جنود مجندة
تخفي مشاعر فرحك أو حزنك، حبك أو بغضك، هدوئك أو غضبك، سلمك أو حربك. متظاهراً بالنقيض تماماً سواءً برسم ضحكة عريضة مخفيا وراءها الكثير من الدموع والأشجان، أو بوجهٍ حزين مخفياً خلفه ضحكات صاخبة، هدوء مفتعل لطمر بركان هائج، عصبية مصطنعة ترقص ببطء على لحن هادئ، أو برود يذيب جبالاً من الجليد الصامد، أو معلناً استسلامك وما زلت تحارب في أعماقك.
إخفاء المشاعر عن المقربين ما هي إلا محاولة فاشلة، قد تتمكن من إخفائها عن الناس غير المقربة، أما أولئك الذين عشت معهم عن قُرب وكثب وتشاركتم العديد من المواقف والذكريات معاً، فستكون كذبة تقنع نفسك بها وتصدقها أنت فقط.
محاولات التضليل هذه، لن يلحظها إلا مقربٌ إليك، يفهمك من نظرة عينيك، من نبرة صوتك وطريقة حديثك، من كلماتك، من حركات يديك، من همهمة أنفاسك، هو الوحيد القادر على معرفة بأنك لست على ما تظهره.
ذاك المقرب منك روحاً وقلباً وليس عقلاً أو مسافة لن يفوته أمر كهذا! يعرف تماماً ما يجوب في خاطرك، فلا يحتاج منك إلى التبرير والإنكار أو حتى الإقرار.
أؤمن تماماً بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم إن "الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".
فليست الأجساد من تتلاقى وليست الكلمات التي تجعلنا نتواصل، بل هي الأرواح التي تتجاذب وتحدثك بلغة لا تفهمها إلا اذا كنتم على قدرٍ عالٍ من الترابط.
لا تكذب على نفسك أولا ثم على المقربين منك، فالجميع يعلم الحقيقة لكن ليس الجميع قادراً على معارضتك أو حتى مجاراتك..