في ذكرى عدوان حزيران. .. معالجة عوامل الهزيمة.. هي عوامل النصر ؟

 
ما كان للعدوان الإستعماري الإسرائيلي أن يحقق أهدافه العدوانية التوسعية لولا الإنحياز الأمريكي الأوربي " لإسرائيل " ووجود المناخ العربي الرسمي الذي تميز بعدد من السمات من أهمها :

أولا : الخلافات والنزاعات البينية بين عدد من قادة الأنظمة العربية على حساب القضية الفلسطينية والأمن العربي ومصالحه بلغت مرحلة العداء مما حفز الكيان الإستعماري الإسرائيلي وراعيه لشن عدوانه الهمجي على مصر وسوريا والأردن .
ثانيا : الإعتماد بمصادر التسلح على القوى الإستعمارية والخارجية بديلا عن بناء صناعة عسكرية بعقول وموارد عربية تلك القوى التي أجمعت مصالحها على تأسيس كيان إستعماري مصطنع على أرض فلسطين التاريخية ومكنته من حيازة قوة عسكرية وإقتصادية وسياسية وتكنولوجية تفوق مجموع ما تملكه الدول العربية عددا ونوعية .
ثالثا : غياب الإرادة الرسمية المقرونة بالإعداد لمعركة تحرير فلسطين في مواجهة المخطط الإسروإستعماري للهيمنة والسيطرة على مقدرات وثروات الوطن العربي الكبير بأقطاره والتحكم بمفاصل القرار بمحاوره المختلفة .
رابعا : تغييب وغياب العمل العربي المشترك الذي يشكل عنصرا أساس من عناصر القوة .
خامسا : هجرة العقول الناجمة عن غياب بناء المؤسسات البحثية وعن تغييب لدور وإحترام الكفاءات التي تمثل الرافعة الحقيقية لبناء نهضة الدول قطريا وقوميا .
سادسا : غياب الديمقراطية باسسها ومعاييرها من فصل للسلطات و ترسيخ لقيم المواطنة والمشاركة في إتخاذ القرارات عبر إنتخابات دورية ونزيهة وما نجم عن ذلك من فجوة بين الحكام وشعوبهم .
تداعيات عدوان حزيران 1967 :
لم تزل تداعيات العدوان الإسرائيلي الإستعماري المدعوم امريكيا واوربيا قائمة وماثلة أمام المجتمع الدولي من مواصلة :
• إحتلال لهضبة الجولان السورية
• إحتلال إحلالي إرهابي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة بعاصمتها القدس والمعترف بها دوليا وما يرافقها من إرتكاب سلطات الإحتلال الإستعماري جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ومختلف أشكال الإنتهاكات الصارخة للشرعة الدولية ولمبادئ وميثاق الأمم المتحدة بحق فلسطين شعبا ووطنا دون خوف من المساءلة والعقاب بالرغم من صدور مئات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بمؤسساتها الجمعية العامة ومجلس الأمن تدعو إلى إنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 .
• تبجح وعنجهية إستعمارية إسرائيلية صهيونية عنصرية لم تتوقف سواء عبر الإعلان المتواصل لقياداتها يمينها ووسطها ويسارها عن نوايا سلطات الاحتلال الإستعماري الإسرائيلي بتابيد إستعماره لجميع فلسطين أرضا ومقدسات إسلامية ومسيحية ونكران حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف أو عبر الصلافة بالتعليق على إتفاقيات الإستسلام التي ابرمتها أنظمة عربية إبان عهد ترامب بأن هذه الإتفاقيات تنبع من القوة " الإسرائيلية " وما حملته هذه التصريحات من إساءة لتلك الدول وقادتها دون ردة فعل تنتصر لذاتها .
• إستباحة الأمن العربي وإستقراره تمهيدا لإدماج الكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي في الوطن العربي والعالم الإسلامي كمقدمة لتسييده ودول إقليمية لقيادة الوطن العربي الكبير بأقطاره المختلفة .
• حرمان الوطن العربي الكبير بأقطاره من بناء عناصر قوته العسكرية والإقتصادية والتنموية وحتى القرارات السياسية المستقلة وما سياسة الرئيس الأمريكي السابق ترامب والحالي بايدن للضغط على دول عربية للإعتراف بالكيان الإسرائيلي الإستعماري المصطنع دون تحديد حدوده إلا نموذج حي لذلك .
المطلوب لمواجهة المخطط الإستعماري :
من حيث المبدا ونحن نستذكر مرور 55 عاما على العدوان الإسرائيلي التوسعي المستمر بنتائجه بل ويزداد شراسة وعنجهية وتصميما على المضي بإستراتيجيته التوسعية موظفا الدعم الأمريكي :

