتفى بإرسال المساعدات من وراء البحار، وسيبحثون عن تدفق سلس للطاقة يؤمن الهدوء لأسواقهم المشتعلة..

الجار القريب الروسي هو الخصم العنيد بالنسبة لبولندا التي حولها الأميركي الى قاعدة خلفية لحرب الوكالة التي يخوضها ضد روسيا في أوكرانيا، تحت شعار القتال حتى آخر أوكرانيّ، حيث أقيمت مقار خلفية أوكرانية يشرف عليها جهاز المخابرات، بينما أقامت وزارة الخارجية في مقر عمدة لفيف الحدوديّة التي اتخذت عاصمة بديلة لكييف، وفي المقار الخلفية داخل بولندا يتمّ تجميع الصواريخ المضادة للطائرات والصواريخ المضادة للدروع، وبدأ التحضير لاستقبال طائرات حربيّة تقدّمها دول أوروبا الشرقيّة لأوكرانيا عن طريق بولندا، قبل أن يصدر تحذير روسيّ شديد اللهجة لكل دولة تحوّل أراضيها الى قاعدة للحرب في أوكرانيا، والتهديد بمعاملتها كدولة شريكة في الحرب، خصوصاً الدول التي تقدم مطاراتها للطائرات الأوكرانيّة، وتوقعت مصادر أوروبية ان تجري مشاورات أميركية أوروبية عالية المستوى لاتخاذ القرار بكيفية التعامل مع الإنذار الروسيّ الذي بني على إعلان أوروبي أميركي بعدم الرغبة بدخول الحرب وتجنب المواجهة مع الدب الروسي، ليصير موقع بولندا في الحرب عنوان يومها الثالث والعشرون، بينما ساحات القتال يعتريها الغموض ، فالجيش الاوكراني يقول بانه قد دمرنا 40% من القوات الروسية الغازية ، وفي المقابل يقول المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية بأن قواته تتقدّم وفقاً للخطة المرسومة والجدول الزمني المقرر..

وفي مؤشر على اطالة زمن هذه الحرب " المجنونة " فقد رحب ‎بوتين بالمتطوعين الأجانب للقتال ضد ‎أوكرانيا.. وقبله ‎زيلنسكي وقع مرسوما رئاسيا يرحب بالمتطوعين الأجانب للقتال ضد ‎روسيا .. الأمر يبدو أشبه بقنبلة موقوتة من التطرف القومي والإيديولوجي تتشكل الآن في أوروبا ..هذا من شأنه قيام القوات الروسية للتوغل لقتال هذه التنظيمات الارهابية في اوكرانيا .. وللتنوير اكثر نقول بان العم بايدن قد خانتة خبرتة السياسية ومآلات حروب التنظيمات الارهابية وبالاخص تنظيم داعش الارهابي ، وكما حصل في سوريا ستكون هناك حرب شوارع في اوكرانيا مما يترتب عليه لجوء الملايين من اوكرانيا الى اوروبا وهذا ما نشاهدة حاليا حيث تجاوزت اعداد اللاجئين 3 ملايين شخص وهى في تزايد مستمر يوما بعد يوم!...

لقد ادرك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي " مستسلماً"، بان رهانة على الغرب كلها وعود وما ظهر من الحماس والتصفيق الحاد له في اطلالاتة عبر اللقاءات الافتراضية مع مجالس النواب الاوروبية والامريكي كانت في رأيي بانها اطلالات هوليودية وبالمناسبة فهو يتقنها من خبرته في التمثيل الكومدي " لا استخف بالتمثيل والدراما ابداً " وان رهانة على الانضمام الى حلف الناتو قد سقط بالضربة القاضية، ولم يعد على جدول أعمال أوكرانيا، ولذلك لماذا لم يتم التفاوض على إعلان الحياد مقابل ضمانات دولية تريدها أوكرانيا لمستقبل حدودها، مع استعداد مسبق لبحث مستقبل جزيرة القرم من جهة وجمهوريتي دونباس من جهة أخرى...

لا تزال تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية تلقي بثقلها على المستويين السياسي والاقتصادي وسط حالة من الهلع والقلق تسود الكثير من الدول وبالاخص الاوروبي منها لجهة الأمن الغذائي وارتفاع أسعار المحروقات والسلع والمواد الغذائية الأساسية كالزيت والقمح الذي لا يكفي المخزون منه لبضعة اشهر او حتى اقل، حيث قامت العديد من الدول بالاتصال بالدول المنتجة للحبوب وزيوت الطبخ لاستيراد هذه المواد لتخزينها لسد الحاجة المحليّة في حال طال أمد الحرب ، فيما عاد مشهد طوابير السيارات أمام محطات الوقود في بعض الدول منذرة بتجدد الأزمة بعد ارتفاع أسعار النفط عالمياً، حيث من الممكن مشاهدة قيام محطات تعبئة الوقود لرفع خراطيم التعبئة لعدم توفر المشتقات البترولية من البنزين والسولار / المازوت..

صفوة القول ...

1.التنافس بين الشرق والغرب على الساحة الأوكرانية، سوف يُعقد الأمور، واستمرار الخلاف سيُطيل أمد الحرب وتصل الأمور إلى حرب " استنزاف " للقوة العسكرية الروسية أو للدعم الغربي لأوكرانيا، والتاريخ والجغرافيا ترجح الكفة لصالح روسيا، وكان بإمكان أوكرانيا أن تكون على الحياد، وأن تكون حلقة وصل بين الشرق والغرب، لكنها أخطأت خطأ استراتيجياً بالانحياز للغرب...

2.نتابع مجريات حرب روسيا على اوكرانيا لفك لغز هذه الحرب على الارض .. نشاهد العسكريين والمحللين العرب الذين يديرون هذه الحرب من الفضائيات ويشطحون يسارا ويمينا ولا يلفظون اسماء المدن والمقاطعات الاوكرانية كما ينبغي ، ويعتمدون على ما تقولة الفضائيات الدولية وبالاخص الــ CNN ، سكاي نيوز ، DW ، .. وغيرها ، وهى في الغالب تؤكد لما يسعى الغرب الى ترويجة.. تارة يقولون الرتل الروسي شمال العاصمة كييف لا يزال متوقفا،.. رصدنا قتالا متواصلا وجهودا لتطويق ماريوبول،.. نعتقد أن الأوكرانيين لا يزالون قادرين على استخدام الإنترنت .. تكرار ممل ..

3.هذه حرب مجنونة غامضة لان الصراع واضح بين كتلة غربية قبطانها العم سام الامريكي واخرى شرقية قباطنتها الدب الروسي والتنين الصيني ، والاوكرانيون وقودها واصبحوا لاجئين! .. والحل ان تعود الادارة الامريكية الى رشدها والتحاور مع الرئيس بوتين والايتيان بحكومة اوكرانية جديدة لمرحلة انتقالية لان الغرب سوف يخسر كلما طال امد هذه الحرب المسعورة... ويَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَـارِ مَنْ لَمْ تُـزَوِّدِ " طرفة بن العبد "..

باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com