الاردن: ارتفاع نسبة الاحتجاجات العمالية بنسبة 55% العام الماضي



ارتفعت نسبة الاحتجاجات التي نفذها عمال الأردن العام الماضي بنسبة 55 بالمئة، إذ بلغ عددها (225) احتجاجا مقابل (145) احتجاجا في عام 2020.

وأرجع تقرير الاحتجاجات العمالية، الذي أصدره اليوم برنامج المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى استمرار تراجع شروط العمل اللائق في الأردن، خاصة بعد جائحة كورونا، وما رافقها من فتح جميع القطاعات الاقتصادية.

وبين التقرير أن هذه الاحتجاجات تأتي تعبيرا عن عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الأردن، واستمرار تدني مستويات الأجور، وتراجع الأحوال الاقتصادية للمواطنين، بسبب تداعيات جائحة كورونا وإجراءات الإغلاق الجزئي والكلي والتي وضعت العاملين والعاملات في مواجهة قاسية مع محاولاتهم لتأمين المتطلبات الأساسية للحياة ومع أصحاب العمل، إذ سمحت أوامر الدفاع بالخصم من أجور العمال بنسب تراوح بين الـ50 بالمئة و30 بالمئة.

وقدم التقرير، الذي أعده المرصد العمالي الأردني بدعم من مؤسسة فريدرتش إيبرت الألمانية، قراءة تحليلية اقتصادية واجتماعية، لجميع الاحتجاجات العمالية التي جرت في الأردن خلال العام 2021.

إذ تم رصد وتوثيق جميع الاحتجاجات العمالية التي حدثت خلال هذه السنة، وجرت عملية الرصد والتوثيق من خلال التواصل المباشر مع منفذي هذه الاحتجاجات للوقوف على تفاصيلها، إلى جانب تحليل التغطيات الصحفية التي أجرتها وسائل الإعلام الأردنية.

ويندرج ضمن الاحتجاجات العمالية التي يتم رصدها في إطار هذا التقرير جميع الإجراءات الاحتجاجية العمالية أياً كان شكلها وحجمها، بما في ذلك التهديد بالإضراب، أو الاعتصام أو المسيرة أو غيرها.

فقد بلغ عدد الاعتصامات في العام 2021 (122) اعتصاما عماليا بنسبة (54.2 بالمئة)، فيما بلغ عدد الإضرابات (36) إضرابا عن العمل وبنسبة (16 بالمئة)، أما التهديدات بالإجراءات الاحتجاجية فقد بلغ عددها (53) بنسبة (23.6 بالمئة) من مجمل الاحتجاجات.

في حين بلغ عدد المسيرات الاحتجاجية (10) مسيرات بنسبة (4.4 بالمئة)، أغلبها كانت للمعلمين احتجاجاً على قرارات الإحالات على الاستيداع والتقاعد المبكر التي طاولت نحو 120 معلماً ومعلمة، ووقفهم عن العمل، وإغلاق نقابتهم.

وحول القطاعات التي نفذت هذه االاحتجاجات، فنفذ العاملون في القطاع العام خلال العام 2021 ما مجموعه (58) احتجاجا عماليا بنسبة (25.8 بالمئة) من مجموع الاحتجاجات، في حين نفذ العاملون في القطاع الخاص (120) احتجاجا بنسبة (53.3 بالمئة)، و(29) احتجاجا نفذه المتعطلون عن العمل بنسبة (12.9 بالمئة)، بالإضافة إلى تنفيذ (9) احتجاجات عمالية مشتركة بين القطاعين العام والخاص بنسبة (4 بالمئة)، أما العاملون في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين/ أونروا، فنفذوا (9) احتجاجات وبنسبة (4 بالمئة).

ولاحظ التقرير استمرار انخفاض نسبة الاحتجاجات العمالية في القطاع العام خلال السنوات القليلة الماضية، حيث بلغت في عام 2020 ما نسبته (44.1 بالمئة) ووصلت إلى (25.8 بالمئة) في العام 2021، وربط التقرير ذلك بأسباب عدة، منها: تراجع زخم الاحتجاجات العمالية سنويا، والتغييرات الهيكلية التي جرت على رواتب موظفي القطاع العام التي أدت إلى زيادة أجور العاملين في العديد من المؤسسات.

رافق ذلك زيادة في نسبة الاحتجاجات العمالية في القطاع الخاص مقارنةً مع السنوات الماضية، التي يمكن تفسيرها باستمرار تراجع شروط العمل المختلفة ومنها بقاء الأجور عند مستويات منخفضة، وضعف منظومة الحماية الاجتماعية للعاملين والعاملات، وعدم تمكين جميع العاملين من ممارسة حقهم في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.

