حين ينتفض الميدان الفني للمهن الطبية المساندة
اصدرت اللجنة الوطنية للمهن الطبية المساندة اخيرا بيانا ساخنا عقب الانسحاب من الاجتماع مع أمين عام وزارة الصحة الدكتورة الهام خريسات، احتجاجا على لغة "التهديد والوعيد"، فيما تلتزم الوزارة، حتى اللحظة الصمت، وكأن الأمر لا يعنيها!!.
وعبر " الميدان الفني " للمهن الطبية المساندة في وزارة الصحة عن الالتفاف المطلق حول اللجنة الوطنية ، التي فوضها الميدان بالدفاع عن قضاياه والعمل على تحقيق مطالبه " العادلة" كما يصفها .
ولدي قناعة تامة بأن وزير الصحة الدكتور فراس الهواري زج بالدكتورة خريسات ‐وهي سيدة فاضلة اشهد بقدرتها القيادية ‐ في اتون ساحة معركة حامية الوطيس ، مع شريحة واسعة حيوية من كوادر الوزارة ، فيما انسحب الى الخطوط الخلفية ، تاركا اياها -الامين العام- تتلقى صليات الميدان ونيرانه وحيدة دون ظهر يحميها ، او كتف يسند الموقف الذي عبرت عنه .
وفي الوقت الذي يكتنف الغموض موقف الوزارة ازاء الاجتماع وتداعياته ، فإن المشهد يبدو داخل اللجنة الوطنية وفي الميدان اكثر وضوحا وتماسكا وانسجاما وتنسيقا وثباتا وصدقا في التعبير عن الموقف وردة الفعل .
وتُظهِر تجليات المشهد في الميدان الفني حراكا نشطاء والتفافا مطلقا حول اللجنة الوطنية وإسنادها بموقف مبدئي لا يتزحزح عن ثوابته المطلبية البحتة وتعكس تجليات المشهد مدى حساسية الوضع وحالة الاحتقان وحتمية الصدام في المرحلة المقبلة والعودة الى المربع الاول .
اللجنة الوطنية شعرت بتلكؤ الوزارة عن تنفيذ التفاهمات وانتهاج اسلوب المناورة ومحاولة "علك " الاتفاق غير آبهة بمآلات التراجع عن انفاذ بنوده التي توصل إليها الجانبين ، وافضت الى نزع فتيل الازمة ،وحالت دون اشتعالها ، حيث أعلنت اللجنة انهاء " الاجراءات التصعيدية مؤقتا وتعليق التوقف عن العمل الذي كان مقررا في 19/12/2021 ، بعد حوار مع الوزارة أفضى الى تفاهمات واتفاقات مكتوبة تلتزم الأخيرة بتنفيذها من بداية العام الحالي .
ويحذر الميدان الفني من " أزمة مرتقبة في جميع مستشفيات ومراكز وزارة الصحة " اذا لم تلتزم الأخيرة بتنفيذ التفاهمات التي اتفق عليها ، ويؤكد الوقوف "خلف اللجنه الوطنيه لانتزاع الحقوق المشروعه صفاً واحداً ومع كافة القرارات التي ستصدر من قبل اعضاء اللجنة لحين رد الإعتبار وتحقيق جميع المطالب التي تم الاتفاق عليها مع معالي الوزير " .
وفي الحديث مع رئيس اللجنة الوطنية حسين العوران يبدو في نبرته الهدوء والحزم والتصميم على نيل المطالب ، ويتساءل بغضب لماذا ولمصلحة من يتم التراجع عن التفاهمات التي اتفق عليها ؟؟ ويشير الى ان ما نفذ من بنود الاتفاق مع الوزارة لا يذكر ويتعلق بجزئية ذات صلة بالحوافز ، ويؤكد ان الميدان الفني ساخط ولن يرهبه تهديد الوزارة ووعيدها بالويل والثبور وعظائم الامور لاعضاء اللجنة الوطنية وحراك الميدان.
ما حدث خلال الاجتماع وبعد الوصول الى التفاهمات وتراجع الوزارة او تلكؤها في تنفيذها لم يكن مفاجئا،
ولم اخف في متابعاتي لازمة الصراع الناشب بين الطرفين تخوفي من مده وجزره، وتساءلت بعد الاتفاق بينهما، هل طوت اللجنة الوطنية صفحة مطالبها وحققت غاية منى الكوادر التي تمثلها ؟؟ وكان لدي احساس عميق بأن النار لم تنطفىء تحت الرماد، وطرحت السؤال: "متى يثور البركان مرة أخرى؟؟"، ولم يمض وقت طويل حتى عاود البركان ثورانه وإلقاء حممه الحارة في وجه الوزارة التي نكثت بوعدها .
ويبدو ان الوزارة لا تدرك تداعيات تراجعها وعدم تنفيذ التفاهات التي اتفق عليها ، وما زال هناك من اداراتها من يتساءل عن مشروعية اللجنة الوطنية ، ناسيا او متناسيا ان وزيره وقع معها على تفاهمات ، وأن بين يدي اللجنة تفويضا خطيا موقع من " ٤٥٠٠ "كادر فني من مختلف مواقع العمل في مستشفيات الوزارة ومراكزها الصحية على امتداد مساحة الوطن ،وأنهم متحدون على قلب رجل واحد ، وإن خلفهم والى جانبهم ومعهم جميع العاملين في المهن الطبية المساندة البالغ عددهم حوالي ٦٥٠٠ .
مطلوب اليوم ان لا يعود طرفي المعادلة الى المربع الاول وان تبادر الوزارة الى تنفيذ البنود المتفق عليها ، وتشمل :
متابعة مسودة مشروع قانون النقابة ومنح اعداد متفق عليها علاوات العمل الاضافي وبدل الاقتناء والتنقل وهيكلة المهن الطبية المساندة بمشاركة اللجنة الوطنية واشراكها في اللجان المختصة في الوصف الوظيفي والمسارات المهنية وتعديل نظام الحوافز .
باختصار شديد حين ينتفض الميدان الفني للمهن الطبية المساندة ويتوقفون عن اداء واجباتهم في مواقع العمل المختلفة ، تتفاقم أزمات وزارة الصحة وتتراجع خدماتها الى أدنى حد وتقترب اكثر من الهاوية ، فهل ذلك ما يريده الوزير ؟!.