حكومة تبيع شعبها اشعة الشمس، ستطرحهم بلا شك في المزاد العلني




يبدو ان صناع القرار قد ضاقوا ذرعا من تذمر الاردنيين وقلق بعض الساسة من ردود الفعل وانفجار موجات الغضب الجماهيرية العارمة على قراراتهم ونهجهم، فشرعوا بمنتهى الجسارة والجرأة التي يبدو انها مستمدة من تحجر القلوب وموت الضمائر، في اتخاذ قرارات رفع الاسعار بالجملة، القرار تلو الاخر، الى درجة ان المواطن لم يعد يعرف من اين ستأتيه اللكمة، ومن يتحمل الوزر، فاختلط عليه الامر و تسمّر في مكانه من هول الصدمة..

البداية كانت برفع تعرفة الكهرباء، ليتبعها مباشرة رفع لسعر الفائدة، وهذا تزامن مع ارتفاع شهدته غالبية السلع الاساسية، وانتهاء برفع اسعار المحروقات مرة واثنتين حتى وصلت الى حدود وسقوف غير مسبوقة على الاطلاق.. وكل هذا يحدث ودخول الاردنيين تراوح مكانها، والقوة الشرائية لهذه الدخول المحدودة والمتدنية تضمحل وتقلّ وتتراجع!!

لم يعد هناك متسع للرأفة، ومجال للتساهل والتسامح مع الاصوات القليلة المعارضة الرافضة المقاومة للمشروع الذي يبدو ان ساعة تطبيقه قد حانت، ولا مجال لشراء المزيد من الوقت، فتلك الحفنة من الرؤوس الحامية مصيرها السجن بسند قانوني يبتدعونه، او حتى بدون سند قانوني سجن على ادراج او تغريدة او تعليق او حتى على افتراض فعل او توقع رد فعل (..).

الشعب يجب ان يقرصه الجوع، ويتجرع بصمت واستكانة غلبة الدين وقهر الرجال، والا كيف سيتحول الناس جميعا الى قطعان من المشتغلين بالمياومة او حتى بالسخرة في خدمة الاسياد، و اعوانهم، والا كيف سننسى انفسنا وهويتنا وارضنا ومقدساتنا، والا كيف سنخضع ونركع و نُحني رقابنا خوفا وطمعا...

انهم ينفذون المخطط و يضعون لمساتهم الاخيرة على حلقاته التي قد شارفت على الاكتمال، ويبدو ان حكومة بشر الخصاونة قد اخذت على عاتقها ان تنهي هذه المهمة (..) وتنفذ الخطوات بتسارع شديد، وذلك لتتمكن من الاجهاز الكامل على الامل والانفة والحلم و المنجز..

رب قائل: ان جميع الدول تعاني اقتصاديا اليوم جراء جائحة كورونا اولا، ومن ثم الحرب الكونية المشتعلة على الاراضي الاوكرانية، فلماذا تحمّلون الامر كعادتكم اكثر مما يحتمل، الاردن لطالما عاش قلاقل واشكالات وازمات سياسية واقتصادية صعبة واستثنائية ولكنه تمكن من البقاء؟

قد يبدو السؤال لوهلة وجيها، ومنطقيا، وله حيثية، ولكن في الحقيقة هو ليس كذلك على الاطلاق، هو سؤال العارف، الشريك، المتورط، او الطامح في الانضمام للجوقة.. مشكلتنا لم تبدأ اليوم، ازمتنا لم تتزامن مع انتشار الفيروس ولا عندما اندلعت الحرب. معضلتنا تشكلت مع تغير معايير واسس اختيار القيادات التي تصل لسدة اتخاذ القرار، و مقومات هذه الشخصيات ومهاراتها ومؤهلاتها، لتستوطن مذ ذاك الحسرة في الصدور، ويتبدد الحلم ويستحيل الى كابوس مقيم..

ما الذي فعلته الحكومات المتعاقبة لتخرجنا من هذا الاستعصاء الاقتصادي المقيم، غير مزيد من الاقتراض والعجز والمديونية، غير مزيد من الجباية وفرض المزيد والمزيد من الرسوم والضرائب، وبالمحصلة ارتهان وتبعية للبنك الدولي واجندة البنك الدولي و مشروع البنك الدولي؟!! ما الذي تفعله حكومة بشر الخصاونة غير السير على هذا النهج المرسوم والمعد؟ جباية حتى تدجين الرعية وتجريف ما تبقى من كرامة وتوق للحرية...

لقد بات واضحا تماما، ان هنالك مواصفة خاصة لكل رئيس وزراء يتم اختياره، وهو ان لا يكون لديه اي خطة او مشروع او رؤية على الاطلاق، وهو امر بات مسلما به من خلال خيبات الامل التي عشناها، ونحن نستقبل رئيسا ونودع اخر . وحالنا يسوء، ونفسنا ينقطع …

يالله، لقد كنا وصلنا الى تخوم الحلم، وداعبنا صوره وشواهده، وبتنا نظن انه بالمتناول، وان وطنا يسكننا لا يفصلنا شئ عن سكناه، ولكن هي لعنة لا تترك من الوطن غير غصة فشله وتفككه وتغير وجهه وملامحه.

و يبقى ان نسأل :على ماذا يراهنون وهم يخنقون الناس بمنتهى البطء والقسوة ؟