عملية بئر السبع تصدم “الاحتلال ” ومخاوف من انعكاساتها على الفلسطينيين
ثماني دقائق كانت المدة التي استغرقها محمد أبو القيعان لقتل أربعة إسرائيليين طعنا ودهسا وإصابة اثنين آخرين، بمدينة بئر السبع بالنقب (جنوب)، في عملية لم تشهد إسرائيل في مثل حجمها منذ سنوات.
العملية كانت صادمة، وباغتت أجهزة الأمن الإسرائيلية لاسيما أن منفذها هو مواطن إسرائيلي (من عرب 48)، من بلدة حورة البدوية في النقب.
وقال "يوسي يهوشع” مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت” العبرية للشؤون العسكرية، إنه خلال تقييم الوضع الذي أجرته أجهزة الأمن بمناسبة قرب حلول رمضان لم تطرح مثل هذه الإمكانية (تنفيذ عملية طعن داخل أراضي 48)، وأن جل الاهتمام الأمني تركز حول القدس والضفة الغربية.
ومن ساحة الهجوم أمام مركز تجاري في بئر السبع قال قائد الشرطة الإسرائيلية "كوبي شبتاي”: "هذه عملية قتل شنيعة لم نواجهها منذ وقت طويل”.
ومضى قائلا: "تعمل الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك) لمعرفة ما إن كان لمنفذ الهجوم شركاء آخرين (..) عززنا منظومة التأهب على المستوى الوطني خوفا من عمليات محاكاة”.
وأكد أن أجهزة الأمن الإسرائيلية "لم تتوفر لها أية معلومات مسبقة عن العملية”، وفق الصحيفة ذاتها.
فيما قال "بيرتس عمار”، قائد لواء الجنوب في الشرطة: "في البداية دهس (المهاجم) راكب دراجة، وأصابه وقتله، ثم واصل طريقه إلى محطة الوقود، حيث قابل سيدة وطعنها عدة مرات. وعاد إلى سيارته ووصل إلى المجمع التجاري وطعن ثلاثة كانوا هناك حيث قُتلت واحدة منهم، وأصيب اثنان آخران، قبل أن يصطدم بسيارة ثم طعن رجلا عشرات المرات وقتله”.
وتابع أن إسرائيليين اثنين تصادف وجودهما في المكان من بينهما سائق حافلة أطلقا النار على أبو القيعان حتى قتل في المكان.
"يديعوت أحرونوت” وصفت العملية التي استغرقت 8 دقائق بأصعب هجوم تشهده إسرائيل منذ سنوات.
ويتخوف الفلسطينيون من أن تتخذ إسرائيل من عملية بئر السبع ذريعة لتصعيد انتهاكاتها سواء ضد سكان النقب أو ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس: "سنحرص على أن يدفع من يشجع أو يدعم الهجمات الثمن”.
وأضاف: "سيستخدم الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن جميع الوسائل لمنع وقوع حوادث إرهابية قدر الإمكان”.
في سياق متصل، قال أستاذ الإعلام بجامعة الخليل (جنوبي الضفة) سعيد شاهين إنه لا يمكن النظر إلى عملية بئر السبع بمعزل عن ما جرى خلال الأيام والأسابيع الماضية "ومظاهر التمييز ضد العرب في إسرائيل”.
وأشار للأناضول إلى "مقتل فلسطيني برصاص الشرطة الإسرائيلية في النقب (منتصف الشهر الجاري)، وما سبقه من عمليات تهجير ومشاريع استيطانية في قرى عربية جنوبي إسرائيل”.
والخميس، كشف تحقيق أولي في إسرائيل، عن كذب رواية شرطي أقدم على قتل الشاب الفلسطيني "سند الهربد” (27 عاما) في مدينة رهط، في النقب (جنوب).
وكشف التحقيق أن "الهربد” أصيب برصاصتين في الجزء الخلفي من جسمه، ما يعني أنه لم يكن يصوب مسدسا إلى الشرطي، بل كان يحاول الفرار من الموقع.
وقال المحلل الفلسطيني إن "سياسة إسرائيل ضد سكانها العرب أدت إلى عملية الثلاثاء، وقد تقود إلى مزيد من التوتر مستقبلا”.
ورجح أن تكون العملية "فردية، أسوة بعشرات العمليات المماثلة خلال السنوات الأخيرة” لكنه قال إن توقيتها جاء بالتزامن مع الهجوم الروسي على أوكرانيا "مما يصعب معه تسليط الضوء على قضايا الفلسطينيين في إسرائيل”.
ويتفق المحلل السياسي محمود فطافطة في حديثه لوكالة الأناضول، مع شاهين، في أن "ما يقوم به الاحتلال من تهميش وإبادة عرقية وجغرافية وديمغرافية لفلسطينيي النقب، كان جزءا من أسباب الهجوم”.
وأضاف أنه لا يمكن النظر لعملية بئر السبع بمعزل عن واقع القضية الفلسطينية وما يجري في الضفة والتهديدات باقتحام المسجد الأقصى في شهر رمضان.
وتابع: "ما حدث له علاقة بواقع القضية الفلسطينية وما يحدث في القدس والمسجد الأقصى والقرى الفلسطينية من قتل وتشريد وطرد وهدم”.
وقال إن "الفلسطيني في يافا وحيفا وعكا والنقب وبئر السبع (داخل إسرائيل) لا يمكن أن نفصله عن ما يجري في القدس والخليل ورام الله (الضفة)”.
ويرى فطافطة أن المواجهة مع الاحتلال بالضفة الغربية تشهد حالات مد وجزر، غير مستبعد أن تلقي عملية بئر السبع بظلالها على الوضع في الضفة "وقد يشهد شهر رمضان كثيرا من الهبات المحدودة، لأن المجتمع الفلسطيني في حالة غليان”، وفق قوله.
ورجح المحلل السياسي أن تستغل إسرائيل الحدث للتضييق على وصول المصلين إلى المسجد الأقصى وتعزيز قواتها في القدس، معتبرا أن "ما يحدث في الأقصى من اقتحامات مؤشر على احتمال التوتر”.
وقال إن "كل الأحداث تجتمع معا لتخلق حالة مواجهة مع الاحتلال”.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد قالت إن منفذ هجوم النقب هو الأسير المحرر محمد غالب ابو القيعان الذي أمضي 5 سنوات في السجون الإسرائيلية، لافتة إلى أنه اعترف لدى اعتقاله عام 2015 بانتمائه إلى تنظيم "داعش” وقال إنه يخطط للسفر إلى سوريا للانضمام للتنظيم المتطرف.-(الاناضول)