يوم الفصح اليهودي وتداعياته الخطيرة على الأقصى
يصادف يوم الجمعة القادم، الموافق الخامس عشر من نيسان احد المناسبات الدينية الهامة عند اليهود، بل وربما من اهمها وهو عيد الفصح اليهودي . وتأتي اهميته، وذلك لارتباطه بتقديم قرابين شكر لله على انقاذهم واخراجهم من مصر (حسب تفسيراتهم ) والذي يأتي متزامنا مع شهر رمضان الكريم، شهر العبادة والتهجد والتقرب إلى الله غفرانا للذنوب والفوز برضاه. إن المراقب لذلك الحدث، وحتى لطبيعة تصرفات اليهود المتطرفين وسلوكياتهم هذه في هذا الشهر يرى انهم يتعمدون و يتقصدون محاولة اثارة مشاعر المسلمين واستفزازها لدواع عدة . ففي ظل هذا الظرف، وهذه المعطيات الخطيرة نجد ان الأجواء في المسحد الاقصى بل حتى في فىسطين كلها ، اصبحت اجواء مشحونة ومقلقة للغاية ، جراء تلك التصرفات الاستفزازية. من قبل اليهود وحتى ان تلك الاجواء أكاد اجزم أنها تطال الاجواء السياسية الاردنية. والسبب في ذلك كله ليس بخافي على احد، والمتعلق بما تقوم به احدى جماعات اليهود المسماه " جماعةالهيكل" من تحضيرات لهذا اليوم لاهميته وقدسيته عندهم.
يبدو أن الذاكرة العربية وقادة صنع القرار العربي اصبحوا مغيبين عن المشهد المقدسي ، وخاصة في هذا الظرف الحرج والخطير ،الا من رحم ربي. من أبناء الأمة وقادتها والمعنيين بالاقصى والقدس امثال، شجعان المقادسة من شباب وكهول وحتى وصل الأمر للمقدسيات (والاتي) يأتين للصلاة في المسجد الاقصى للدفاع عنه وكذلك اهل الضفة الغربية الذين يقصدون المسجد الاقصى دفاع عنه من عبث اليهود من مستوطنين ومتطرفين. وتشاطرهم ذلك الحدث ترقبا ومساندة الدبلوماسية الاردنية التي تقودها وزارة الخارجية .. وبدعم من جلالة الملك عبدالله الثاني.
ساتناول ثلاثة مسائل هامة ، وهي الخطر الداهم الذي تمثله طقوس اليهود هذه، واثارها على الاجواء الايمانية في القدس، والسياسية كذلك، وما يعقبها من عنف، وردة فعل فلسطينية نحوها، كما ساتناول ما وصل اليه اليهود من تماد ووقاحه وتحد للمسلمين في القدس ، والماثل في استفزاز مشاعرهم بعامة داخل الاقصى والقدس ، وكذلك رصد التداعيات السياسية التي من الممكن ان تؤثر على الوضغ بشكل عام. في القدس وتعمل على تفجره بين الفلسطينيين واليهود. وثانيها قرار اوقاف القدس، والموقف الاردني من تلك الاجراءات في الثلث الثاني من رمضان واجراءاتهم في الاقصى خوفا من تفجر الصدام بين المقادسة والمتطرفين اليهود. وثالثها، حالة الضعف والتخاذل (والتطنيش ) العربي.
تاتي خطورة حدث الجمعة بما سيقوم به اؤلئك المتطرفين من طقوس توراتية و بما يعنيه هذا الحدث لليهود أنفسهم ، وبما سيعقبه من اثر حيث تاجيج مشاعر المسلمين، من خلال ادعاء اليهود بحق وحقوق ليست لهم اصلا. فاليهود ليس لهم حق بالاقصى، وكل ما يروونه ويحاولون اثباته هو خرافات.وتتجسد خطورة طقوسهم هذه بما سيقدمونه من قرابين والعمل على ذبحها داخل باحات المسجد الاقصى إذ تمثل بنظرهم خطوة متقدمة وهامة لمشروعهم المتطرف المتعلق بالهيكل المزعوم. ومن وجهة نظرنا ايضا فهو خطوة خطيرة تمثل محاولة تغيير الوضع القائم للمسجد الاقصى بالقوة والعنف وبدعم من الحكومة الاسرائيلية وغياب دولي وعربي واسلامي واضحين. وتتجسد قمة طقوسهم بتقديم قرابين وذبحها في ساحات المسجد الاقصى ونثر رمادها في منطقة "قبة السلسلة " هناك، كناية عن اهمية مرحلة بناء الهيكل "المزعوم" من ناحية عملية. كما يمثل الوصول لذلك المكان والذبح فيه بانه اعادة احياء للمذبح اليهودي.