▪بحرف بوصلة الصراع مع العدو الاسرائيلي إلى دول وعناوين أخرى .
▪ إتخاذ الإتفاقيات المذلة التي تم إبرامها مع دول عربية كمبرر لعدم إتخاذ اي خطوة عملية نحو إنهاء إحتلاله الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس الشريف ولإتخاذها كمرحلة إنتقالية تمكنه من الكشف الحقيقي عن نواياه العدوانية بإستهداف لأمن وإستقرار تلك الدول التي لها في نكوص " إسرائيل " عن الإيفاء بإلتزاماتها وتعهداتها المنصوص عليها بإتفاق أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبمعاهدة وادي عربة مع المملكة الأردنية الهاشمية وبإتفاقية كامب ديفيد مع مصر إلا دليل وشاهد حي على أنه كيان لا يمكن الوثوق به أو الإعتماد عليه وما عدم الإيفاء وإحترام لإلتزاماته بل والإنقلاب على تلك الإتفاقيات والمعاهدات حالما تحين الفرصة المناسبة إلا دليل ورسالة واضحة للدول التي تفكر او تتعرض لضغوط للإعتراف بكيان مصطنع ومارق لا يعترف او يقر بمبادئ وميثاق الامم المتحدة مما يتطلب من تلك الدول الغارقة في وهمها ان تتوقف عن سراب تحقيق أمنهم وإزدهارهم بإقامة أو تعزيز العلاقة مع الكيان الإستعماري الإسرائيلي .
الطريق نحو القوة والنصر :
بناءا على ما تقدم ولضمان أمن وإستقرار ووحدة الأقطار العربية يتبين لنا أهمية وضرورة سلوك النهج الرسمي العربي سياسة إستراتيجية موحدة تحدد الأخطار القادمة التي تستهدف الأمن العربي ببعديه القطري والقومي وكيفية مواجهتها ككتلة متماسكة.
قوام هذه الإستراتيجية تقضي بتعزيز عناصر القوة و مغادرة مربع الضعف المبينة أعلاه وما ادت إليه من إحتلال إستعماري لفلسطين والجولان وسيناء إثر عدوان حزيران عام 1967 وادى لاحقا لإستباحة أمن وإستقرار العديد من الدول العربية التي إعتقد قادتها أنها عصية على الإستهداف المدمر الذي لا زال يهدد بمزيد من التهديدات والتحديات للمشروع العربي قطريا وقوميا .
على صعيد القضية الفلسطينية :
ستبقى القضية الفلسطينية تمثل القضية المركزية لدى الشعب العربي ولدى قادة الدول العربية فالمشروع الإستعماري إستراتيجيا لم يستهدف فلسطين بداية إلا لضمان تحقيق وترسيخ هيمنته على عموم المنطقة العربية موظفا الكيان الإستعماري الإسرائيلي كأداة تهديد وهذا ما حصل في عدوان حزيران وحاليا لتوظيفه كاداة آمان من خلال تمكينه من المشاركة بالإستراتيجية العسكرية والإقتصادية لدول بدأت تعتبر الكيان الإستعماري الإسرائيلي المصطنع حليفا .
هذه الحقيقة لن تطول معها الضبابية السياسية لبعض الدول التي ستدرك أن التحدي والخطر الحقيقي يتمثل في الكيان الإستعماري الإسرائيلي الذي لا حدود لمخططاته التوسعية وما إجراءاته الهادفة إلى تابيد إستعمارها الإحلالي لفلسطين وتصريحات قادته المعادية للعرب والمسلمين إلا دليل على ما يمثله من العنوان الأوحد بالخطر المباشر أو بدور الوكيل على المصالح والأمن والاستقرار والإزدهار والوحدة الجغرافية للدول العربية مما يستدعي من جميع الدول العربية العمل وقبل فوات الأوان إلى عزله حتى إذعانه بتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وذلك بإنهاء إحتلاله الإستعماري لأراض دولة فلسطين المحتلة بدءا بالأراضي التي تم إحتلالها عام 1967 وصولا للحدود المقررة والمحددة بقرار التقسيم الظالم رقم 181 والذي يعني عمليا إجهاض مخططها التوسعي بإقامة كيانهم السرطاني من النيل إلى الفرات .
إذن عوامل النصر وإجهاض مخططات القوى الإسروإستعمارية تتطلب إرادة سياسية صلبة بترجمة عواملها من مربعها النظري إلى المربع العملي في ظل توافق عربي على إستراتيجية مشتركة تولي أمنها وإستقرارها ومصالحها الأولوية ... وستبقى فلسطين وحريتها وإستقلالها العنوان لليقظة وصون حقوقنا نحو الوحدة والنصر بإذن الله تعالى.... ؟!