عن سمن "اليرموك" وعسلها، وعن صناعة الخراب والمسارات الحزينة فيها
في الحديث عن اليرموك الجامعة، الذي كان مشروعا بل حلما وطنيا واعدا، فاستحال مع الايام إلى هم وطني، إن لم يكن كابوسا وطنيا في ذهن صانعي القرار، وفي ذهن من يتحملون المسؤولية عن توفير متطلبات عيش هذه المؤسسة و ديمومتها، واستمرارية العمل والعاملين فيها، في الحديث عن اليرموك ربما لن أجد أفضل من تلك الخلاصات النظرية التي استندت إلى دراسة عملية ميدانية امبيريقية (تجريبية) قام بها واحد من أهم علماء فرنسا في علم الاجتماع والانثروبولوجيا.
ففي تسعينيات القرن الماضي، وبتكليف من الحكومة الفرنسية التي أرادت أن ترصد وتفهم التحولات التي طرأت في بنية الجامعة الفرنسية وفي وظيفتها، كما في أدوارها الاجتماعية والتحديثية والأخلاقية على صعيد الدولة والمجتمع، قام عالم الاجتماع والانثروبولوجيا الشهير بيير بورديو بانجاز دراسته عن واقع التعليم العالي في فرنسا. لينجز واحدة من أهم الدراسات التي تنظٌر للجامعة و تفلسف للتعليم العالي، وتستشرف مستقبل الجامعة على صعيد المجتمع الفرنسي بل والعالم أجمع.
في تلك الدراسة الشهيرة، يلحظ بورديو فارقا بل وتحولا في آليات إنتاج الدول والعروش والممالك قبل نشأة الجامعة وبعد نشأتها. ففي حين كانت الدول والعروش في الماضي تقوم وتنهض من خلال قوة السيف، ومن خلال سيوف الفرسان وقدرة النبلاء على تجنيد الفرسان وتوفير الخيول والسيوف لهم، بحيث تصل حدود الدولة إلى حيث تصل سيوف وخيول نبلائها، فإن الدولة الحديثة التي نشأت بعد القرن السادس عشر وحيث توسعت الجامعة والتعليم وازدهر العلم، ونشأت طبقة العلماء، فقد شهدت تغير آليات إنشاء الدول، وديناميات دوام العروش والحكم فيها. ففي الدولة الحديثة، يحل العلماء مكان النبلاء، وباتت قوة الدولة وحدودها المحلية أو الإقليمية أو الإمبراطورية تعتمد على قوة علمها وجامعاتها ومختبراتها. ففي عالم اليوم وعلى النقيض من عالم الأمس، بات العلماء لا النبلاء هم من ينتجون الدولة بضعفها وقوتها.
ويخلص بورديو إلى أنه في عالم اليوم استبدلت نبالة الروب أو الثوب الجامعي نبالة السيف الإقطاعي. وفي عالم اليوم، باتت الدولة تعتمد بالدرجة الاولى على مستوى نبالة من يرتدون الروب أو الثوب الجامعي. من يرتدون الثوب الجامعي هم من يصنعون الطبيب الرديء والجيد، والعسكري الرديء والجيد، والقانوني الرديء والجيد، والموسيقى الرديء والجيد ومهندس الطرق الكفؤ والرديء. قوة الدولة وحدودها وثروتها بات العلم والجامعة هما من يصنعانها، وباتت مرتبطة بالروب الجامعي، فان كان هذا الثوب نبيلا قويت الدولة وازدهرت، وان كان هذا الثوب وسخا ودنسا، تلوثت الدولة وضعفت وهلكت.
