يوم جهنم

مِكرٍّ مِفرٍّ مقبلٍ مدبرٍ معًا ....
لم يكن صدفة وإنما تزامنا مع أذار ولم تكن ساعة الصفر فيه إلا إعلانا وبراءة من الله تعالى ليوم الكرامة من السنين العجاف ، ليتجلى بالحادي والعشرين من أذار من عام ألف وتسمعئة وثمانية وستين ، لقد أستحق بأذار بزوغ فجر جديد ، وعام يُغدق به الأحرار ، كرامة ونصر من الله تعالى ، عام أزهر وتجلى بحلَّته الخضراء بخضم زهوره اليانعة والتي أبت إلا أن ترتوي بدماء أحرار الكرامة لِتخضَرَّ أفنانه بهجة وفرحا ، وتطرب مسامعها على قرع أقدام الأبطال ..

ويكأن حال لسان يوم الكرامة يُوصِفَ نفسه قائلا : أنا الربيع الذهبي من سُندس وإستبرق، أنا الأم التي طالما تهيأت لضم أجسادكم الطاهرة ، أنا الربيع الزكي الذي نال شرف وسام قطرات دمائكم الوردية الزكية، أنا بهجة مَن وَلَدنَكم، وإستبرق بطون اللآئي أنجَبنَكم ، أنا الجِنان بالأرض لِأقدامهن ولهن أنهر تحت أقدامهن أكثر مني جمالا في السماء العُلا ، أنا الربيع وهن الأمهات قسمنا بأن نتقاسم فيكم الفخر والكرامة عنوان، وأنتم الأبطال الذين هامت بكم الشهامة ، أنتم الكرامة حيث الجنان تحت أقدامكم وأقدام أمهاتكم اللآئي أرضعنكم الرجولة الحق والشهامة وحب الوطن ، ورسمن لكم الوجهة الأولى لأرواحكم، وأنتم الأبطال نسل الجيش المصطفوي، كنتم كجهنم بعيون الإسرائليين، ويوم جهنم كما يراه الإسرائليين في عيونكم، وأنتم الكرامة بيوم الكرامة كما يراه أهل الكرامة فيكم، إهزوجة النصر العربي ومُغناة الملحمة التاريخية والتي كَسَرت قاعدة إسطورة الجيش الذي لا يقهر ،وأنتم الذين حطمتم أسوار دولة طالما كانت لا تقهر بأعين العالم بأسره.


أرشدنا لِسُبل الشهادة كل سبيل
كما يُرشِد الخليل الخليل

أما أنتم يا أبطال الكرامة الذين نسفتم بأجسادكم جسدَ حصان طروادة والكامنين بِداخله،فأنتم الغر
الميامين الذين أسطاعوا وَ أستاطعوا _بعون من الله تعالى _ بقيادة الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه- بِعبور سورهم المبكي بجوفِ صدورهم حيث لم ينجَ منهم إلا منجى الذُباب، ورشّاشاتكم المتواضعة بِدَويِّ اصوات نيرانها المُجلجلة على مسامعهم وَحَرَباتكم السمر فاق يوم طِعانها طول ظل القنا ،تتربصون
بهم المنون كنظرة ليث العريسة الى الفريسة ، تلبلبتم للنضال وَ شرعتم صدوركم للموت مِن أجل حياة لا موتة بعدها ،حملتم على راح أكفِكم أكفانكم تخاطبون الموت بكل جسارة: أقبسنا نارك أيُها الدليل وأرشدنا لِسُبل الشهادة كل سبيل ، كما يُرشد الخليل الخليل .


يوم جهنم ،اختلطت به دماء الخلف بدماء السلف ونادت مؤتة خالد، ويرموك صلاح الدين، ومنصورة
الظاهر بيبرس ، وميسلون، واللطرون، وباب الواد، لبيكَ يا يوم جهنم، لبيكَ يا كرامة العُرب . يوم جهنم، هذا ما اطلقه الإسرائيليين على معركة
الكرامة ، حيث طبق الخذلان على مائدة الإسطورة التي لا تقهر ، يوم جهنم الذي استذرى به ربيع أذار
المرويّ بدماء الشهداء، وقطرات جراح المصابين من جنود الجيش العربي الباسل الذين سطروا
بصفحات التاريخ رمز العزة والفداء.

 
لقد تصدّى الجيش الأردنيّ بقوّةٍ لهذه القوات المعتدية على طول جبهة المواجهة التي امتدّت من أقصى الشمال وحتى جنوب البحر الميّت، وكانت الواقعة التي تواجه بها الجيشان، كان الجيش الأردنيّ يرافقه عددٌ من الفدائيين ضدّ القوّات الإسرائيليّة المعتدية، حيث وقعت مواجهة شرسة بين الطرفين استمرّت نحو خمسين دقيقة، أمّا المعركة بين الطرفين استمرّت أكثر من ست عشرة ساعة متتالية، الأمر الذي اضطرّ القوّات الإسرائيليّة إلى الإنسحاب بشكل كاملٍ من ساحة المعركة، وكانت المرّة الأولى التي ينسحب فيها الجيش الإسرائيليّ من معركةٍ دون أن يتمكّن من جمع خسائره وقتلاه، وبهذا تمكّن الجيش الأردنيّ من قهرِ الجيش الذي لا يُقهر وهزيمته وطرده من أرض المعركة دون أن تحقّق تلك القوّات المنهزمة أيّ غايةٍ من غايات هذا العدوان.

رحم الله القائد الأغر الملك الحسين بن طلال ،صانع الكرامة بكلِ كرامة للنصر العربي، ورحم الله شهداء الكرامة، وجلل الله بالفخرِ يوم الكرامة على إمتداد مد البصر من شمال وجنوب وشرق وغرب أردن العزم و الكرامة ، حيث ~أردن أرض العزم أغنية الظبى، نبت السيوف وحد سيفك ما نبا ، في حجم بعض الورد إلا إنه لك شوكة ردت إلى الشرق الصبا ~

فهنيئا لِصاحب المقام السامي الملك عبدالله الثاني هذا النصر المشرع على أسنة الأردان والسيوف ما دامت السموات والأرضين السبع ، هنيئاً للأردن بكم وهنيئاً لإمة العُرب ِ بكم أيها الأبطال الأشاوس وكلِ عام و كافة منتسبي القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي والأجهزة الأمنية بألف خير .