خبراء يوصون بتكثيف خدمات الحماية الاجتماعية لكبار السن في الأردن


 
دعا خبراء إلى ضرورة إيلاء أهمية أكبر لتوفير خدمات الرعاية التمريضية والمنزلية وتقديم الدعم المادي لكبار السن بما يضمن إدماجهم في المجتمع وعدم التخلي عن خبراتهم.

وطالبوا، في جلسة نقاشية أمس الإثنين، بتعزيز ضمانات الحماية الاجتماعية لكبار السن لمن هم خارج إطار الخدمة المؤسسية في دور الرعاية أو من تخلت عنهم أسرهم، وإدماجهم في سَنِّ القوانين المتعلقة بهم، أسوة بذوي الإعاقة، والنظر إلى جهودهم وخبراتهم من ناحية تنموية.

جاء ذلك خلال جلسة نقاشية عقدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، بعنوان "الحماية الاجتماعية لكبار السن”، ضمن سلسلة جلسات نقاشية ينفذها المركز في إطار مشروع "الحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مرحلة ما بعد جائحة كورونا".

وناقش الخبراء ومسؤولون في الجلسة أوضاع كبار السن في الأردن والحمايات الاجتماعية المتوافرة والمقدمة لهم، وبخاصة بعد جائحة كورونا، التي اتفقوا على أنها أظهرت ضعف التنسيق بين الجهات المعنية بمراعاة احتياجات كبار السن الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

وركز المشاركون على أهمية إدماج كبار السن في الفئات المحيطة وبخاصة فئة الشباب من خلال الأندية النهارية والزيارات الميدانية لدور رعاية كبار السن، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم بشكل أكبر، بعد أن تسببت جائحة كورونا بعزل كبار السن عن باقي فئات المجتمع.

كما طالبوا بإعادة النظر في أوضاع دور الرعاية في المحافظات التي لا تتضمن دور رعاية رسمية تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية مثل محافظة عجلون، وإيلاء أهمية أكبر في توفير خدمات الرعاية التمريضية المنزلية والدعم المادي اللازم لها.
وقالت عائشة القصراوي، الأخصائية الاجتماعية من مديرية الأسرة والحماية في وزارة التنمية الاجتماعية، إن الاهتمام بقضايا كبار السن أضحى أولوية على مستوى الأردن، وبخاصة بعد ازدياد أعداد كبار السن.

وأشارت إلى أن عدد كبار السن في دور الإيواء بلغت 350 مسنا ومسنة، منهم 150 يقيمون على نفقة وزارة التنمية الاجتماعية بموجب قرارات شراء من خمسة دور ومراكز رعاية كبار السن، وبنسبة إشغال 70% تقريبا من الطاقة الاستيعابية للدور.
وأوضحت القصراوي أن وزارة التنمية الاجتماعية تشرف على تسعة دور لرعاية كبار السن متوزعة ضمن أربع محافظات، منها ست في العاصمة عمان، وواحدة في كل من البلقاء وإربد والزرقاء.
وأشارت إلى أن عدم وجود التخصصات الطبية المختصة بأمراض الشيخوخة والتمريض وقلة أعداد الأطباء النفسيين المؤهلين والمدربين على التعامل مع كبار السن وصياغة الأنشطة التفاعلية المناسبة لهم هي "واحدة من أبرز التحديات التي تواجه واقع كبار السن في الأردن".

ولفتت القصراوي إلى أن الأردن من الدول السباقة في حقوق كبار السن، إذ وضع "استراتيجية كبار السن 2018-2022" بالشراكة مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لإدماج قضايا كبار السن في خطط واستراتيجيات الدولة.

ورأت أن الأردن حقق إنجازا دستوريا يتمثل في المادة 6 فقرة 5 التي نصت على أن "يحمي القانون الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقة ويحميهم من الإساءة والاستغلال"، كما عرّف المشرّع الأردني المسن بأنه "كل امرأة تجاوزت سن الخامسة والخمسين وكل رجل تجاوز سن الستين وبحاجة إلى رعاية وعناية إيوائية".