في التوثيق والتأريخ للخراب الذي استجد على جامعة اليرموك، ثمة كثير من الشواهد التي تقول أن العام 2016 كان عاما حاسما، إذ كان حال الجامعة والعاملين فيها قبل هذا التاريخ شيء، وبات وضعها وحال العاملين فيها بعد هذه العام شيء آخر مختلف تماما. فقد دخلت الجامعة العام 2016 بعد أن حققت واستكملت انجازين كبيرين بل واستراتيجيين؛ واحد على صعيد سلم الرواتب والاجور فيها أنجزه معالي الدكتور فايز الخصاونه، والثاني على صعيد البنية التحتية والمباني أنجزه عطوفة الدكتور عبدالله الموسى. لقد صنع الرجلان فارقا في مسيرة جامعة اليرموك إن كان على صعيد الموارد البشرية، أو على صعيد البنية التحتية والمباني الجامعية. فقد تم إحداث فارق نوعي في سلم الرواتب الجامعية وبما يحد كثيرا من تسرب الكفاءات الجامعية التي شهدت نزيفا كبيرا في سنوات التسعينيات، كما يسجل لمعالي الدكتور فايز الخصاونة تلك المهابة أمام قانون الجامعة وتعليماتها التي كانت تسود أوساط العاملين في الجامعة. وأما الانجاز الكبير الذي سجله عطوفة الدكتور عبدالله الموسى فقد تمثل ببناء أكثر من سبعة مباني عملاقة كانت تحتاجها كليات الجامعة. لقد حدثت كل تلك الانجازات في السنوات التي سبقت العام 2016، وبرغم كل هذه العمل الضخم بل والاستراتيجي، لم تسجل أي زيادة ذات معنى في مديونية الجامعة، ما يشير إلى أن الجامعة كانت تدار في لحظات من عمرها من قبل قيادات تستطيع أن تبني وتبتدع الحلول وتبدع لتأتي بالمال دون أن تحيله إلى ديون ثقيلة على كاهل المؤسسة.
في العام المذكور أعلاه، أي 2016، قيض لي وباعتباري عميدا لواحدة من كليات جامعة اليرموك، أن أكون أحد الحاضرين في عدة اجتماعات تتعلق بالمالية العامة لجامعة اليرموك، وكان واحدا من هذه الاجتماعات هو اجتماع مجلس الجامعة الذي ينظر في أمور الجامعة المالية. في ذلك الاجتماع كان عطوفة رئيس الجامعة حينها متفائلا بالجامعة وبحال خزينتها، وكان ملخص توجيهات عطوفته في ذلك الاجتماع أن المرحلة القادمة هي للعمل والتطوير والتحديث في الجامعة، وأن لا أحد عليه أن يخاف من عدم وجود المال، فالجامعة بخير وتملك من المال ما يمكنها من الانفاق على مشاريع التطوير والتحديث فيها. وفي ذلك الاجتماع أكد عطوفة الرئيس أن حجم العجز، لا يتعدى النصف مليون دينار وهو رقم يدلل على سلامة صحة الجامعة المالية، وقال يومها وبالحرف أن كل المطلوب منكم أن تعملوا وتشتغلوا وأما توفير المال، فاتركوا مهمته لي، وحيث وضع الجامعة ممتاز، كما أن تخصصي هو المال والإدارة. وفي العام 2016 لم تكن مديونية الجامعة التي تراكمت على مدى أكثرمن 35 عاما تزيد عن الستة عشر مليونا.
وبعد سبع سنوات من ذلك الاجتماع وحيث لدينا شهادة عطوفة الرئيس الذي كان قد تولى رئاسة الجامعة لتوه، تبدو المؤشرات المالية والوظيفية والإدارية والاجتماعية للجامعة في أسوأ حالاتها. فما الذي حصل منذ ذلك التاريخ، وكيف استحالت اليرموك من مشروع وطني بل وإقليمي واعد، إلى مؤسسة تثير الشفقة لدى كل من يراقب شؤونها من بعيد، بنفس القدر الذي تثير فيه الشعور بالخيبة والإحباط والحزن حد البكاء لدى كل من عمل ويعمل فيها، وعاش وعايش سنوات الخير والسمن والعسل فيها، لينتهي به المطاف ليرى كل تلك الجبال من الخراب و التجاوزات والعبث الذي أصاب المؤسسة.
