الضمان والتأمين الصحي والحكومة.. كل يُغنّي على ليلاه..!
لن ينفع مدير مؤسسة الضمان الاطلاع على التجربة التركية في مجال التأمين الصحي، ولن يتمكن من فرض اشتراكات جديدة على أصحاب العمل والمؤمّن عليهم لقاء تطبيق التأمين الصحي من خلال مؤسسة الضمان، ولن ينجح في إقناع الحكومة في المساهمة مع المؤسسة في تمويل هذا التأمين، ولن يتمكن من تقديم خدمات تأمين صحي اجتماعي شامل ومقبول، كما لن يضمن استدامة هذا التأمين ولا كفاءته، كما لن يتمكن من المحافظة على التوازن الاكتواري لصندوق التأمين الصحي مستقبلاً، وسيكون من الصعب على المؤسسة تخصيص احتياطي مالي كافٍ يُمَكّنها من الاستجابة لأي متغيرات مفاجئة في كلف الرعاية الصحية مثل الأمراض والأوبئة والحوادث العامة، وارتفاع معدلات البطالة المفاجىء وغيرها.
في ضوء ما سبق، أرى أن المخرج الوحيد هو ترك موضوع التأمين الصحي حالياً للحكومة ممثلة بوزارة الصحة، وأن تعمل الحكومة على تنفيذ ما جاء في الرؤى الاقتصادية والبرامج التنفيذية الكثيرة التي تبنّتها الحكومات للوصول إلى برنامج تأمين صحي شامل للجميع يقوم على أساس تشاركي كامل وشامل للجميع بمن فيهم مجتمع الضمان الاجتماعي من متقاعدين
ومشتركين، وأرى أن هذا قابل للتنفيذ من خلال إنشاء هيئة عامة مستقلة للتأمين الصحي، تضم كل الأطراف والقطاعات المعنية بهذا الموضوع من وزارة صحة وخدمات طبية ملكية ومستشفيات جامعية وضمان اجتماعي.
يجب أن تصحو مؤسسة الضمان فوراً وأن يستفيق مديرها من حلمه، فالتأمين الصحي الاجتماعي الذي يتحدثون عنه غير مقبول، والتأمين الصحي الشمولي لن تستطيع المؤسسة تطبيقه، أما التجربة التركية في هذا التأمين فهي تعتمد على تشاركية كل الأطراف في تحمّل كلف التأمين، بمن فيهم أصحاب العمل، وهذا ما لا نستطيعه في الأردن في الوقت الحاضر على الأقل.
أقولها بصراحة بأن التأمين الصحي بالسيناريوهات المقترحة من الضمان لن يرى النور أبداً لأنه غير مُمَكَّن ولا مُحصّن ولا مُؤَمَّن، وسوف يغادر مدير الضمان موقعه قريباً دون أن يفعل شيئاً أو يحقق تقدماً بالتأمين، ولن يُغامر مَنْ سيحل مكانه بالدخول في هذا الحقل الشائك وفق السيناريوهات المطروحة حالياً..!
ولعدم إضاعة الوقت وهدر الجهد والمال يجب على الحكومة أن تتفق مع الضمان على الأولويات، ولا يجوز أن تبقى كل منهما تُغنّي على ليلاها..!