يائير لابيد يتسلم رئاسة الحكومة الإسرائيلية خلفا لنفتالي بينيت
تولى يائير لابيد رئاسة الحكومة الإسرائيلية عند منتصف ليلة الجمعة، خلفا لنفتالي بينيت بعد تصويت النواب الإسرائيليين على حل الكنيست، وتحديد الأول من تشرين الثاني/نوفمبر موعدا للانتخابات التشريعية.
الخميس، أقر النواب الإسرائيليون حل الكنيست؛ مما يفتح الباب لإجراء انتخابات تشريعية ستكون الخامسة خلال ثلاث سنوات ونصف السنة.
ونجح يائير لابيد (58 عاما) النجم التلفزيوني السابق الذي لم يأخذه الإسرائيليون على محمل الجد بعد دخوله معترك السياسة منذ 10 أعوام، في إقصاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الحكم، بعد أن جمع أحزابا من كل التيارات في حكومة واحدة.
حين اعتزل الصحفي السابق العمل التلفزيوني في 2012 لتأسيس حزبه "يش عتيد" (هناك مستقبل)، اتّهمه منتقدوه باستغلال شعبيته كمقدّم برامج ناجح لجذب الطبقة الوسطى.
وفي انتخابات كانون الثاني/يناير 2013 حصل على المركز الثاني إثر حملة انتخابية ركزت على الطبقة الوسطى المتعثرة التي كانت خاضت احتجاجات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة وتمتع فئة بعينها من النمو الاقتصادي.
يقول عضو البرلمان من حزب "يش عتيد" دوف ليبمان، إن دافع لابيد لدخول المعترك السياسي ليس شخصيا، ولا علاقة له بتعزيز العلامة التجارية التي يمتلكها.
ويضيف ليبمان الذي اعتزل السياسة وانسحب من الحزب لاحقا لوكالة فرانس برس "لم يكن بحاجة إلى ذلك، كان وضعه الاقتصادي مستقرا، ويتمتع بالشهرة".
تحديات
اتسمت رحلة لابيد السياسية التي بدأها وزيرا للمالية في عهد نتنياهو بالإثارة، وكانت مليئة بالتحديات في ظل رهان منتقديه على الفشل.
لكنه ما لبث في العام 2015 أن انضم إلى المعارضة، وأصبح أحد أهم الزعماء الراغبين في الإطاحة بنتنياهو.
بعد نحو عشر سنوات، بلغ لابيد منعطفاً أساسياً في مسيرته السياسية وفي السياسة الإسرائيلية المتذبذبة، وأنجز المهمة التي وضعها لنفسه: طرد بنيامين نتنياهو المتهم بالفساد الذي أمضى أطول فترة في رئاسة الوزراء، من السلطة.
في الانتخابات التشريعية التي جرت في 23 آذار/مارس 2021، حلّ حزبه في المرتبة الثانية وراء الليكود بزعامة نتنياهو وعلى إثر إخفاق رئيس الوزراء السابق بتشكيل الحكومة، أوكلت المهمة للابيد.
وقّع لابيد في الثاني من حزيران/يونيو العام الماضي اتفاقا على تشكيل ائتلاف الحكومي بالتحالف مع ثلاثة أحزاب يمينية بينها حزب "يمينا" القومي المتطرف، وحزبين يساريين، واثنين من الوسط وحزب عربي يتبع الحركة الإسلامية الجنوبية.
وحصل هذا الائتلاف الذي ارتكز على التناوب على اليوم على ثقة الكنيست.
وترأس نفتالي بينيت الحكومة الإسرائيلية، بينما أوكلت للابيد حقيبة الخارجية.
وكان بينيت أكد الأسبوع الماضي مع إعلانه عدم إمكانية الائتلاف على الاستمرار أنه ملتزما بالاتفاق.
وبعد حل البرلمان، وإلى حين إجراء الانتخابات، سيتولى لابيد الذي يشغل منصب وزير الخارجية، رئاسة الوزراء.
قبل أيام من تنصيبه ليكون رئيس الوزراء الإسرائيلي الرابع عشر، ركز لابيد على قضية تكاليف المعيشة وهو الملف ذاته الذي ارتكزت عليه بداية عمله السياسي.
ويواجه لابيد مجددا هذا الملف خاصة مع ارتفاع كبير بالأسعار، وكانت مدينة تل أبيب الساحلية صنفت في كانون الأول/ديسمبر الماضي كأغلى مدينة في العالم.
ويواجه رئيس الوزراء الجديد تحديات جيوسياسية أيضا تتركز حول الملفات الإيرانية وحزب الله اللبناني.
وقال "حتى لو كنا متجهين نحو الانتخابات في غضون أشهر قليلة التحديات التي نواجهها لن تنتظر، نحن بحاجة إلى معالجة تكاليف المعيشة".
صفعة جديدة
وبشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تمثل مواقف لابيد يمين الوسط بشكل كبير؛ وذلك على عكس اليميني المتشدد بينيت.
يفضل لابيد إجراء محادثات مباشرة مع الفلسطينيين لحل الصراع؛ لكنه شكك في رغبتهم في صنع سلام حتى أنه ذهب إلى الدفاع عن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.
تشير المعطيات إلى نية توجيه لابيد لصفعة أخرى جديدة لنتنياهو في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
في انتخابات آذار/مارس 2020، خاض لابيد الانتخابات ضمن الائتلاف الوسطي "أزرق أبيض" بزعامة الجنرال بيني غانتس، غير أنّه انسحب منه بعد إبرام غانتس اتفاقاً مع حكومة نتنياهو.
وتراجعت شعبية غانتس بعد ذلك.
ووصف حكومة الوحدة بين نتنياهو وغانتس التي لم تدم طويلا بأنها "ائتلاف سخيف" وتوقع انهيارها، وهذا ما حصل فعلا.
صحافة وفنون
ولد لابيد في تشرين الثاني/نوفمبر 1963 في تل أبيب حيث تتركز شعبيته.
بدأ العمل في صحيفة "معاريف" ثم انتقل إلى صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأوسع انتشاراً بين الصحف الإسرائيلية، وبات اسمه معروفاً ككاتب عمود.
ونشر عشرات الكتب، وألّف وأدّى أغنيات، ولعب حتى أدواراً في أفلام.
كان والده تومي لابيد صحفياً قبل أن يصبح وزيراً للعدل.
أما والدته شولاميت، فهي كاتبة روايات بوليسية شهيرة، أصدرت سلسلة تحقيقات بطلتها صحفية.
مارس لابيد الملاكمة كهاو ويتدرب على الفنون القتالية.
وتمكّن لابيد الذي يقدّم نفسه على أنّه ليبرالي وعلماني، من رصّ صفوف الوسط، فيما يتعرض لانتقادات في أوساط اليهود المتشددين.
أ ف ب