لا بد من الاعتراف أولا، أن العام 1986، كان عاما مهما في مسيرة اليرموك ومستقبلها كما في مسيرة كل التعليم العالي في الأردن ككل، فاثر الحراك الطلابي الذي جرى في جامعة اليرموك في ذلك العام، حصل تحول حقيقي في ذهن من يقود صناعة القرار في البلاد فيما يتعلق بتعريف الجامعة، وتشخيص دورها وما هو المطلوب منها، وما هو مطلوب من الدولة بالتالي تجاهها. وعليه، فان الجامعة ومنذ العام 1986، لم تعد في ذهن القوى النافذة التي تدير الحياة اليومية في البلاد تعني فضاء علميا وفكريا وحداثيا وتحديثيا، بل باتت الجامعة من وجهة نظرها تمثل فضاء يحمل مخاطر أمنية وينبغي احتوائه أمنيا، ما يستدعي بالتالي أن يتم التعامل معها باعتبارها مساحة تحتشد فيها مخاطر أمنية وهي ليست فضاء علميا ينتج خيرا وطنيا عميما يسهم حتما في صناعة الاستقرار الاجتماعي وفي صناعة الأمن الوطني.
منذ ذلك العام، لم نعد ننتظر من الجامعة، كم بحثا أنتجت، وكم براءة اختراع سجلت، وكم مشروعا تنمويا على صعيد المجتمع المحلي ابتدعت، وكم طالبا يتمتع بالكفاية العلمية والقيمية والأخلاقية خرجت، بل بتنا نعتبر الجامعة ناجحة طالما أن لا حديث عنها في الإعلام وفي السوشال ميديا. الجامعة هادئة ولا حديث في الإعلام عن مشاكل بين الإدارة وطلبتها والعاملين فيها، فالجامعة ناجحة إذا، وقيادتها مبدعة والأجهزة المحلية التي تراقب شؤونها بل وتديرها من وراء ستار هي عبقرية ومنتجة بل وملهمة. ولم يعد مهما إن كانت المشاكل تنخر في جسد الجامعة، وتودي بها إلى الهلاك والموت المحتم، المهم بالنسبة لمن يدير ملف الجامعة أن لا يظهر حديث في الإعلام وفي الخطاب العام أن هناك مشاكل، لم يعد ما يخيفنا وجود المشاكل، بل بات ما يخيفنا هو ظهور الحديث عن هذه المشاكل في الصحافة وفي الإعلام.
في يرموك ما بعد العام 2016 عاشت الجامعة، مشاهد غير مسبوقة بل وسوريالية من الخراب والعبث و التجاوزات الادارية والمالية، وتوالت على الجامعة فصول حزينة من الانتهاكات والارتباكات التي وصلت حدّ الجنون وحيث من يقومون بهذه الارتكابات التي انفلتت من كل منطق لا يخافون أي عقاب أو أي حساب، بل باتوا يشعرون أنهم يحظون برعاية قوية من بعض مراكز النفوذ في الدولة. وفي يرموك ما بعد العام 2016 عاشت الجامعة مشاهد فضائحية وعبثية تمثل وفي الآن عينه، نتائج وتداعيات ولكنها تمثل أيضا أسبابا وعللا للخراب الذي عاشته الجامعة.
في مسارات اليرموك الحزينة ما بعد العام 2016، يرتفع عجز الموازنة وبسنة واحدة من حوالي النصف مليون إلى أربعة ملايين في السنة التي تليها، أي بحوالي أثنا عشر ضعفا في سنة واحدة، ليستمر العجز في الصعود عاما بعد عام وصولا إلى 11 مليونا. وفي سنوات اليرموك العجاف ترتفع المديونية من حوالي الستة عشر مليونا إلى أكثر من 55 مليونا ناهيك عما تم سحبه من صندوق استثمار الجامعة، ما أدى أن تقوم إدارات الجامعة ولمواجهة المديونية، منذ ذلك الحين بتقليص النفقات التي كانت طوال الوقت هي بمثابة قضم تدريجي لحقوق العاملين في الراتب وفي الحصول على الدفء في مكاتبهم في فصل الشتاء، وفي حجم العبء الأكاديمي التدريسي وحيث يجد بعض الأساتذة أكثر من 200 طالب في بعض قاعاتهم التدريسية، كما امتد القضم التدريجي لحقوق العاملين إلى حقوقالأكاديميين في التدريس في الفصل الصيفي. وأما حقوق الأكاديميين في تحسين الرواتب وفي تحسين ظروف العمل فقد بات الحديث فيها ضربا من الخيال والتخيل المريض.
