دِينُ المظاهرِ ومظاهرُ الدِين . . !
في كتابه " حديث الصباح " أورد الكاتب أدهم شرقاوي القصة التالية وأقتبس :
" سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رجل ماإذا كان أحد يعرفه؟ فقام رجل وقال : أنا أعرفه يا أمير المؤمنين.
فقال عمر : لعلّك جاره، فالجار أعلم الناس بجاره، يرى طبائعه ويخبر أخلاقه. قال الرجل : لا يا أمير المؤمنين.
فقال عمر : لعلّلك رافقته في سفر، ففي الأسفار تتبدى الطبائع، وتظهر الأخلاق. فقال الرجل : لا يا أمير المؤمنين.
فقال عمر: لعلّلك تاجرت معه وعاملته بالدهم والدينار، فعند الدراهم والدنانير يُعرف أب ناء الدنيا من أبناء الآخرة. فقال الرجل : لا يا أمير المؤمنين.
فقال عمر: لعلّك رأيته في المسجد، يهزّ رأسه قائما وقاعدا. فقال الرجل: أجل يا أمير المؤمنين. فقال عمر : اجلس فإنك لا تعرفه. انتهى.
* * *
التعليق :
* يُقال في الأمثال الشعبية : " الدين المعاملة ". وهاتان كلمتان تلخصان أخلاقيات الإسلام، فالإسلام جاء بنظام شامل للحياة، يحدد علاقة الإنسان بخالقه، وينظم علاقاته مع الآخرين، من مسلمين وغير مسلمين.
* وفي الحقيقة أن ما من إنسان إلاّ وتتنازعه قوتان: قوة الخير وقوة الشرّ. فأيهما انتصر كانت طباع الإنسان عليه. فإذا انتصر الخير، كان الإنسان مفيدا لنفسه ولمجتمعه، وإذا انتصر الشر كان الإنسان مفسدا وضارا بنفسه ومجتمعه، وخرج مفلسا من الحياة.
* وقد سأل الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه : أتدرون من المفلس من أمتي؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.
* فقال : المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة، بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطُرحت عليه ثم طُرح في النار.
* هكذا بين لنا الرسول الكريم قبل ما يزيد على ١٤ قرنا، أن الدين ليس طقوسا تؤدى في المجتمع، وإنما هو امتثال كامل لأوامر الله تعالى ونواهيه،بحيث يظهر الامتثال في سلوك المسلم وتعامله مع الناس في مجتمعه، وخاصة الأقربون، الذين هم الأولى بالمعروف.
* ونلاحظ هذه الأيام، أن بعض الناس من رجال ونساء، يواضبون على أداء الصلاة بصورة دائمة سواء في المساجد أو في المنازل، ولكنهم من ناحية أخري يتعاملون مع أقاربهم ومن ينضمون لعائلاتهم بكل وحقد وكراهية، واضعين صلاتهم ومخافة الله وراء ظهورهم، فقاتلهم الله على سوء افعالهم أنى يؤفكون . . !
التاريخ : ١٤ / ٥ / ٢٠٢٢