الأردن حذرت ونددت بتلك الاقتحامات على لسان الخارجية، ودعت لوضع حد لتلك الانتهاكات وعدم التضييق على المصليين في الشهر الفضيل ،ولكن قد تكون دائرة اوقاف القدس، ومدير المسجد الاقصى قد ارتكبت خطأ باغلاق المسجد الاقصى بحدود الساعة الثانية عشر ليلا دون الاعتكاف فيه في العشر الثانية من الشهر، واقتصارها على العشر الاواخر ظنا منها أن ذلك سيخفف من الصدام مع المتطرفين ويحول دون تاجج الصراع بينهم. وكان للجنة فلسطين النيابية داخل مجلس النواب الأردني رايا وجيها في ذلك اثناء نقاشها مع وزير الاوقاف، حينما طالبوا مديرية اوقاف القدس بتشجيع المصليين الفلسطينيين على الاعتكاف بالمسجد الأقصى للعمل على تشكيل جبهة قوية للتصدي للمتطرفين اليهود الذين ينوون اقتحام الاقصى وهذا رايا سديا يصب في باب الاصرار على وقف مخططات اليهود ومشاربعهم ومعارضتها وبيان زيفها. اذ يفترض الاستمرار في الاعتكاف حتى في العشر الاواسط لانه حق للمسلمين، ويجب عدم التهاون به وعدم الرضوخ للحكومة الإسرائيلية الداعمة لاؤلئك المتطرفين مهما كانت النتائج دفاعا عن القدس، ودون التنازل عن حقوقنا الدينية والتاريخية فيه لان الانصياع لضغوطاتهم والسماح بممارساتهم يعني بداية التنازل من قبل العرب والمسلمين. بل يجب ايصال رسالة لهم مؤداها اننا صامدون هنا ومدافعون عن القدس رغم كل الضغوطات والممارسات. ومستعدون للشهادة من اجلها.
ارى ان ردة الفعل الأردنية الحالية بحاجة لموقف اكثر صرامة وحدة كونها تتمتع بحق الوصاية على المقدسات، وحتى وان بقي الأمر مقتصرا على التصعيد الدبلوماسي والسياسي، فيجب رفع سقوفه ليصل لدرجة التهديد والتصعيد، ودون الاكتفاء بالتنديد. مع ضرورة القيام برفع ذلك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية، مع ضرورة النسيق مع الجانب الفلسطيني من خلال شد الصفوف مع الاخوة الفلسطينيين من شتى الفصائل والقيادات..خاصة ان هناك دعوات فلسطينية لطلب حماية دولية. ودعوات لضرورة التصدي للمتطرفين والدفاع عن القدس، واعلان حركة حماس حالة التاهب. كما يجب على الحكومة الاردنية ضرورة التتسيق العربي على مستوى اعلى من الخارجية بل على مستوى الزعماء وعقد اجتماعات على مستوى عربي واسلامي لتكون ردة الفعل بمستوى الحدث، لأن ما تقوم وتود اسرائيل القيام به خطير للغاية، وياتي من باب فرض واقع جديد للمسجد الأقصى ، والذي يعد مرفوض فلسطينيا واردنيا واسلاميا، لكته بحاجة لمواقف اكثر حزما، لان الحدث ليس عاديا.
السؤال الذي يطرح نفسه. وماذا ينتظر العرب والمسلمين شعوبا وقادة بعد ؟؟؟ ؟ ان يتم الاقتحام غدا الجمعة وتذبح القرابين وتمارس الطقوس أمام أعيننا هناك بحماية الشرطة الاسرائيلية ويسقط الشهداء. وتتفجر الاوضاع ثم نتدخل ونشجب. نعم نحن بحاجة لرص الصفوف وبحاجة لتحدي واضح لاسرائيل ومخططاتها. و كل واحد منا بحاجة لشهادة تاريخية تثبت دفاعه عن القدس وعدم التهاون او التفريط بها امام غطرسة يهود...