وفي مسارات اليرموك الحزينة ما بعد العام 2016، يتوالى على مكتب الرئيس في مبنى رئاسة الجامعة أربعة رؤساء،قي أقل من ست سنين وحيث تستهلك اليرموك ما معدله رئيس كل سنة ونصف، وحيث تتوالى الإعفاءات من موقع الرئيس ومن موقع نائب الرئيس. وحيث تستهلك اليرموك في خمس سنين من الرؤساء ما استهلكته في كل تاريخهاالسابق للعام 2016، وكل ما استهلكته جامعة شقيقة مثل جامعة العلوم والتكنولوجيا في كل تاريخها. كثرة التعيينات والإعفاءات، هي مؤشر لحجم العبث والاستخفاف الذي يحكم العقل الذي يدير الجامعة من خارجها.
وفي سني ما بعد العام 2016، يقوم أحد الرؤساء وبدفع من أحد نواب الرئيس بتعيين ما يزيد عن 240 عضوا جديدا من أعضاء هيئة التدريس في سنة واحدة، وبما يوازي ربع الكادر التدريسي الذي عينته الجامعة على مدى تاريخها الطويل. ففي سنة واحدة، يتجرأ أحدهم على تعيين ربع ما تم تعيينه على يد كل أسلافه من رؤساء، وبما يحمل ميزانية الجامعة عجزا ما زالت تعاني وستعاني منه للأبد. وفي تبرير التعيين قيل حينها أن هيئة الاعتماد هي التي كانت تشترط هذه التعيينات، في حين أنه والى اليوم لم نسمع من هيئة الاعتماد ما يثبت أو ينفي صحة هذه المسوغات لقرارات التعيين غير المسبوقة.
وفي مسارات اليرموك الحزينة ما بعد العام 2016 وفي ذروة أزمة الكورونا، يحدث أن تتكالب على مبنى الرئاسة في اليرموك ثلة من المنتفعين والمتنفذين جاء بعضها بإنزال مظلي بواسطة أحدهم في رئاسة الوزراء، ليتم تعيين أكثر من 400 شخص في سنة واحدة وضمن آلية سميت "التعيين بنظام الكرت"، لتلتف على الآلية القانونية في التعيينات المتمثلة في ديوان الخدمة وحيث تدفع الجامعة ملايين الدنانير لمئات من العاملين بنظام الكرت، في الوقت الذي كانت الجامعة تعيش فيه إغلاقا بسبب جائحة الكورونا، ولكن الفساد لا منطق ولا عقل له.
وفي مسارات اليرموك الحزينة ما بعد العام 2016، وحيث العبث والعفن يضرب المؤسسة، يجري تلفيق تهم لمسؤولين ناكفوا هذه الادارات المسؤولة عن عمليات التهشيم والتفكيك المنظمة لهذا الصرح الاكاديمي العريق والتخطيط للاطاحة بهم، بصرف النظر عن اثر ما يحيكون على سمعة ومكانة الجامعة العلمية والاكاديمية .. الامر الذي وصل الى ان تعرض كاتب هذه السطور الى تهديد مباشر .
وفي هذه المسارات الحزينة التي عاشتها اليرموك بعد العام 2016، يعيش العاملون صدمة تحول جامعتهم إلى فضاء للمجرمين الصغار وحيث تبث قناة العربية التلفزيونية مادة فلمية عن الجامعة، ليس لأنها سجلت براءة اختراع علمية عالمية، أو لأنها أنجزت فتحا علميا غير مسبوق، ولكن لان الجامعة شهدت عملية تلفيق تهمة و مكيدة رخيصة ضد احد المدراء في محاولة لاسقاطه ، ولتسقط مع هذه الحادثة الكثير من القيم الأكاديمية والجامعية، وإلى اليوم، لم تتخذ إدارات الجامعة الإجراءات الأكاديمية التي يجب أن تستتبعها حادثة قبيحة وإجرامية بهذا الحجم، التي اجزم أنها لو جرت في كندا أو اليابان لسقطت الحكومة جميعها ناهيك عن المصير الأسود الذي سيحيق بأولئك الصغار الوضيعين الذين تورطوا بها..
