المكتئب..
بعد كل هذه التجارب والخبرات والقراءة والإطلاع في كافة مجالات الحياة، والتعامل مع كلا الجنسين من شتى الجنسيات والأقطار، أصبحت قادرة نوعاً ما على وصف الشخص المكتئب أو (صفة الاكتئاب).
المكتئب بوجهة نظري هو شخص غير قادرٍ على إجابة نفسه عن سؤالين أساسيين؛ الأول من أنا؟ و الثاني ماذا أريد؟
يجد نفسه ضائعاً في كل مرةٍ يسأل فيها نفسه عن هويته، عن مبادئه، عن صفاته، عن طباعه، عن ما يحب وما يكره.
لا يمتلك نصف إجابة عن هذه الأسئلة، تائه مشتت في محاولة تجميع أشباه إجابات. إجابات قد تكون صحيحة، خاطئة، غير منطقية، أو لا تتناسب مع هويته فعلاً.
هو لا يعرف ما يريد حقاً، ما هي قراراته، ما هي طموحاته، أفكاره، قيمه ومبادئه، أو ما سبب وجوده أصلًا في هذه الحياة. يجد نفسه مجتهدًا دائمًا بتحصيل إجابات عن هذه الأسئلة ممن هم حوله.
لأنه في كل مرة يكون مبتغاه إرضاء جميع مَن حوله، يحاول تقمص أدوار لا تليق به، ينسخ أفكار غيره، يفكر مرارًا و تكرارًا كيف يمكنه نيل القبول، يبحث عن ما هي الأشياء التي ان فعلها يحظى على استحسان الناس.
بهذه التصرفات تجده سائرا خلف أولئك المحيطين به، مهمشًا رغباته واحتياجاته، و مهملاً قناعاته و مبادئه وحتى هواياته.
لا يستطيع التعبير عن نفسه و هويته لا بمظهره، ولا بطريقة لباسه، و كلامه، حتى بأكله و مشربه. يطمس هويته التي تمثله التي يتفرد بها وحده عن غيره، يمحي اشياءه الأساسية التي يحتاج، يكبت اراءه و رغباته.
يفعل و يتصرف بكل ما يناقض من هو و ماذا يريد. ضالاً باجوبته لنفسه، تائهاً في طريق مليء بالالتباسات و الحيرة.
ارضاء الناس غاية لا تدرك، إن سعيت ورائها ستضيع هويتك و تطمس ملامح شخصيتك، تصبح تعيساً في مراحل عمرك، لإنك تكترث دائماً لآراء و أفكار الآخرين، متجاهلاً افكارك و طموحاتك.
ينتهي بك المطاف بذاك الشخص المكتئب التعيس الحزين، غير السوي فكرياً و جسدياً، و المشوش ذهنياً، غير القادر على اتخاذ قرار واحد يتناسب مع افكاره و معتقداته هو و ليس هم، او حتى بابسط الأمور لا يستطيع إبداء رأيه في قضية ما، خوفاً من التنمر أو الرفض المجتمعي.
دائماً قبولك لنفسك أهم من قبول الآخرين لك، رضاك انت عن أفعالك و تصرفاتك اسمى من رضا من هم حولك، قيمتك في عينيك أعلى من قيمتك في أعين الناس، حفاظك على مبادئك و معتقداتك أرقى من السعي وراء استحسانهم. إجابتك الحقيقية الصريحة لنفسك على الأسئلة التي تدور في رأسك افضل من الف جوابٍ منمق و مزيف لهم.