وأورد التقرير كذلك من أسباب الاحتجاجات العمالية أن أولويات العاملين بأجر في الأردن تركزت في الاحتجاج على تعليمات وأنظمة وقوانين سببت أضرارا للعاملين، واحتلت المرتبة الأولى بواقع (55) احتجاجا وبنسبة (24.4 بالمئة) من مجمل الاحتجاجات، معظمها كانت لمعلمين احتجاجاً على قرارات الإحالات على الاستيداع والتقاعد المبكر التي طاولت 120 معلما ومعلمة ووقفهم عن العمل وإغلاق نقابتهم وسائقين في قطاع النقل، توزعوا بين (سائقي التكسي الأصفر، سائقي السرفيس، سائقي حافلات النقل العام، وسائقي تطبيقات النقل الذكي). تلا ذلك المطالبات بزيادة الأجور والعلاوات أو صرفها بواقع (37) احتجاجا وبنسبة (16.4 بالمئة)، فيما احتلت المطالبات بتوفير فرص عمل المرتبة الثالثة بواقع (33) احتجاجا وبنسبة (14.7 بالمئة)، معظمها كانت لمتعطلين عن العمل.

أما عن منفذي هذه الاحتجاجات، فتبين بعد الرصد أنه لأول مرة منذ عشرة أعوام، تنخفض نسبة الاحتجاجات التي تنفذها شرائح وفئات عمالية غير مؤطرة نقابيا، إذ انخفضت نسبتها إلى (40 بالمئة) من مجمل الاحتجاجات في العام 2021 بواقع (90) احتجاجا عماليا، بينما وصلت في العام 2020 إلى (59.3 بالمئة) وفي عام 2019 بلغت (89 بالمئة).

وأعاد التقرير ذلك لعدة أسباب مثل القيود التي فرضتها جائحة كورونا، بالإضافة إلى أن العديد من هذه الفئات العمالية باتوا أكثر خوفاً على فقدان وظائفهم في ظل الجائحة، كما أن شروط العمل اللائق تراجعت عند العديد من القطاعات، وبالتالي أصبح تقبل الانتهاكات العمالية واردا أكثر بالنسبة للعمال بحجة الجائحة وتداعياتها.

وعلى الرغم من ذلك، ظلت غالبية الاحتجاجات العمالية وللعام الحادي عشر على التوالي تنفذها فئات عمالية لا يتوافر لديها إطار نقابي ينظمها، وهذا ما دفع لاستمرار التفكير في التأثير الكبير لغياب المنظمات النقابية العمالية الفاعلة في إضعاف شروط العمل في الأردن، وفي إضعاف أساليب الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية، ما يدفع قطاعات عمالية واسعة إلى الاحتجاج.

كما جاء توزيع الاحتجاجات العمالية على القطاعات الاقتصادية بدرجات متفاوتة، إذ تبوأت احتجاجات العاملين في قطاع النقل المرتبة الأولى مشكلة ما نسبته (36 بالمئة) بواقع (81) احتجاجا عماليا، تلاها قطاع التعليم بنسبة (13.3 بالمئة) بواقع (30) احتجاجا، وجاء في المرتبة الثالثة قطاع "المتعطلون عن العمل" بنسبة (12.9 بالمئة) بواقع (29) احتجاجا، تلاه قطاع الصناعة بنسبة (7.6 بالمئة) بواقع (17) احتجاجا، في حين تساوى كل من قطاعي التجارة والصحة بنسبة (4.4 بالمئة) بواقع (10) احتجاجات لكل منهما.

وعن مدة الاحتجاجات العمالية التي نُفذت في العام 2021، فتفاوتت بين يوم واحد وأكثر من 25 يوما، إذ وصل الإضراب الذي نفذه عاملو مصنع الرشادية في الشركة الأردنية لصناعة الإسمنت (لافارج) إلى اليوم الـ96 في العام 2021 واستمر لأكثر من ذلك حتى مطلع كانون الثاني من العام 2022.

وأوصى التقرير بتطبيق مبادئ ومعايير العمل اللائق والحقوق الأساسية في العمل بمختلف عناصرها على جميع العاملين بأجر في الأردن، وأكد أهمية وضع حد أعلى للأجور، إذ أنه وفي الوقت الذي تقل فيه رواتب ما يقارب 70 بالمئة من العاملين بأجر في الأردن عن 500 دينار شهرياً، فإن هنالك العديد من كبار الموظفين يعملون في ذات المؤسسات في القطاعين العام والخاص يحصلون على رواتب مرتفعة جداً، الأمر الذي يزيد من مستويات التفاوت الاجتماعي والتوترات الاجتماعية.

ولفت التقرير إلى ضرورة تعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بتشكيل النقابات العمالية والسماح لجميع العاملين بأجر في الأردن بتشكيل نقاباتهم بحرية، وإلغاء احتكار تمثيل العمال من النقابات العمالية القائمة التي تفتقر لأبسط قواعد العمل الديمقراطي، ولا تسمح بتجديد قياداتها.

كما دعا إلى تعديل مفهوم النزاع العمالي وآليات تسوية النزاعات العمالية، التي أثبتت فشلها الذريع في إيجاد حلول عادلة للنزاعات العمالية المتفاقمة، وبات مطلوباً استخدام آليات وتقنيات جديدة لتسوية النزاعات العمالية، وبما ينسجم مع نصوص اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 المتعلقة بحق التنظيم والمفاوضة الجماعية.