الأسيرة ملك سلمان.. بطاقة معايدة لوالدتها من خلف القضبان

"انتظريني وسامحيني ودعواتك يا أمي لغيابي، فقلبي حزين لأني لم أحتفل بك ككل عام، لكن روحي معك تعانقك وتقبلك وتخفف وجعي حتى يحين موعد اللقاء القادم والقرريب” هذه هي الكلمات التي وجهتها الأسيرة ملك محمد يوسف سلمان 22 عامًا، من سجنها "الدامون”، لتعايد والدتها الأربعينية "أم يوسف”، بمناسبة يوم الأم الذي تستقبله للعام السادس على التوالي في غياهب السجون محرومة من عناق والدتها وتقديم الهدايا التي اعتادت عليها لتفرح والدتها التي ترتبط بها بعلاقة وطيدة، والتي عبرت أيضًا عن حزنها وألمها على فراق كريمتها التي تقضي حكمًا بالسجن لمدة عشر سنوات.

رغم اجتماع الأبناء حولها في منزلها في بلدة بيت صفافا قضاء القدس، انهمرت دموع الوالدة أم يوسف صبيحة يوم 21-3، وقالت: "كانت اختي وصديقتي وحياتي وكل شيء جميل في عمري، دومًا تحتضني وتقبلني وتلازمني، فقد كانت مقربة كثيرًا مني، وكل المناسبات في غيابها مؤلمة والفرحة تحولت لحزن ودموع .. يوم الأم مؤلم وحزين في حياتي، استقبلته بالبكاء والذكريات تمر أمامي حول ملك التي كانت تجمع مصروفها وتذخره لشراء أجمل الهدايا لي .. كل يوم أعانق فراشها وملابسها وهداياها وكتبها واستنشق رائحتها العطرة وقلبي يصلي لرب العالمين ليجمع شملنا عن قريب”.



وتضيف الأم الموجوعة قلبًا وروحًا: "رحت ببطاقة المعايدة التي وصلتني من ملك رغم الأسر، ورسالتي لها، كوني قوية وصامدة وتحرري بسرعة، فقد اشتقنا لكِ كثيرًا ، فالاحتلال منذ اعتقل ابنتي، سجن معها أفراحنا وسعادتنا، ولم يعد في حياتنا فرحة حتى نلتقي من جديد”.

تعتبر الأسيرة ملك، باكورة أبناء أسرتها المكونة من 8 أفراد، ولدت في قرية بيت صفافا التي نشأت وعاشت فيها وتعلمت في مدارسها حتى وصلت للصف العاشر قبل اعتقالها، حتى قطع الاحتلال طريق حياتها وأحلامها باعتقالها بتاريخ 9-2- 2016، وتقول والدتها: "مع بداية الفصل الدراسي الثاني، تعرضت للكارثة الكبرى في حياتها عندما اعتقلها الاحتلال خلال عودتها من باب العامود في مدينة القدس، بعدما توجهت لاحدى المكتبات واشترت بعض الاحتياجات الدراسية”.

من وسائل الاعلام ، علمت العائلة باعتقال كريمتها الطالب القاصر ملك بعمر 16 عامًا، وتقول والدتها: "الاحتلال نشر صور اعتقالها التي أثارت خوفنا وقلقنا، فقد نجت من رصاصهم بأعجوبة، وأبلغنا شهود العيان، أنها خلال سيرها في المنطقة، اعترضها جنود الاحتلال وهاجموها فجأة، وكان أحد الجنود يريد إطلاق النار عليها، ولكن بقدرة قادر تعطل سلاحه، فهاجموها واعتدوا عليها بالضرب بشكل وحشي، واعتقلوها خلال محاولة الدفاع عن نفسها .. وقد تعرضت للتحقيق في مركز المسكوبية بالقدس، ونقلوها بحالة صحية صعبة لزنازين سجن هشارون، فالاعتداء الذي تعرضت له أدى لكسر التقويم في فكها، واصابتها بعدة جروح في الفم ونزيف في اللثة، وأهملوا علاجها، ونقلوها للسجن، ومنذ اعتقالها حتى اليوم لم تعرض على طبيب مختص ورفضت إدارة السجون علاج ابنتي مما أثر عليها كثيرًا، وقدمت طلبات كثيرة وناشدنا كافة المؤسسات الضغط على الاحتلال لعلاجها، لكن دون جدوى، ولغاية اليوم لا يوجد آذان صاغية”.


رفض الاحتلال الافراج عن ملك لكونها قاصر، وبسبب حاجتها للعلاج والرعاية الصحية، واستمرت محاكم الاحتلال بتمديد توقيفها، وبعد 23 جلسة، حكم عليها بالسجن الفعلي لمدة 10 سنوات، وقدم المحامي استئنافًا، وتم تخفيض فترة عام من المدة، وتقول والدتها: "عندما اعتقلت ملك، كان عمرها 16 عامًا، ولكن رغم صغرها، إلا أنها تحلت بالصبر والعزيمة والإرادة والثبات، ولم ينال الحكم والاحتلال وسجونه منها، بل استطاعت ان تتحدى السجن والسجان باكمال دراستها الثانوية العامة وحصلت على المرتبة الأولى بين الأسيرات في امتحان الثانوية العامة”.

وتضيف: "بإرداتها، ودعم ورعاية الأسيرات، أكملت مشوارها التعليمي، وانتسبت لجامعة القدس المفتوحة تخصص خدمة اجتماعية، والحمد الله، تتميز بحبها وشغفها بالقراءة، إضافة إلى حفظ القرآن الكريم”.

رغم مشاق السفر ، وممارسات الاحتلال، تواظب الوالدة أم يوسف، على زيارة كريمتها، وتعبر عن اعتزازها الكبير بها، وتقول: "استثمرت فترة السجن بالدراسة والتعليم وحفظ القرآن، وكبرت قبل أوانها ونعتز بصمودها ومعنوياتها، ورسالتي لها، أن تتحلى بالصبر والشجاعة، وأنا أدعوا دائمًا لله ليفرج عنها وكافة الأسيرات .. في كل المناسبات فرحتنا منقوصة لبعدها عنا، لكنها دومًا معنا، الاحتلال قادر على تقييدها وسجنها، لكنه لايستطيع أن يعتقل قلوبنا التي تفكر فيها دومًا، وتتذكر كل جلساتها ومواقفها وتميزها وطيبتها وحنانها خاصة معي”.
القدس