حماية الصحفيين: 96% من الصحفيين الاردنيين يرون ان الحكومة لا تصون حرية الاعلام
"تحت التهديد" من الربيع العربي إلى شتائه.. الحريات الإعلامية مُهددة والتشريعات مقيدة وتدخلات وهيمنة الحكومات مستمرة
* 93% نسبة الرقابة الذاتية في الأردن خوفا من الحبس و96% يرون أن الحكومة لا تصون حرية الإعلام
* 84% من الصحفيين الفلسطينيين يرون أن الحكومة تحجب الإنترنت و69% يقولون إن لا معايير شفافة لتصنيف المعلومات
* 95% من صحفيي لبنان لا يرون أن الحكومة تحرص على استقلالية الإعلام ولا تدعمه و77% يقولون إن الأجهزة الأمنية تعتدي على الإعلاميين
* 100% من صحفيي تونس يؤكدون تعرضهم لاعتداءات جسدية و80% يؤكدون عدم محاكمة المعتدين
* 70% من صحفيي المغرب يؤكدون أن القوانين تُجيز حبس الإعلاميين و75% يتعرضون لانتهاكات من قبل النيابة العامة و/أو القضاة و95% يقولون إن هناك تشريعات تحمي حق السلطة في حجب المعلومات
أصدر مركز حماية وحرية الصحفيين اليوم تقريرا عن حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي لسنة 2021 حمل عنوان "تحت التهديد"، وشمل خمس دول عربية، هي: الأردن، وفلسطين، ولبنان، وتونس والمغرب.
وهدف التقرير الكشف عن حالة الإعلام بشكل عام، والعاملين فيه، والبيئة السياسية، والاقتصادية، والقانونية التي يعملون فيها، ومدى تأثيرها على الحريات الإعلامية المتاحة، في الدول الخمس.
وخلص التقرير إلى أن الحريات الإعلامية في المنطقة العربية بشكل عام، وفي الدول الخمس بشكل خاص محاصرة، وتخضع للتقييد في بعض الدول، ومفقودة، ومهددة بشكل جدي في دول أخرى، مؤكدا أن أمام شعوب هذه المنطقة وقت طويل، ونضال ضخم حتى تشم نسائم الحرية، إلا أن ذلك لا ينفي أن النضال من أجل الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان سيتواصل.
وأكد التقرير في مستخلصاته أن الدول العربية تتشابه نسبيا في خصائصها ومشكلاتها، مشيرا إلى ما وصفه بالسيطرة الواسعة للسلطة التنفيذية على السلطتين القضائية، والتشريعية، ورغم وجود دساتير في جميع "الدول العربية"، إلا أنه نادرا ما تم احترام نصوصها.
وأشار التقرير إلى تصنيف الدول الخمس في مؤشر الحريات الإعلامية حول العالم الذي تصدره منظمة بيت الحرية، فالأردن وفلسطين مصنفتان كدول "غير حرة"، بينما تونس، ولبنان، والمغرب ُصنفت كدول "حرة جزئيا " وبتراجع واضح.
ونوه التقرير إلى أن الملك في الأردن والمغرب يتمتعان بسلطات واسعة، والسلطة التنفيذية فيهما هي السلطة الأقوى، كما أن القضاء في الدول الخمس يتعرض أحيانا لتدخلات ناعمة "الأردن والمغرب " مثالا، وخشنة أحيانا في تونس، وطائفية في لبنان، فضلا عن ضعف الرقابة البرلمانية على عمل الحكومات.
وأشار إلى تشابه الأوضاع الاقتصادية في الدول الخمس مع فروقات طفيفة، إلى جانب التقارب الشديد في البيئة التشريعية، خاصة في العقوبات السالبة للحرية في قضايا الرأي سواء أكانت بتهم القدح والذم، أو تعكير الصفو العام، أو غيرها من التهم الفضفاضة، وجاءت قوانين مكافحة الإرهاب لتصب الزيت على النار، وتضيف عقوبات جديدة ومغلظة إلى قائمة العقوبات الطويلة.
وأوضح أن بعض قوانين المطبوعات في الدول الخمس خلت من العقوبات السالبة للحرية، إلا أن تنوع البنية القانونية فيها، واتساع مساحات السلطة التقديرية تجعل دائما إمكانية الحكم على الصحفي بعقوبة الحبس قائمة؛ إذ بدلا من إخضاعه لقانون المطبوعات يمكن إخضاعه إلى قانون العقوبات، أو قانون الإرهاب، أو ما يتواءم مع منظومة القوانين في الدولة.
وحول قانون حق الوصول إلى المعلومات أفاد التقرير أن أربع دول هي الأردن، والمغرب، وتونس، ولبنان لديها هذا القانون، إلا أن التطبيق مختلف، ففي حين يواجه صعوبات في الأردن، وتونس، يبدو أن الحكم على كيفية تطبيق هذا القانون في كل من لبنان، والمغرب سابق لأوانه، أما دولة فلسطين فتتعذر بوجود الاحتلال للتملص من التزامها بإصدار هذا القانون، ولكن بشكل عام فإن هناك "عدم شفافية " في إعلان قواعد الوصول إلى المعلومات بما يجعل الاستفادة بشكل عام من تلك القوانين أيّا كانت غير كامل.
