محامي الأسير المقدسي أحمد مناصرة يخشى عليه من الانتحار

تعقد المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة بئر السبع، جنوبيّ فلسطين المحتلة، الساعة الواحدة من ظهر غد الأربعاء، جلستها الخاصّة بقضية الأسير المقدسي أحمد مناصرة، للنظر في الالتماس المقدم من محاميه خالد زبارقة للمطالبة بالإفراج عن مناصرة، الذي يمضي محكومية بالسجن مدتها تسع سنوات ونصف سنة.

وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، حذر زبارقة من تدهور الحالة الصحية والنفسية لموكله مناصرة في داخل عزله الانفرادي بالسجن، ومن احتمال إقدامه على الانتحار، مشيراً إلى أن موكله سأله خلال زيارته له في السجن: "هل أنت متأكد أن الانتحار حرام".

وتحدث زبارقة عن الأوضاع الصعبة التي يعيشها موكله، وقال: "أحمد يعاني الآن بشكل كبير في سجنه، لقد دخل السجن وهو في سنّ الثالثة عشرة، وكان قد تعرض لإصابة بالغة في رأسه، وتعرض بسببها لكسر في الجمجمة، ثم تعرض بعدها لتحقيق قاسٍ لدى مخابرات وشرطة الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن يصدر الحكم بسجنه تسع سنوات ونصف".

وتابع زبارقة: "هذا حكم غير مسبوق في القضاء الإسرائيلي متعلق بالأطفال، فيما عوقب في سجنه بوضعه في العزل الانفرادي، ما فاقم من حالته الصحية والنفسية، وهو يعاني الآن من مرض نفسي مزمن، وهذا يشكل خطورة عالية على حياته".

وأكد محامي مناصرة أن علاج الحالة النفسية التي يعاني منها أحمد يتطلب توفير علاج نفسي وجلسات محادثة، إضافة إلى العلاج الطبي والأدوية، كما أنه بحاجة إلى مصحة نفسية وحاضنة اجتماعية، وأن تكون عائلته إلى جانبه، من أجل أن نضمن السلامة الصحية لأحمد حتى يشفى ويتعافى كلياً.

ودعا زبارقة إلى أوسع حملة من التضامن مع أحمد، والتفاعل مع قضيته محلياً وعالمياً، لأن هذا التفاعل له انعكاسات وتأثيرات عالية على عائلته وعلى معنويات هذه العائلة.

وقال زبارقة: "أتمنى أن تلامس حملة التفاعل مع أحمد أسماع سلطات السجون الإسرائيلية، وأن تطبق على أحمد القوانين المرعية التي تخصّ الأطفال القاصرين، وأن تفرج المحكمة غداً عنه".

وتابع: "لقد قضى أحمد أكثر من ثلثي المدة التي حكم بها، وبالتالي من الناحية القانونية هناك إمكانية على المستوى الإجرائي للإفراج عنه، لكن قضيته بحاجة لتفاعل أكبر حتى نستطيع أن ننجح جميعاً في نصرة قضيته وعودة أحمد إلى حاضنته الطبيعية، عائلته، وتقديم العلاج له، والحفاظ على حالته الصحية".
وكان نادي الأسير الفلسطيني قد نشر، الثلاثاء، أبرز المعلومات عن الأسير مناصرة وقضيته استباقاً لجلسة غد الأربعاء، مشيراً إلى أن  مناصرة ولد في تاريخ 22 كانون الثاني/ يناير 2002، في القدس، وهو واحد من بين عائلة تتكون من عشرة أفراد، له شقيقان، وهو أكبر الذكور في عائلته، بالإضافة إلى خمس شقيقات.

وكان أحمد طالباً في مدرسة الجيل الجديد في القدس، قبل اعتقاله عام 2015، في الصف الثامن، وكان يبلغ من العمر في حينه 13 عاماً.

وقصة أحمد لم تبدأ منذ لحظة الاعتقال فقط، فهو كالمئات من أطفال القدس الذين يواجهون عنف الاحتلال اليوميّ، بما فيه من عمليات اعتقال كثيفة ومتكررة، حيث تشهد القدس أعلى نسبة في عمليات الاعتقال بين صفوف الأطفال والقاصرين.

في عام 2015، ومع بداية "الهبّة الشعبية" تصاعدت عمليات الاعتقال بحقّ الأطفال تحديداً في القدس، ورافق ذلك عمليات تنكيل وتعذيب ممنهجة، وكان أحمد جزءاً من مئات الأطفال في القدس الذين يواجهون ذات المصير.

في تاريخ 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، تعرّض أحمد وابن عمه حسن الذي استشهد في ذلك اليوم، بعد إطلاق النار عليهما، لعملية تنكيل وحشية من قبل المستوطنين، وفي حينه نشرت فيديوهات لمشاهد قاسية له، كان ملقىً على الأرض ويصرخ وهو ومصاب، ويحاول جنود الاحتلال تثبيته على الأرض والتنكيل به، وتحولت قضيته إلى قضية عالمية.
وشكّل هذا اليوم نقطة تحول في حياة أحمد، بعد اعتقاله وتعرضه لتحقيق وتعذيب جسديّ ونفسيّ، حتّى خلال تلقيه العلاج في المستشفى، ونتيجة ذلك أصيب بكسر في الجمجمة، وأعراض صحية خطيرة.

لاحقاً، أصدرت محكمة الاحتلال بعد عدة جلسات حُكماً بالسّجن الفعلي بحقّ أحمد لمدة 12 عاماً وتعويض بقيمة 180 ألف شيكل، وجرى تخفيض الحكم لمدة تسع سنوات ونصف عام في عام 2017.

وقبل نقله إلى السجون احتجزته سلطات الاحتلال لمدة عامين في مؤسسة خاصّة بالأحداث في ظروف صعبة وقاسية، ولاحقاً نقل إلى سجن مجدو بعد أن تجاوز عمر الـ 14 عاماً.

ويواجه أحمد ظروفاً صحية ونفسية صعبة وخطيرة في العزل الانفرادي في سجن "ايشل بئر السبع"، وستكون جلسة المحكمة غداً الأربعاء، محاولة جديدة لإنقاذه حتى يعود إلى أحضان عائلته ويتلقى الرعاية والعلاج المناسب.
وعلى ذلك، انطلقت حملة دعم وإسناد للأسير أحمد مناصرة للمطالبة بالإفراج الفوريّ عنه لعل هذه القضية بما فيها من جهود تبذل أخيراً أن تكون باب أمل للعديد من الأسرى الذين يواجهون ذات المصير.


العربي الجديد