الأضحية.. الحكمة منها وحكمها وفضلها

ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، وما عمِلَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللَّهِ من إهراقِ الدَّمِ، فالأضحية من شعائر الإسلام العظيمة، التي نتذكر من خلالها معاني الإيثار، وشكر الله تعالى على نعمائه، والتوسعة على الأهل والأولاد، وإدخال السرور على الأصدقاء والفقراء، وكذلك طاعة أبينا إبراهيم عليه السلام لربه سبحانه وتعالى؛ فالأضحية استجابة لأمر الله تعالى، فينبغي للمسلم أن يهتم بأمر الأضحية، ويعظِّمَ شأنها، ويجتهدَ في المحافظة عليها، وأوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بعضَ أحكام الأضحية وآداب المضحِّي منها:

الحكمة من مشروعيتها

وقد شُرعت الأُضْحِيَّة لحِكَمٍ سامِيةٍ كثيرة، منها:

1. الأُضْحِيَّة شكرٌ لله تعالى على نعمتي المال والحياة.
2. الأُضْحِيَّة شعيرة من شعائر الإسلام، وقد شُرعت تقربًا إلى الله تعالى، واستجابةً لأمره.
3. الأُضْحِيَّة توسعة على النفس والأهل والمساكين، وصلةٌ للرحم، وإكرامٌ للضَّيف، وتودُّدٌ للجار، وصدقةٌ للفقير، وفيها تحدُّثٌ بنعمة الله تعالى على العبد.
4. الأُضْحِيَّة إحياءٌ لسنة سيدنا إبراهيم الخليل حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل في يوم النحر.
5. الأُضْحِيَّة دليلٌ على التصديق المطلق والتام بما أخبر به الله عز وجل، وشاهدٌ على صدقِ إيمان العبد بالله، وسرعةِ امتثاله لما يحبُّه ويرضاه.
6. الأُضْحِيَّة شعيرة يتعلم المؤمن من خلال فعلها الصبر، فكلما تذكر صبرَ إبراهيم وإسماعيل وإيثارَهما طاعةَ الله تعالى ومحبتَه على محبة النفس والولد كان ذلك كلُّه دافعًا إلى إحسان الظن بالله، وأنه تولدُ المنحةُ من رحِمِ المحنَةِ، وأن الصبر سبب العطاء ورفعِ البلاء.

 

فضل الأضحية

تشتمل الأضحية على مجموعة من الفضائل، بيانها فيما يأتي: بين النبيّ أنّها أفضل عملٍ يقوم به المؤمن يوم عيد الأضحى؛ ففي الحديث الذي روته السيدة عائشة أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما عمِلَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللَّهِ من إهراقِ الدَّمِ)، والسنّة ذبحها بعد صلاة العيد ومن ذبح قبل الصلاة فلا تُعتبر أضحيةً.
داوم النبيّ -عليه الصَّلاة والسلَّام- على الأضحية؛ كما روى ابن عمر أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ضحّى عشر مراتٍ وهو في المدينة، فحريٌ بالمؤمن الاقتداء به.
واعتبرت الأضحية من شعائر الله -تعالى- التي يدلّ تعظيمها على حصول التقوى في قلب المسلم؛ قال -تعالى-: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).
واقترن الذَّبح بالصلاة في كتاب الله العزيز في عدّة مواطن؛ ممّا يدلّ على أنّها من أعظم الطاعات، وأهمّ القُربات؛ قال -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).

حكم الأضحية

لقد تعددّت آراء الفقهاء في حكم الأضحية إلى رأيين، وهما: سنّة مؤكّدة؛ وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، واستدلّوا بحديث أم المؤمنين أمّ سلمة -رضي الله عنها- الذّي روته عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا)،[٨] فإنّ قوله "إذا أراد أحدكم" يُحمل على الإرادة، والواجبات لا تُعلّق على إرادة المسلم أو رغبته. واجبة؛ وقد اعتمد هذا الرّأي الحنفيّة، ودليلهم في ذلك الأمر الوارد في الآية الكريمة: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، والأمر يفيد الوجوب.