ماذا يقرأ اطفالنا في المكتبات، هل نجنبهم صور الشذوذ وبشاعة اطواره، ام نقوم بالعكس تماما؟
كتبت هديل الدسوقي -
اليوم قمتُ بالذهاب لمكتبة مؤسسة عبد الحميد شومان فرع الزرقاء للاشتراك فيها أنا وابنتاي سلمى وسارة آملة أن تكون هذه الخطوة بداية طريقٍ جميل لتقوية علاقة سلمى وسارة بالكتب والمكتبة، وشكلاً جديداً في الترفيه خارج المنزل وبعيداً عن الأجهزة الإلكترونية !
اخترنا بعض الكتب لكنها لم تكن ضمن خيارات الاستعارة وكان الوقت قد شارف على الانتهاء فأخذنا على عجلٍ كتباً أخرى، بقي في نفسي شيءٌ إذ لم أطلع على القصص قبل استعارتها فقمت بقراءة سريعة لها قبل أن تطلع سلمى عليها بعد عودتنا للمنزل وإذ بالكارثة التي كانت ستكون بين يدي طفلتي !
هذه الصور من الكتاب المستعار تحت عنوان "الاختلاف" !!
هل من الاختلاف الطبيعي الذي يجب توعية الطفل به، ليغرس في الطفل الاحترام والتقبل للآخرين أن تكون صورة العائلة لديه "طفلٌ وأمّان اثنتان" !!
هل من الاختلاف الطبيعي ليُعرض لأطفالنا أنه يمكن أن يكون للطفل "والدين ذكرين اثنين" !!
اليوم في ظل الهجمة الفجة والشرسة من قبل أصحاب الفِطَر غير السليمة التي يريدون فيها بوقاحة فرض أنفسهم بين العالم والناس دون أدنى اعتبارٍ للدين والعرف والأخلاق والفطرة، وما نحاوله كأهالي من أخذ الحيطة والحذر وحماية أطفالنا من كل ما هو مشبوه من قنواتٍ وأفلامٍ ورسوم متحركة وألعاب !
تأتينا هذه القذارة فجأة من القصص والمكتبة ومن دار نشرٍ عربية أردنية -بقصدٍ أو دون قصد- !!
مؤسسة ومكتبة عبد الحميد شومان، المؤسسة العربية والوطنية التي كنتُ أتطلع بحماسٍ لفتح فرعٍ لها في الزرقاء لتكون ملاذاً آمنا لبناتي في ظل كل هذه الفوضى؛ ظانةً حسن النية بها وأن ما ستنتقيه وتعرضه لن يكون إلا ذا قيمة أدبية وأخلاقية ..
أين هي من الرقابة على محتوى ما تعرضه في مكتباتها ؟!!
وأين مؤسسة المكتبة الوطنية الأردنية / National Library of Jordan من الرقابة على محتوى الأطفال الذي تقدمه المكتبات الأردنية ولا يُؤذن بطباعته ونشره إلا بعد المرور عليها والتأكد من أنّه يوافق ديننا وقيم دولتنا الأردنية الهاشمية؟!
لا بد من اتخاذ إجراء واضح وحازم من مكتبة عبد الحميد شومان ومراقبة محتوى كتب وقصص الأطفال التي تعرضها، ولا بد للجهات المعنية من محاسبة دار النشر .
وفي وقت لاحق، أصدرت مؤسسة شومان البيان التالي:
منذ مساء يوم السبت 25/6/2022، توالت علينا المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية، كما تابعنا على وسائل التواصل الالكترونية تعليقات تتهمنا بأن ضمن موجوداتنا كتاب للأطفال يدعو إلى "المثلية”.
كان هناك الكثير من التعليقات معظمها يهاجم المؤسسة إلى الحد الذي كما لو أنه يتهمها فيه أن لديها "منهاجا خفيا” تسعى من خلاله إلى هدم الأخلاق.
وبما أن الوقت كان متأخرا، فقد ارتأينا بعدم الرد على الحملة، إلى حين الاطلاع على الكتاب وفحص محتواه بكافة تفاصيله.
هذا الأمر تم صباح الأحد 26/6/2022، فقد اجتمع فريق متخصص من كادر المؤسسة، وأعاد فحص محتوى الكتاب، وتاليا الملاحظات الفنية التي خرج بها: –
1) محتوى الكتاب:
أ. المحتوى الكتابي: لا يوجد في المحتوى الكتابي أي شيء يشير، ولو من بعيد، إلى أي أمر له علاقة بـ”المثلية”، بل يمكن تقييم هذا المحتوى بأنه جيد من خلال تعريف الطفل إلى حجم الاختلافات فوق كوكب الأرض. كما يعرف الطفل أن هناك آخرين يشاركوننا هذا الكوكب. ولا يوجد أي نص يشير أو يشي بأن هناك عائلة مكونة من "أب وأب” أو "أم وأم”.
ب. المحتوى البصري: جاء الكتاب في حوالي 100 صفحة من القطع المتوسط، فيها أكثر من 40 رسما، جميعها رسومات تعكس المحتوى الكتابي تماما ولا تترك أي مجال للتأويل. هناك رسمتان اعتمد عليهما المنتقدون والمهاجمون تظهران امرأتين مع طفل في الأولى، ورجلين مع طفل في الثانية، والقصتان تبعدان عن بعضهما بأكثر من ثمانين صفحة. نحن في مؤسسة عبد الحميد شومان لم نتعامل مع الرسمتين بكل هذا التأويل، خصوصا بأننا مجتمع عربي ما تزال فيه العائلة الممتدة حاضرة بقوة في حياتنا. فهناك الجد والأب والأخ والعم والخال وهناك الجدة والأم والأخت والعمة والخالة.
2) الكتاب مجاز للبيع والعرض في الأردن، فهو صادر عن دار نشر أردنية غالبا ما يشاد بمنشوراتها، ونحن في مؤسسة عبد الحميد شومان نتعامل مع هذه الدار وغيرها من دور النشر المحلية على أنها ذات موثوقية عالية، وأن محتواها قد تم فحصه ومراجعته.
3) رغم أن محتوى الكتاب لا يظهر ما اتهم به، إلا أن مؤسسة عبد الحميد شومان ارتأت سحبه من العرض والإعارة، فنحن وقبل كل شيء لا نريد أي تعارض مع رسالتنا التي نحملها على مدار أكثر من أربعين عاما، حتى لو كان ذلك التعارض عن طريق الشبهة والتأويل.
إن بناء الإنسان؛ علميا وثقافيا ومعرفيا، والتشديد على الفطرة الإنسانية السليمة، هي أولويات عمل مؤسسة عبد الحميد شومان، ونحن لن نفرط في هذه الأولويات.
لقد ارتأينا في مؤسسة شومان إصدار هذا البيان، انطلاقا من التزامنا برسالتنا وقيمنا الأردنية، ومن أجل جميع ما نؤمن به من قيم الخير والجمال. وأيضا، تلافيا لأي تشويش على عمل المؤسسة، سواء كان متعمدا أو من غير قصد.