وأكدت أن وزارة التنمية الاجتماعية تنتهج النهج الواقعي الذي ينظر إلى الانتقال من مرحلة الرعاية المؤسسية إلى الرعاية الأسرية التي تنعكس بدورها على استقرار المسن نفسيا ضمن عائلته دون إلحاقه بدور رعاية كبار السن، مما يوفر له أمنا نفسيا يتواءم مع مرحلته العمرية، ومن ثم إعادة إدماجه مع المجتمع بشكل فاعل وإيجابي.

وعرضت القصراوي للتشريعات الناظمة لعمل قسم كبار السن في وزارة التنمية الاجتماعية، التي تشمل النظام رقم 81 لعام 2012 (نظام ترخيص دور رعاية المسنين والأندية الخاصة بهم لسنة 2012)، وتعليمات ترخيص دور الرعاية الإيوائية للمسنين لعام 2013.
وكذلك تعليمات ترخيص الأندية النهارية للمسنين 2013 ونظام رعاية المسنين لسنة 2021 الصادر بموجب المادة 4 من قانون الشؤون الاجتماعية والعمل وتعديلاته رقم 14 لسنة 1956.
ولفتت القصراوي إلى بدء العمل على مشروع تعديل نظام ترخيص دور رعاية المسنين والأندية الخاصة بهم لسنة 2012، الذي قالت إنه تم رفعه لديوان التشريع للسير في إجراءات إقراره قانونيا.

من جانبها، قالت الدكتورة نجمة العبادي، الأخصائية الاجتماعية في دارات سمير شما لرعاية المسنين، إن جائحة كورونا انعكست سلبا وبشكل واضح على الصحة النفسية لكبار السن في الأردن.

وأوضحت أن دور رعاية كبار السن تعاني من عدم إدماج المسنين اجتماعيا ونفسيا مع المحيط نتيجة الإهمال الاجتماعي والصحي الذي واجهه كبار السن خلال جائحة كورونا، وبخاصة لاحتمالية تعرضهم لخطر الإصابة بالفيروس أكثر من غيرهم.

كما بيّنت أن الدور تعاني قلة دعوات التعاون من المؤسسات المحلية في اتخاذ خطوة إلى الأمام في دمج المسنين مع المجتمع الخارجي، وقلة الأندية النهارية المرخصة، وبخاصة في المحافظات، وعدم توافر بيئة صديقة وداعمة للمسن.


وطالبت العبادي بدمج المسنين في وضع السياسات المتعلقة بهم، وتخصيص تسهيلات وتيسيرات للقيام بالمعاملات المتعلقة بهم مثل معاملات التأمين الصحي والعلاج وغيرها.


وبدوره، أشار حاتم قطيش ناشر موقع الراصد النقابي "رنان"، إلى أن الجزء الأساسي من الحماية الاجتماعية يرتبط بالضمان الاجتماعي الذي وجد لتأمين الحماية الاجتماعية للعاملين والعاملات حين وصولهم لهذه المرحلة العمرية، التي كان من الممكن تجاوزها مسبقا من خلال إصدار برامج لحماية كبار السن الجدد.


ورأى أن الحماية الاجتماعية هي واحدة من مسؤوليات الحكومة الأساسية وبخاصة فيما يتعلق برصد الأموال لها لكونها واحدة من أولويات الخطاب الحكومي، ولا تقف فقط عند تنسيق العلاقة بين العاملين والمؤسسات فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي.


وطالب قطيش بابتكار أساليب لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل جميع فئات المجتمع وبخاصة الأكثر تهميشا وفقرا مثل كبار السن، وأن تكون الخطوة القادمة هي العمل على التشريعات والبرامج القابلة للتنفيذ وتخصيص جزء من الموازنة لها.


ويُنفذ مركز الفينيق مشروع "الحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مرحلة ما بعد جائحة كورونا" بالشراكة مع "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، وموقع "انكيفادا”، و”المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وصحيفة "مدى مصر”، و”مبادرة الإصلاح العربي”، ومنصة "درج” الإعلامية.


AD