وأشار التقرير إلى أن التنصت على الهواتف الجوالة، والضرب، والمنع من التغطية، والتهديد، والرقابة المسبقة، والذاتية، هي قواسم مشتركة للانتهاكات في الدول الخمس كلها، إلا أن كل دولة من الدول الخمس تنفرد، أو يزيد فيها نوع من معين من الانتهاكات، ونتيجة سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، أو خضوع السلطة القضائية لتوازنات سياسية، أو طائفية في البلاد الخمس فإن التشريعات ذات الصياغات الفضفاضة يتم تطبيقها قضائيا بشكل غير منصف، وفي بعض الأحوال بشكل جائر.
وأضاف أن الدول الخمس تحاول بكل ما تستطيع محاصرة الإعلام الرقمي سواء بسن تشريعات، أو بتطبيق نصوص قانونية جائرة على المدونين والإعلاميين الذين يعملون عليه، كما أن الحكومات الخمسة تنظر للإعلام على أنه ملف أمني تسعى للسيطرة عليه دون أن تحاول إنقاذه؛ فضلا عن حاجة الإعلاميين والإعلاميات في الدول الخمس إلى عمل كبير لتطوير معرفتهم بالقوانين التي تحكم مهنتهم، أو تؤثر فيها، كما أن التعددية النقابية محدودة في بعض البلدان؛ وممنوعة في بلدان أخرى، وجميعها تضع شروط صعبة للانضمام إلى نقابة الصحفيين.
ووفقا للدراسة الاستطلاعية التي أجراها مركز حماية وحرية الصحفيين على عينة من الصحفيين في الدول الخمس بالتعاون مع نقابات الصحفيين في كل من فلسطين، وتونس، والمغرب، في حين تم التعاون مع مؤسسة مهارات، ونقابة المحررين، وتجمّع "نقابة الصحافة البديلة" في لبنان؛ فقد تبين أن التدخلات الحكومية في الأردن تأتي على رأس ما يواجه الصحفيون هناك من تحديات وبنسبة تصل إلى 90%، كما أن 96.6% من الصحفيين والصحفيات المستجيبين يرون أن الحكومة لا تحرص على صون استقلالية وسائل الإعلام، ويعتقد 96.6% من الصحفيين والصحفيات أن القوانين تجيز حبس الإعلاميين/ـات، لذلك كانت الرقابة الذاتية في الأردن أكثر من غيرها في الدول الأخرى، وبنسبة وصلت إلى 93.3% من العينة.
ويرى 69% من الصحفيين والصحفيات الفلسطينيين عدم وجود معايير معلنة وشفافة لتصنيف المعلومات في المؤسسات العامة، كما أن نسبة عالية بلغت 72% يعتقدون أن الحكومة تمارس الرقابة على الإنترنت، فيما أقر الغالبية العظمى من الصحفيين والصحفيات وبنسبة 84.4%، بأن الحكومة تعمد إلى حجب مواقع على الإنترنت تنقل أخباراً أو بيانات أو معلومات؛ وهو ما يؤكد أن الرقابة على الإنترنت، وحجب المواقع أمران يرتبطان بالمعلومات وتوافرها، ويعتبران من المشكلات الرئيسية هناك.
ويشكوا 95.5% من الصحفيين /ات في لبنان بأن الحكومة لا تقدم دعما لوسائل الإعلام، والنسبة نفسها 95.5% من الصحفيين والصحفيات يرون أن الحكومة لا تحرص عن صون استقلالية وسائل الإعلام؛ إضافة إلى أن 77.3% يقرون بأن الأجهزة الأمنية تقوم بالاعتداء على الإعلاميين/ات أثناء قيامهم بالتغطية الصحفية.
وأقر %100 من الصحفيين/ات في تونس بوجود حالات اعتداء جسدي، أو لفظي على الإعلاميين/ات عام 2021، كما يرى 80% من الصحفيين والصحفيات أن هناك بطئا في تحديد المسؤولين في قضايا الاعتداء على الإعلاميين/ات والإحالة إلى المحكمة، و80% من الصحفيين والصحفيات لا يعتقدون أن القوانين تدعم الاستثمار في وسائل الإعلام، وهو ما يؤكد أن الإعلام في تونس يحتاج إلى وقفه تدعمه على المستويين المالي، والأمني.
وفي المغرب يرى 70% من المستجيبين أن القوانين تجيز حبس الإعلاميين/ـات، كما يري 75% من العينة أن الإعلاميين/ات يتعرضون لانتهاكات من قبل النيابة العامة و/أو القضاة ــ وهذا هو الأخطر ــ، وعلى الرغم من وجود قانون للحصول على المعلومات في المغرب فإن 95% من العينة يقولون إن هناك تشريعات تحمي حق السلطة في حجب المعلومات.