وفي التوثيق للمسارات الحزينة التي تعيشها الجامعة بعد العام 2016، تشهد الجامعة عبثا غير مسبوق في هرمياتها وتراتبياتها الأكاديمية والعلمية والإدارية، فيجري مثلا العبث بهرمية علمية وعملية وأكاديمية أنجزتها أحد الكليات المحترمة بحيث نجحت الكلية على مدى تاريخها الحافل في إنتاج ما يزيد عن العشرين أستاذا دكتورا، وأكثر من أربعين أستاذا مشاركا ليتم تجاهلهم جميعا، وليتم اختيارمن هو اصغر سنا، ومن حصل على رتبة الأستاذ المشارك منذ أشهر قليلة ليصير قائما بأعمال للعميد، وبما يشل إنتاجية الكلية، ويفقدها العناصر الأكثر كفاءة على صعيد تحقيق الإنتاجية، وليحرمها من العناصر الأكثر قدرة على تحفيز العاملين وحشدهم في فرق جماعية تستطيع العمل وترفع من شأن الكلية ومن سويتها. الفعلة التي ارتكبها رئيس الجامعة حينها، وشارك مجلس الأمناء فيها، تكررت أيضا في كليات أخرى وفي مواقع أخرى.
وفي التوثيق لمشاهد الخراب ولصور المسارات الحزينة التي عاشتها الجامعة منذ العام 2016، عاشت الجامعة مأساة التوقيع على اتفاق لإنشاء محطة للوقود على أرض تنتمي لحرمها الجامعي. اقل ما يقال في تلك الاتفاقية، أن الجامعة التي يفترض بها أن تقدم أفكار خلاقة وعبقرية على صعيد تأمين المال، وخدمة العلم والابتكار والمجتمع المحلي، فإنهاأخفقت أن تقدم شيئا من هذا حينما وقعت اتفاقية إنشاءمحطة للوقود، فالجامعة بهذا المشروع قدمت نفسها للعاملين بها، وللمجتمع المحلي والأردني على أنها مجرد صاحب بيزنس ومن النوع الرديء الذي لا يمتلك القدرة على التخيل وعلى الخيال في ممارسة البيزنس. فليست العبقرية أن تفكر في محطة للوقود باتت شوارع الأردن تحتشد بها، ولكن العبقرية أن تجلب المال والطاقة للجامعة من خلال أفكار خلاقة تراعي وظيفة الجامعة ودورها وأخلاقياتها، وتستفيد في نفس الوقت من مئات المختصين بمجالات الطاقة من العاملين بها، وبما يقدم مساهمة للعلم وللمجتمع المحلى على صعيد المشاريع الابتكارية في مجال الطاقة.
في كل الخراب الذي قاد لهذه المسارات الحزينة التي ضربت المؤسسة، كانت هناك كل المؤسسات الرقابية. مجلس التعليم العالي كان هناك، وكان يرى ما يجري، ومجلس الأمناء كان هناك، وكان يراقب ما يجري، بل وكان شريكا في بعض ما يجري. وزارة التعليم العالي ومجلس الوزراء كان هناك، وكان يشاهد ما يجري. لم ينتبه مجلس التعليم الذي اجتمع كثيرا ليعزل رؤساء لليرموك، وليعين رؤساء جدد بدلا منهم، لم ينتبه لكثرة اجتماعاته المتعلقة بالعزل والتعيين. لم ينتبه أن كثرة العزل والتعيين تخفي مشكلة كبيرة،ن وملفا مقلقا أسمه ملف جامعة اليرموك. ولم تنتبه مؤسسات الدولة المختلفة لخط المديونية المتصاعد الذي رافق كل تلك التفاصيل والمسارات الحزينة التي ضربت اليرموك.