كيف تنهي الحكومة خدمات موظفين وتحيلهم على التقاعد المبكر خلال فترة الحظر الشامل..؟!



في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السابقة منهمكة في هندسة أمر الدفاع "الشهير" رقم (6) لسنة 2020 الصادر بتاريخ 8/4/2020، الخاص بتثبيت العمالة في القطاع الخاص، والذي منعت بموجبه إنهاء خدمات العامل أو إجباره على تقديم استقالته(البند ثامناً من أمر الدفاع) كانت الحكومة ذاتها منهمكة في إعداد وجبة إنهاء خدمات موظفين وعاملين في دوائرها ومؤسساتها لإلزامهم على التقاعد المبكر الذي هو بالأساس وبموجب قانون الضمان الاجتماعي خيار للمؤمّن عليه وحده دون غيره..!

بين يدي مثال على ذلك لإحدى الوزارات، فهذا كتاب موجّه من أمين عام سلطة المياه ولجنة الموارد البشرية فيها إلى وزير المياه يحمل الرقم (3/20/2321) وتاريخ 11/5/2020 ينسّب للوزير بإنهاء خدمات عشرات الموظفين والعاملين في السلطة، ومعظمهم من مديرية مياه الكرك دون طلب منهم، لا بل إن خدمة بعضهم تقل عن (25) سنة وبعضهم لم يتجاوز الخمسين من عمره بعد، والوزير يوشّح الكتاب "العظيم" بتوقيعه وموافقته العظيمة..!

والأنكى أن يتم إنهاء خدمات هؤلاء دون أي سابق إنذار أو تمهيد، لا بل المصيبة الكبرى أن الفترة التي تم فيها إنهاء خدماتهم كانوا في بيوتهم محظورين من الخروج منها بموجب أمر الدفاع الذي حظر على الجميع الخروج من منازلهم ولمدة استمرت قرابة الثلاثة شهور.. لكن هذا لم يمنع الحكومة التي أمرت القطاع الخاص بعدم إنهاء خدمة أي موظف أو عامل، أن تخرق الحظر وتُعد قوائم إنهاء خدمات عشرات الموظفين والعاملين.. فأي تناقض هذا، ألم تكن الحكومة أولى وأجدر من القطاع الخاص بعدم إنهاء خدمات أي من موظفيها، وكيف تأمر الحكومة بعدم فعل شيء ثم هي نفسها تفعله، أو تنهى عن سلوك ثم تأتيه..؟!!

أي قانون هذا وأي ممارسة حكومية هذه التي تُلزِم الموظف الرسمي على التقاعد المبكر وهو لا يريده ولا يرغب به، علماً بأن معظم هؤلاء الذين تم إنهاء خدماتهم من وزارة المياه في تلك الفترة العصيبة حصلوا على رواتب تقاعدية مبكرة ضعيفة من الضمان، أي أن الدولة ممثلة بالحكومة ألحقت بهم ضرراً كبيراً وهزّت كياناتهم الاجتماعية والاقتصادية..!

ولا أدري كم أعداد الموظفين والعاملين الذين تم إنهاء خدماتهم على مستوى كافة وزارات ودوائر الدولة الرسمية والعامة في تلك الفترة، لكن بالتأكيد ثمة أعداد كبيرة على ذات الشاكلة..!

أدعو رئيس الوزراء الحالي إلى تصويب هذا الخطأ الكبير الذي ارتكبته الحكومة السابقة وذلك بإعادة كل مَنْ يرغب من هؤلاء الموظفين الذي أُنهيت خدماتهم خلال فترة الإغلاق والحظر الشامل إلى عمله، لتمكينه من استكمال وزيادة اشتراكاته في الضمان بما يحقق له فرصة الحصول على راتب تقاعدي جيد.

وكان يجب على مدير مؤسسة الضمان الاجتماعي أن يقول كلمته للحكومة بأن التقاعد المبكر ضارّ بالمؤسسة كما هو ضارّ بالمؤمّن عليهم وأن عليها أن ترعوي قبل اتخاذ هكذا قرارات ظالمة ضارّة فمن غير المعقول أن يصل عدد مَنْ أحالتهم الحكومتان السابقة والحالية على التقاعد المبكر خلال سنتين إلى أكثر من (7) آلاف موظف تتراوح أعمارهم ما بين أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات..!!!


** الكاتب خبير في التأمينات والحماية الاجتماعية