إن ذلك كله أدى إلى أن يرى العالم مستوى الحريات الإعلامية في الدول الخمس بشكل متدنٍ، ومتقارب.
وفي الوقت الذي أحال فيه التقرير الجديد إلى التوصيات التي أصدرها مركز حماية وحرية الصحفيين في تقاريره العربية السابقة للأعوام (2012 ــ 2018) فقد اشتكى من جدوى تكرار تلك التوصيات، متسائلا "هل تغير الوضع؟"، مستدركا بالقول إنه يقدم توصياته "إلى من يرى أنهم قد يكونوا راغبين في الاستماع إلى صوت العقل، أو في تلقي النصيحة ".
ودعا التقرير السلطات التنفيذية، والتشريعية في الدول الخمس إلى تعزيز علاقاتها مع الإعلام باختيار متحدثين إعلاميين مهنيين قادرين على التواصل الفعال مع الصحفيين، وإمدادهم بالمعلومات التي تساعدهم على أداء مهامهم، وتسهيل عملهم، معتبرا أن استخدام الرئيس وغيره من المسؤولين لمواقع التواصل الاجتماعي لمخاطبة الجمهور هو أمر يضرب مهمة الإعلام في الصميم.
وأوصى التقرير الحكومة الفلسطينية بالإسراع في إجراء الانتخابات التشريعية، والرئاسية في أقرب فرصة ممكنة، فيما دعا الحكومة التونسية لتنفيذ خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد لإعادة الديمقراطية إلى تونس، وإجراء انتخابات تشريعية، وتشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان، وتخلي الرئيس عن سلطة الادعاء العام التي منحها لنفسه، وإعادة مجلس القضاء الأعلى بذات التشكيل إلى العمل مع عرض كافة المراسيم، والإجراءات التي اتخذها الرئيس على البرلمان الذي سيجري انتخابه ليرى رأيه بشأنها.
ودعا التقرير منظمات المجتمع المدني لتشكيل تحالف واسع يضم خبراء قانونين، وإعلاميين، وأعضاء برلمان -في الدول التي تتمتع بسلطة تشريعية- لوضع نصوص بديلة لجرائم الرأي التي تتضمنها قوانين العقوبات، والمطبوعات، ومكافحة الإرهاب، والجرائم الإلكترونية، ومراجعة قوانين إتاحة المعلومات في الأردن، ولبنان، وتونس، والمغرب؛ لضبط المفاهيم، وتقليل الاستثناءات، ووضع مسودة تشريع فلسطيني لتداول المعلومات.
وأوصى التقرير منظمات المجتمع المدني البدء بحملة إعلامية لشرح مشكلة الإفلات من العقاب، والتعريف بها، ووضع تشريع واضح لمعاقبة الاعتداء على الصحفي أو الإعلامي أثناء تأدية وظيفته، وترسيخ مبدأ التعددية النقابية، وطوعية الانتساب إلى النقابات، وإعادة تعريف الصحفي وإعداد أدلة تدريبية نظرية للقضاة، والمحامين تنطوي على أهم السوابق القضائية في الدول الديمقراطية المتعلقة بحريات الإعلام، مع تقديم تفسيرات أكثر تسامحا للقوانين السارية في كل بلد فيما يتعلق بجرائم الرأي، وإنشاء مراكز متخصصة لرصد وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض الصحفيون/ات لها توثيقا علميا، وفقا لأفضل المعايير الدولية في عمليات الرصد.
وطالب التقرير من نقابات الصحفيين، والمحامين في الدول الخمس، البدء بإنشاء مراكز متخصصة لتقديم المساعدة القانونية للإعلاميين، ورفع كفاءتهم المهنية، ورفع كفاءة المحامين العاملين في تلك المراكز.
وأوصى التقرير المجالس التشريعية بمناقشة جدية لدعم وسائل الإعلام المستقلة تضمن التنوع والتعددية في المعرفة، وسن قوانين لإنشاء صناديق مستقلة لدعم الإعلام.
واعتمد التقرير في منهجية إعداده على ثلاثة مصادر وأدوات أساسية، هي البحوث المكتبية بالرجوع إلى عشرات المصادر والأبحاث المتعلقة بالإعلام، وبالدول موضوع الدراسة، ثم جلسات العصف الذهني، واللقاءات المعمقة مع إعلاميين ونشطاء حقوقيين التي أجراها مركز حماية الصحفيين لمناقشة الأوضاع الإعلامية في بلادهم، ثم البحوث الميدانية، وتصميم استمارة تضمنت عددا من الأسئلة، وتكليف النقابات، ومؤسسات إعلامية بإرسالها إلى عينة من الصحفيين والصحفيات، وتلقي إجاباتهم وتحليلها لمعرفة مدى اتفاقها مع نتائج البحوث المكتبية، ومخرجات جلسات العصف الذهني.
-للاطلاع على التقرير كاملا باللغة العربية يرجى زيارة الرابط:
-للاطلاع على الملخص التنفيذي باللغة الإنجليزية الرجاء زيارة الرابط: