مصدات مقاومة إفلاس الدولة

 
 
يبدو بأن النحس الذي وقع في لبنان باعلانة افلاس الدولة قد تطاير شرارة الى تفكير واذهان النخب السياسية في بلادنا ، واصبح حالنا كمثل المتطيرين بالسوائح والبوارح في الجاهلية ولم يعد لدى البعض منا بارقة امل بتغيير الحال اذا ما استقرت النوايا بالتوقف عن جلد الوطن عند كل شاردة وواردة ..

وما دام الحديث عن اعلان افلاس الدولة تعالوا بنا نضع النقاط فوق الحروف ونشرح ونقول .. فقد تعلن الدولة إفلاسها رسمياً عندما تصبح غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين، وقد يحصل تعثر عن سداد بعض الدفعات بداية، دون إعلان الإفلاس، بل قد يتم الاتفاق على جدولة هذه الدفعات، لكن يحصل الإفلاس أخيراً عندما تقتنع الدولة بعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، حتى بعد إجراءات الجدولة وغيره..

من النادر أن تعلن دولة إفلاسها، وليس هناك حالات كثيرة من التاريخ، وبالمجمل لا يُعلن الإفلاس إلا في حالات متطرفة جدا... وقد لا تقتصر أسباب الاضطرار للإفلاس على الأسباب الاقتصادية الخالصة فقط، بل قد يؤدي الاحتقان السياسي الشديد إلى الإفلاس أيضا، خصوصاً إذا ما ترافق ذلك مع إنفاق حكومي كبير، وإدارة سيئة للدين العام، كما قد يساعد الظرف الاقتصادي العالمي السيئ على الوصول إلى تلك المرحلة أيضاً..

وعندما تبدأ حالة دولة ما بالتدهور اقتصادياً ، وقبل الوصول إلى مرحلة إعلان الإفلاس، يبدأ المقرضون برفع أسعار فائدتهم، لأنهم يرغبون بالحصول على ربح أكبر مقابل مخاطرتهم الأكبر باحتمالية الوصول إلى الإفلاس ، أما بعد الإفلاس، فإن المستثمرين لن يرضوا بإقراض البلد أصلاً، وربما يوافق بعض المقرضين على تقديم الديون ضمن أسعار فائدة تعجيزية، وشروط صعبة التطبيق، لضمان حقه في المستقبل.

لكن الدول العربية تمتلك اقتصادات أضعف بكثير من اقتصادات غيرها من الدول ذات التاريخ في التعثر، ولذلك فمن المتوقع أن تكون الآثار الاقتصادية والسياسية لإعلان الإفلاس ضخمة جداً في حال حصلت، وهذا ما حصل اليوم في لبنان على سبيل المثال.
اردنياً ..ما دام هناك نمو ايجابي واستقرار نقدي وسياسي والبنك المركزي قادر وملتزم على دفع السندات، فالافلاس غير وارد..

وفي ذات الاتساق مع هذا الموضوع .. في رأينا تتمثل مصدات مقاومة الافلاس بعلاج المديونية بتحفيز الاقتصاد من خلال تنفيذ مشاريع استراتيجية عملاقة ووضع استراتيجية التنمية الوطنية لعشرة سنوات قادمة من خلال اطار عملي طموح يشمل جميع جوانب النشاطات الاقتصادية وبعرض المشاريع المحددة والاهداف والنتائج التي سيتم العمل على تحقيقها خلال السنوات التي تغطيها الاستراتيجية من خلال الإدارة الاقتصادية السليمة وفقاً لما يلي:
1.تطوير استراتيجية وطنية لدعم الريادة والبحث والتطوير مرتبطة باستراتيجية نقل التكنولوجيا.
2.تفعيل وتوطين انخراط القطاع الخاص في مشاريع الاستثمار العام ضمن اطار متماسك يقدم فوائد تنموية للدولة بما فيها نقل المعرفة والمهارات.
3.تاسيس بنك التنمية والتشغيل لخلق الوظائف ليكون الذراع الداعم للشباب والفتيات وتدريبهم وتمويل المشاريع الريادية الخاصة بهم.
4.تاسيس صندوق الاستثمار السيادي الاردني لتعزيز متانة الاقتصاد الأردني وتعظيم العائد الاستثماري الخارجي.
5.توجيه الانتاج الزراعي نحو المواد الاساسية لضمان الاكتفاء الغذائي و دعم الزراعة البيولوجية (عدم إستعمال الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية).
6.اقتصاد معرفي يتصف بكثافة الاعتماد على البحث والتطوير والابتكار، وبالتميز في ريادة الأعمال، وتعليم رفيع المستوى هادف لتنمية الاقتصاد وتطوير المجتمع، وبنية تحتية مادية ومعلوماتية متطورة، ومؤسسات حكومية تقدم الخدمات المطلوبة من المجتمع بكفاءة وشفافية وإخلاص وتنال ثقة المستفيدين من هذه الخدمات.

خلاصة القول..

على ما تقدم لا بد وان تقدم الحكومة على هيكلة وضوح في الأدوار والمسؤوليات عن تنفيذ البرامج والمشاريع الاستراتيجية العملاقة لتكون أساسا للتمويل ومرتكزا للأنشطة ومنطلقا للمساءلة، فبدون هذا الوضوح تختلط الأنشطة وتتداخل المسؤوليات فتضعف حصيلة الاستراتيجية وما نجنيه من الخطط والبرامج والمشاريع.
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com